TOP

جريدة المدى > سينما > الدراما العراقية.. أزمة نص أم أزمة انتاج.. البنفسج الأحمر أنموذجا

الدراما العراقية.. أزمة نص أم أزمة انتاج.. البنفسج الأحمر أنموذجا

نشر في: 25 فبراير, 2015: 05:57 ص

 لم تستطع الدراما العراقية ان تتواصل على مدى سنواتها الطوال منذ دخول التلفاز الى المجتمع العراقي بعد العام 1956 وتحوله الى محطة استراحة وجمع شمل للأسر العراقية يتلقفون ما يقدمه من برامجيات وافلام بشوق ومتعة , ومنذ ان بدأت الخطوات الاولى للفرق ال

 لم تستطع الدراما العراقية ان تتواصل على مدى سنواتها الطوال منذ دخول التلفاز الى المجتمع العراقي بعد العام 1956 وتحوله الى محطة استراحة وجمع شمل للأسر العراقية يتلقفون ما يقدمه من برامجيات وافلام بشوق ومتعة , ومنذ ان بدأت الخطوات الاولى للفرق الاهلية المسرحية في تقديم اعمالها الحية عبر شاشته ، والتلفزيون العراقي يشهد اقبالا ومتابعة كبيرين حتى قيل انه نافس المسرح والسينما في مجال استقطاب المشاهدين ليس في العراق فقط بوصفه البلد الاول في الشرق الاوسط الذي حل فيه التلفاز ضيفا مرحبا به وانما في انحاء العالم الشاسع الذي شهد ولادة هذا الجهاز .

اذ استطاعت تلك الآلة الناطقة والمرئية ان تستقطب اليها المتلقين بكثرة قل نظيرها . هذه المقدمة نسوقها كي نتعرف من خلالها على العلاقة التي جمعت ما بين المتلقين وبينه , هذا بالطبع قبل ان يحل الستلايت والموبايل وتتفنن الشركات العالمية في صنع وتصدير اجهزة التلفاز الحديثة والمتطورة في امكاناتها وفي احجامها وما تحويه من مزايا وابتكارات , تطورت الدراما في الوطن العربي فكان ان نافست الدراما السورية والدراما الخليجية الدراما المصرية التي كانت المهيمنة على ساحة الانتاج التلفازي والتي جعلت من اللهجة المصرية لهجة سائدة ومتداولة بين كل ابناء الوطن العربي الواحد حتى غدا الاطفال يتحدثونها بطلاقة من اقصى شمال افريقيا الى اقصى بلدان الخليج العربي . لكن الدراما العراقية لم تستطع ان تكون بمستوى اختيها الدراما المصرية او السورية ، ليس لعيب فيها على مستوى الافكار والرؤى والصياغة في النصوص المقدمة ولا على مستوى الاخراج التلفازي والقدرة على ادارة فريق العمل والنهوض بصورة عالية الجودة وتجسيد ثري للغة البصرية مما يمنح الذائقة غنى ورقيا ,ولا على مستوى الاداء ، فالقدرات العراقية للفنانين من ممثلين وممثلات هي قدرات مزكاة ومشهود لها بالدربة والمهارة , المشكلة هي في الانتاج التلفازي بوصفه عصب الحياة ومصدر الجودة والانجاز في اي عمل يكون فيه الانتاج معافى , لذا تفاوتت مستويات الدراما العراقية منذ نشأ تلفزيون العراق وحتى يومنا هذا ما بين صعود وهبوط على الرغم من انها على مدى عمرها العتيد استطاعت ان تحصد في الكثير من المهرجانات العربية الجوائز الاولى في اعمال تأريخية او تراثية او معاصرة في تونس والقاهرة على مستوى الاعمال الدرامية التلفازية والاذاعية الا انها بقيت في حدود الوطن دون ان تستطيع المنافسة مع الاعمال الدرامية المصرية والسورية وبالذات في مجال التسويق ولعل من اسباب ذلك ما يمكن ان نورد بعضه كالاتي : 
1- طبيعة المواضيع التي تصدت الدراما العراقية لمعالجتها اذ ان اغلبها كرس للترويج لافكار ايديولوجية بعينها سواء ما قبل 2003 وما بعد هذا التأريخ.
2- غياب عناصر الاجتذاب والجذب فيها لوجود العديد من الضوابط والتعليمات الرقابية الصارمة التي تحد من الجانب الحياتي فيها وتبدلها في عالم من المثاليات المتكلسة والبعيدة عن الاقناع . 
3- تكرار الوجوه وحصرها في عدد من الاسماء وعدم فسح المجال امام الطاقات الشبابية الكفوءة والموهوبة الا بعد العام 2003 حيث اتسع الانتاج الدرامي من قبل بعض القنوات التي ظهرت بعد هذا التأريخ ولاسيما الشرقية والبغدادية والسومرية ومن ثم شبكة الاعلام العراقي . 
4- الانشغال بعد 2003 بانتاج مسلسلات تلفازية ذات توجهات ايديولوجية متخالفة ومختلفة تعكس حقيقة ما يدور في المجتمع العراقي من تناقضات وانقسامات وتحزبات كان الفنان العراقي في بحثه عن حقه في العمل والعيش هو الضحية الاولى لها . 
5- السبب الرابع الذي تم ذكره كان هو ايضا احد الاسباب التي ادت الى اعاقة تسويق الدراما العراقية عربيا بسبب الافكار والطروحات الموغلة في ثأريتها وتطرفها وتأويلاتها واسقاطاتها المؤلبة على العنف والفرقة . 
لكل ما تقدم ، بقي الفنان العراقي في حالة عدم استقرار ووضوح فهو حائر ما بين رغبة في العمل فيما يعشق ويحب الا وهو فن الممثل وحقه في العيش الكريم اسوة بالاخرين من زملاء المهنة في ارجاء الوطن العربي الذين عاشوا وتنعموا من خلال ابداعهم في الاعمال التي شاركوا فيها عبر الدراما التلفازية المصرية منها او السورية او الخليجية واصبحوا اسماء يشار لهم بالبنان ويحسب لوجودهم في اي محفل عربي كل حساب . عانى الفنان العراقي من مشكلة الاجور فقد كانت تحدد الميزانيات لانتاج اعمال تلفازية من تلفزيون العراق تكون فيها للفنان العراقي اجور بخسة ومحدودة في الوقت الذي تصرف فيه للاداريين والقائمين على ادارة الانتاج التلفازي الارقام الدسمة والاعلى ,وما كان في استطاعة الفنان العراقي ان يعترض او يحتج او يرفض لان هذا يعني وضعه في اللائحة السوداء ! 
وبعد انطلاق الفضائيات العراقية المتعددة ما بعد 2003استمرت معاناة الفنان العراقي الذي اصبح ملزما بالرضا بما يوكل اليه من اعمال وكل ما يدفع له من اجور وتعرض للامرّين وهو يسكن سوريا كي يسهم في المشاركة بعروض ومسلسلات درامية عراقية من انتاج فضائيات كانت لها اجندتها الخاصة وتوجهاتها الايدولوجية المعلنة , بعد العام 2011 نشطت شبكة الاعلام العراقي وتوجهت للانتاج الدرامي واستبشر الفنانون خيرا اذ عادت الحياة الى دائرتهم العريقة التي تخرج اغلبهم من ستوديوهاتها واروقة اذاعاتها فكأن شبكة الاعلام العراقي قد انعشت الحياة التي كادت تذوي وتهجن حين دعت الفنانين العراقيين بالعودة الى حاضنتهم الاولى تلفزيون العراق مانحة لاغلبهم فرص العمل والشهرة اضافة الى رصد مكافآت مجزية لما يقدمون , ولكن الخطأ الذي ارتكبته الشبكة هو انها بدلا من ان تدخل منتجا منفذا لاعمالها اناطت انتاج تلك الاعمال الى شركات انتاجية يملكها اشخاص بعضها فضائي تكون واسس الشركة الوهمية لغرض العمل مع الشبكة وليس بحثا عن انتاج درامي حقيقي يرفع مستوى العمل الفني جماليا وفكريا ,بل كان الهدف الربحي والنفعي هو التوجه الغالب لدى هؤلاء والامثلة على ذلك كثيرة تدركها وتعرفها الشبكة ,وهنا ظهرت مشكلة جديدة وقع ضحيتها ليس الفنان العراقي فحسب بل المنتج الدرامي العراقي, فالعديد من الشخصيات ، وهي شخصيات فنية مرموقة مابين ممثل ومخرج ، استسهلوا طريق الربح الذي اصبح ممهدا امامهم من قبل شبكة الاعلام العراقي التي رصدت مبالغ ضخمة لانتاج اعمال درامية تسعى من خلالها الى تفعيل الحراك الدرامي وتنشيط حركة العمل والانتاج ومنح فرص امام فناني العراق المبعدين عن ارضهم والمنزوين داخل وطنهم فكان المنتج المنفذ هو ما فكرت فيه الشبكة واولته اهتمامها بدل ان تدرس امكانية ان تكون هي المنتج المنفذ و أن تمنح فرص ادارة الانتاج لكوادرها الكفوءة والتي مع الاسف سرحتها مع بدء الاحتلال الامريكي واستعاضت بدلا عنها بعدد من الذين لايعرفون معنى ادارة الانتاج بوصفه العصب الاساس والمهم في تحقيق منجز ابداعي سواء اكان هذا المنتج سينمائيا او مسرحيا او تلفازيا , المنتج المنفذ لاسيما الذي جاء من اجل الربح والذي يحسبها منذ البدء (حساب عرب )ويعرف كيف يقرصن على المبلغ المخصص لانتاج مسلسل ما فيبدأ بأجور الممثلين ثم ينثني ليقلص أماكن التصوير والصرف . 
فبدلا من أن يكون التصوير في القصر ليكن في بيت وبدلا من عشرة مواقع ليتم التصوير في حدود موقع واحد وبدلا من الممثلين المهمين يستعين بالانصاف والثانويين ومن يعترض يوضع في اللائحة السوداء . 
وطبعا هناك منافع متبادلة ما بين عدد من الاداريين في شبكة الاعلام وبين المنتج المنفذ الذي لامانع لديه من دفع الرشا كي يسلك ويسهل مرور العمل ,ومهما حاولت شبكة الاعلام من وضع الخطط والضوابط والتعليمات للحد من هيمنة وتجاوزات المنتج المنفذ الا انه يبتكر الطرق والاساليب للالتفاف على كل تلك الضوابط والتعليمات ليطالعنا بعد ذلك بمنجز تلفازي هزيل ويابس ولطالما سقطت نصوص تلفازية جميلة بسبب سوء ادارة الانتاج فظهرت مقزمة وباهتة وقد كان يعول كثيرا فيها على متانة النص وحبكته وصياغته . وبالتأكيد ليس كل المنتجين المنفذين هم من الصنف الذي تحدثنا عنه فهناك منتج يكتفي بأخذ عشرة بالمائة من مجمل الميزانية المخصصة للعمل ومنهم من تكفيه الثلاثين في المائة او الخمسة وثلاثين ولكن بالمقابل هناك من لايكفيه الا النصف او يزيد , ويكون ذلك على حساب العمل الفني فهي فرصة وهي صفقة لن تعوض وهذا لايحدث فقط في شبكة الاعلام بل في فضائيات اخرى توجهت نحو الانتاج الدرامي . لكن ذلك ظهر جليا في شبكة الاعلام لانها الوحيدة التي تواصلت وقدمت ورصدت مبالغ طائلة للنهوض بالدراما العراقية مستعينة احيانا بشركات رصينة معروفة في الساحة الفنية لم تبالغ أوتغالي في اخذ الارباح لكنها لم تفوتها ايضا . اليوم نتوقف للحديث عن مسلسل جديد رصدت له شبكة الاعلام العراقي ميزانية ضخمة ووفرت له كل الفرص التي تمنح لنص درامي وجدت فيه شبكة الاعلام من خلال القراءة التقييمية للنص ان هذا النص الدرامي لو اخذ طريقه الى التجسيد فانه سيحقق حضورا كبيرا وسيشكل علامة مضيئة أخرى في تأريخ الدراما العراقية . ونحن حين نكتب ونقيم لن نتكلم عن نص مقروء بل عن نص وجد طريقه الى العرض واصبح فى ذاكرة الفن التلفازي ومحطاته ,"البنفسج الاحمر" لكاتبه الفنان ناصر طه يعد التجربة الاولى لفنان خرج من معطف المسرح ليلج بوابة شبكة الاعلام من أوسع أبوابها . وهناك من النصوص الدرامية المتميزة العديد لدى الشبكة لاسماء وكتاب عراقيين معروفين بقيت نصوصهم في زوايا الرفوف والدواليب داخل الشبكة ووجد نص البنفسج طريقه على يد فنان مسرحي اخر هو حكيم جاسم الذي اوكلت له شبكة الاعلام مهمة المنتج المنفذ فكان كذلك ,اضافة الى انه لعب الشخصية الرئيسة في العمل,وهو من الممثلين المتميزين الذين شكلوا حضورا في خارطة المشهد الفني العراقي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. nas

    مرحبا المقال كرر جملا نمطية يتداولها فنانو العراق يوميا في احاديثهم الجانبية وجلها اتهامات يكيلونها لبعضهم البعض ! العنوان لا علاقة له بالمقال الا في الاسطر السبعة الاخيرة فمن مجموع حوالي سبعة وسبعين سطرا لم يتطرق المقال الا الى عنوان المسلسل ومنتجه ا

  2. nas

    مرحبا المقال كرر جملا نمطية يتداولها فنانو العراق يوميا في احاديثهم الجانبية وجلها اتهامات يكيلونها لبعضهم البعض ! العنوان لا علاقة له بالمقال الا في الاسطر السبعة الاخيرة فمن مجموع حوالي سبعة وسبعين سطرا لم يتطرق المقال الا الى عنوان المسلسل ومنتجه ا

يحدث الآن

جلسة "القوانين الجدلية" تحت مطرقة الاتحادية.. نواب "غاضبون": لم يكن هناك تصويت!

القانونية النيابية تكشف عن الفئات غير مشمولة بتعديل قانون العفو العام

نيمار يطلب الرحيل عن الهلال السعودي

إنهاء تكليف رئيس هيئة الكمارك (وثيقة)

الخنجر: سنعيد نازحي جرف الصخر والعوجة

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية

مهرجان الجونة السينمائي يعلن عن مواعيد دورته الثامنة

السينما كفن كافكاوي

مقالات ذات صلة

فيلم أسامة محمد
سينما

فيلم أسامة محمد "نجوم النهار" استهداف البيئة العلوية كمنتجة للسلطة ومنفذة لها

علي بدرالحكاية تُروى بالضوء والظلعرض أمس في صالون دمشق السينمائي فيلم "نجوم النهار" للمخرج السوري أسامة محمد، بحضوره الشخصي بعد غيابه عن بلاده ١٤ عاما، الفيلم الذي منع من العرض في زمن النظام السابق...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram