TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > في قضية المفتش العام

في قضية المفتش العام

نشر في: 25 فبراير, 2015: 05:49 ص

لستُ بصدد الكتابة عن المسرحية الشهيرة للكاتب الروسي غوغول (1809 – 1852)، فليس لي في المسرح الا أن أكون واحداً من النظارة، لكنني معني بقضية مفتشنا العام المنتشر في وزاراتنا. فالمناسبة هي القرار الصادر عن مجلس الوزراء المنعقد أول من أمس الخاص بتشكيل لجنة، من المفترض انها فنية، تتولى إعادة النظر في مهام المفتش العام المنصوص عليها في أمر سلطة الإئتلاف، وللتدقيق في مدى انسجام هذه المهام مع التشريعات النافذة.
في الأساس أنشئ نظام المفتش االعام في دولتنا ليكون "برنامجاً فعالاً يتم بموجبه إخضاع أداء الوزارات لإجراءات المراجعة والتدقيق والتحقيق بغية رفع مستويات المسؤولية والنزاهة والإشراف في أداء الوزارات، وبغية منع وقوع أعمال التبذير والغش وإساءة استخدام السلطة والحيلولة دون وقوعها والتعرف عليها وعلى الأعمال المخالفة للقانون"، بحسب ما نصّت عليه المادة الأولى من الأمر رقم 57 الصادر عن رئيس سلطة الإئتلاف (الاحتلال) الأميركية في 10 شباط 2004.
من الواضح ان المهمة الرئيسة لمكتب المفتش العام تمثلت في مكافحة الفساد الاداري والمالي في مؤسسات الدولة وضمان الأداء الفعّال والشفاف والمهني للجهاز الإداري، وهذه هي أيضاً من مهام هيئة النزاهة التي نصّ قانونها على انها تعمل على "المساهمة في منع الفساد ومكافحته، واعتماد الشفافية في إدارة شؤون الحكم على جميع المستويات"، وهذه المهمة المشتركة لمكتب المفتش العام وهيئة النزاهة يشاطرهما فيها ديوان الرقابة المالية.
لا يمكن الزعم بان هيئة النزاهة - وهي مؤسسة مستقلة (نظرياً) كونها خاضعة لسلطة مجلس النواب - قد نجحت في أداء مهمتها، بدليل ان الفساد الإداري والمالي في مؤسسات الدولة لم يزل عند مستويات عالية جداً، بشهادة كبار المسؤولين في الدولة، فضلاً عن تقارير المنظمات الأممية المعنية، وبالذات منظمة الشفافية الدولية.
وما دامت هيئة النزاهة، بسلطتها الكبيرة المستندة الى سلطة البرلمان، لم تنجح في كبح جماح الفساد، فان نظام المفتش العام كان أكثر فشلاً في الواقع .. ثمة وقائع تفيد بان مكاتب المفتشين العموميين كثيراً ما تحوّلت عن مهمتها لتصبح عوناً لكبار الفاسدين والمفسدين في الدولة (وزراء، وكلاء وزارات، مدراء عامون ورؤساء مؤسسات) في التستر على فسادهم وفساد بطاناتهم.
لم يحدث حتى الآن أن وقفنا على تقرير مفصّل يشهد بان برنامج المفتش العام قد حقق قدراً من النجاح على صعيد المهام المنوطة بمكاتب المفتشين العموميين، إن لجهة وقف هدر المال العام والسطو عليه على نحو سافر أو لجهة مكافحة التسيب وسوء الانضباط في الجهاز الإداري للدولة.
المُجدي، في ظني، أن تتولى لجنة أخرى غير اللجنة التي قرر مجلس الوزراء أول من أمس تشكيلها .. لجنة تتمتع بقدر من الاستقلال والحياد والنزاهة والمهنية ( ربما هي مهمة غير سهلة) لتعمل على تقييم تجربة المفتش العام بإيجابياتها وسلبياتها، وفي ضوء هذا التقرير يتقرر ما إذا كانت هناك حاجة للإبقاء على هذا الجهاز أم لا، فاذا وُجِد ان الحاجة قائمة جرى النظر في مهامه وفي وسائل تفعيل دوره على النحو المطلوب.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram