يتهمونه بالتطرف والميل الى الطائفية في أكثر البلدان ديمقراطية لكن رئيس الوزراء الهندي ناريندا مودي لم يتردد لحظة في بيع بدلته التي ارتداها اثناء لقائه مع الرئيس الاميركي باراك اوباما في المزاد ، ذلك ان البدلة مطرزة بالذهب وكلف اعدادها مليون روبية.. وكان مودي قد تلقى انتقادات من قبل معارضيه الذين اتهموه بعدم الاحساس لارتدائه بدلة غالية في بلد يعيش الملايين فيها في فقر مدقع فقرر بيعها في المزاد واستخدام ثمنها لتنظيف نهر الكانج المقدس في الهند.. ولم تكن البدلة المذهبة الوحيدة التي باعها مودي بل عرض قبلها كل الهدايا التي تلقاها خلال فترة توليه الحكم في المزاد لاستخدام عائداتها في تمويل برامج تعليم الفتيات في الهند.
الى هنا ينتهي هذا الخبر المستفز فهو يتحدث عن الاحساس لدى السياسيين ببلدانهم.. هذا الاحساس الذي لو توفر لدى نفر قليل من رجال السياسة في بلدنا لما وصلنا الى مرحلة التقشف...تخيلوا مثلا ان (يحس) احد المتورطين بدم شهداء مجزرة سبايكر بآلام اهاليهم فيخرج ليعترف بالاسرار التي تختبئ خلف حادثة ابادتهم واختفاء بعضهم .....أو ان (يحس) أحد (المتخومين) بما طالته يداه من اموال الشعب فيقرر اعادتها عبر انقاذ بعض من هبطوا تحت خط الفقر بافتتاح مشاريع استثمارية تضمن لهم فرص عمل وحياة كريمة او نزحوا من مناطقهم وفقدوا كل شيء فيبني لهم مشروعا سكنيا ...هل يمكن مثلا ان ( يحس ) احد مؤججي العنف الطائفي بآثار افعاله على المجتمع فيتولى مشروعا للمصالحة الوطنية ليرتق شقوق النسيج العراقي ويعيد اليه تماسكه ورونقه ؟...
نجم الغرابة العراقي نعيم عبعوب على سبيل المثال (أحس) بمشاعر موظفي امانة بغداد المشاركين في التظاهرات الرافضة لتنحيته عن منصبه كأمين لبغداد ومنح المنصب لأمرأة و(لامست) عبارتهم (نحبك يا عبعوب) قلبه فقرر العودة لممارسة مهامه حتى لو كان الأمر صادرا من رئيس الوزراء !!.....وبطلة العراق في الصوت العالي (حنان الفتلاوي) عبرت عن (احساسها ) بالعوائل المنكوبة بفقدان اولادها بدعوتهم لتزويدهم بشهادات وفاة تمكنهم من تحصيل حقوقهم المالية رغم ان وفاتهم كانت ذنبا في رقاب من باعهم الى (داعش ) من رجال الحكومة.
أما المالكي فقد تركزت رهافة ( احساسه ) على ازواج بناته واقاربه فأوصلهم الى السلطة لكي لا يتحسروا عليها ولم يحرك احساسه أبدا ماحصل لأهل الموصل والجنود الذين قاتلوا وقتلوا فيها..
ما يراود رجال السياسة لدينا ليس احساسا بل (بلادة احساس) فهم يجيدون قتل البشر بدم بارد او التلاعب بمشاعرهم ولن يفكروا يوما في التضحية بأي من ممتلكاتهم لتنظيف نهر دجلة من النفايات او تعليم الفتيات الاميات وسيكتفون باطلاق الشعارات والتباكي على آلام العراقيين والمزايدة بها لكسب نقاط سياسية ...انهم يؤمنون بالنظرية التي تقول بأن النجاح في السياسة هو ان تدوس على مبادئك، لكن النظرية الاصح هو ان الحكومة ليست سلطة على الناس ، انها سلطة لخدمة الناس لذلك فأن نجاحها يعتمد على رضاهم ...وقبل كل شيء ..الاحساس الحقيقي بهم ...
عدم إحساس
[post-views]
نشر في: 27 فبراير, 2015: 05:39 ص