TOP

جريدة المدى > عام > رحيل صاحب " ميمد الناحل " والصوت الأشهر في الأدب التركي

رحيل صاحب " ميمد الناحل " والصوت الأشهر في الأدب التركي

نشر في: 1 مارس, 2015: 06:36 ص

توفي السبت في إسطنبول الروائي التركي الكبير يشار كمال عن 91 عاما بعد تدهور حالته الصحية إثر صراع طويل مع المرض، وهو يعد أحد أهم الكتّاب في تركيا وأكثرهم شهرة وقد ترجمت أعماله إلى أربعين لغة.وكان الأديب الراحل قد نقل إلى مستشفى في إسطنبول منذ منتصف كا

توفي السبت في إسطنبول الروائي التركي الكبير يشار كمال عن 91 عاما بعد تدهور حالته الصحية إثر صراع طويل مع المرض، وهو يعد أحد أهم الكتّاب في تركيا وأكثرهم شهرة وقد ترجمت أعماله إلى أربعين لغة.
وكان الأديب الراحل قد نقل إلى مستشفى في إسطنبول منذ منتصف كانون الثاني الماضي لعلاجه من مشكلات في الجهاز التنفسي والقلب، لكنه توفي بعد تدهور حالته الصحية.
ووصل كمال إلى العالمية من خلال خياله المدهش والمتدفق في أعماله الروائية وفهمه الكبير لأعماق النفس البشرية واستلهامه التراثين التركي والكردي، وهو ما تعكسه أعماله الأدبية التي جعلته واحدا من الشخصيات الرائدة في الأدب العالمي.
ولد كمال صادق غوتشلي -المنحدر من أصل كردي والمشهور باسم يشار كمال- عام 1926 بقرية "حميدة" بجنوب شرق تركيا، كما تشير بعض المصادر إلى أن ميلاده قد يكون عام 1923.
وكان سهل تشوكوروفا مكان ميلاد كمال المحور الرئيسي لمعظم رواياته، بما في ذلك أشهر أعماله وهي رواية "محمد النحيل" عام 1955 التي تتحدث عن شخص ينضم لمجموعة من قطاع الطرق وينتقم من إقطاعي متسلط، وهذه الرواية أكسبته في نهاية الأمر شهرة جعلته يترشح لجائزة نوبل للآداب عام 1973.
وأثرت الأحداث المأساوية على حياة الأديب الراحل في مرحلة مبكرة، فعندما كان في الخامسة توفي والده وشكلت هذه الواقعة محور روايته "سلمان الأعزل"، وكتب أيضا رواية "سلطان الفيلة" التي تفيض بعالم من الرمزية في صياغتها لعالم الحيوان المتداخل مع عالم البشر في نص مطبوع بالرومانسية الثورية.
وفي بداياته عمل الكاتب الراحل في إحدى المزارع ثم في مصنع قبل أن يكتسب مهارة الكتابة على الآلة الكاتبة ليصبح صحفيا في نهاية المطاف، وتأثر في مجال الأدب بكل من الروسيين ليو تولستوي وأنطون تشيكوف والفرنسي ستندال
وفي أوائل أربعينيات القرن الماضي أصبح على تواصل مع الفنانين والكتاب اليساريين، في حين عاش أول تجربة اعتقال سياسي عندما كان في السابعة عشرة من عمره، وعقب ذلك نشر أول كتاب له بعنوان "مرثيات" من الفلكلور عام 1943.
وحاز يشار كمال على الكثير من الجوائز المحلية والعالمية، وتركت أعماله الأدبية بصمة في الأدب التركي، حيث تنوعت بين الروايات والقصص وروايات الأطفال التي كانت تستلهم معظم شخوصها من الريف الكردي والتركي، كما يحدث في روايته "شجرة الرمان".
ترك كمال - الذي نشر أول كتبه عام 1943 - قرابة أربعين عملًا، تراوحت بين مجموعات قصص وروايات ومسرحيات وريبورتاجات ومجموعات شعرية، وكان أحد رواد الانتقال من رواية المدينة والشخصية الأرستقراطية إلى رواية القرية التي تحاكي واقع الفلاح في مواجهة الآغا الإقطاعي، في تصوير قائم على زوايا من البؤس والقهر، والعنف والتعاسة والاحتجاج التي وسمت أعماله مكونة صوت الجماهير المقهورة في وجه الفرد القاهر.
تمثل اتجاه كمال نحو الإنسان المقهور في روايته "ميميد الناحل " وهذه الرواية اكسبته شهرة جعلته يترشح لجائزة نوبل عام وفيها يقدم شخصية الشاب قاطع الطريق النبيل - متأثراً بابن عمه قاطع الطريق الشهير- الذي يشبه روبين هود في مساعدته للفقراء وسرقة الأغنياء، في قالب حكائي خرافي ذي دلالة أخلاقية وسياسية؛ فضلاً عن صورة الطبيعة بسهولها وجبالها ومناخاتها المتقلبة التي تمثل حقبة مهمة من طفولته المليئة بالأحداث المؤسفة، بدءاً من موت أبيه مقتولاً، إلى خسارته لعينه، وعدم إكماله لدراسته.
أما روايته الأبرز "صفيحة " التي تحولت إلى عمل مسرحي وترجمت إلى العديد من اللغات ومنها العربية، فتعد من أفضل ما قدمه كمال في حياته الأدبية الزاخرة، حيث تصور ظلم الطبقة الإقطاعية التركية للطبقة العمالية الكادحة والصراعات الطبقية في المجتمع التركي.
كان كمال يؤكد دوماً أنه مع الإنسان وضد الحرب في جميع ظروفها، فهو القائل لقرائه "لا أريد لقارئ كتبي أن يصبح قاتلاً، أريده أن يعادي الحرب، وليعارض قارئي نفي الإنسان للإنسان ويكافح اضطهاد الآخرين... ليتّحد قرّائي مع الفقراء، لأنّ الفقر عار على البشرية".
ومن اهم رواياته ( صفيحة عام 1955)، ( ميميد الناحل (ثلاثية) عام 1961)، (الجانب الآخر من الجبل عام 1962)، ( الأرض حديد،السماء نحاس عام 1963 )، )جميع الحكايات عام 1967)، (أسطورة جبل أغري عام 1970 ـــ مترجم إلى العربية)، ( أسطورة الألف ثور عام 1971)، (جريمة سوق الحدادين عام 1971)، ( لو قتلنا الثعبان عام 1976)، (العصافير رحلت عام 1978)، (أحاديث مع آلان بوسكيه عام 1992.
إضافة إلى ترجمة أعماله إلى أكثر من ثلاثين لغة، وحسب النقاد ان سر نجاحه أنه نسج عالمه الروائي من هموم وشجون وآمال وآلام الناس، ومن التوق اللامحدود للحرية، وضد قمع الإنسان لأخيه الإنسان.
وكان الكاتب الراحل قد وجه ، رسالة لقرائه منذ عدة أشهر. وتمت قراءة الرسالة في مراسيم خاصة خلال منحه شهادة الدكتوراه الفخرية في جامعة بيلك في اسطنبول في تشرين الثاني من عام 2014، لكنه لم يكن مشاركا في تلك المراسيم بسبب وضعه الصحي المتردي. ويقول يشار كمال في رسالته التي هي بمثابة وصية لقرائه: "أولا، إن الذي يقرأ كتبي لا يمكن أن يصبح قاتلا، يجب أن يكون عدوا للحرب. ثانيا، يجب أن يواجه استصغار الانسان للانسان. يجب أن لا ينظر أحد إلى الاخر على أنه أقل شأنا ويحاول محوه. يجب عدم السماح للدول والحكومات التي تحاول محو الانسان". وفي جزء آخر من رسالته يقول يشار كمال "ليعلم قرائي أن الذين يقضون على الثقافة، يضيعون ثقافتهم وانسانيتهم". وفضلا عن هذا، طالب الروائي الراحل قراءه بالتآلف مع الفقراء، ويقول "إن الذين يقرأون كتبي ليتوحدوا مع الفقراء، الفقر عار على الانسانية جمعاء. يجب أن يطهر قرائي أنفسهم من جميع المساوئ".
وليس مفارقة أن قراءة يشار كمال لأول عمل روائي حقيقي"دون كيشوت " لسيرفانتيس" ترافقت مع أول استدعاء إلى مركز الشرطة ، وفيما بعد سوف ينخرط في "حزب العمال التركي" ولسوف يعتقل في عام 1950بتهمة الشيوعية، وسيصبح عضو المكتب التنفيذي التابع للجنة المركزية للحزب، مسؤولا عن الإعلام. وقبل عام 1950 مارس مهنا شتى فاشتغل عاملا يوميا، وبوابا ومدرسا، وبعد إطلاق سراحه عام 1951انتقل إلى اسطنبول وباشر نشاطه الأدبي صحافيا وكاتب تحقيقات في صحيفة"جمهوريت" وروائيا".
نظرا لكتابات يشار كمال النقدية ذات التطلع التغيري الرافض للأوضاع الاجتماعية والسياسية المتردية، تم اعتقاله عام 1971 اثر الانقلاب العسكري، بعد ذلك تكررت حملات التضييق والملاحقة القضائية عليه، لذا نجده يهجر العمل السياسي المنظم ويتفرغ للكتابة الإبداعية التي تعتبر بحد ذاتها عملا سياسيا- بالمعنى الواسع للكلمة- ومؤثرا فاعلا ، لكن بلغة تنفس التمرد الهادي لدى القارئ وتنمي روح التالف والتواصل والتفاهم.
وفي عام 1995 قدم للمحاكمة بسبب مقال سياسي كان له صدى واسع في الوسط الثقافي والإعلامي التركي، حيث نشر مقالته"حقول الموت" في مجلة"المرآة" أوسع المجلات الألمانية انتشارا وأكثرها رصانة ، حيث انحاز فيه إلى هموم شعبه الكردي في تركيا وما يتعرض له من اضطهاد وتنكيل ومصادرة لحقوقه ومحو لثقافته وطمس للغته منذ سبعين سنة،. وأسفر مقاله السابق عن اتهامه من قبل السلطات التركية بالنزعة الانفصالية والمس بالأمن القومي التركي . ولكن تضامن معه ألف من نخبة الكتاب والإعلاميين في الوسط الثقافي التركي.
وتقديرا لادبه فقد نال جائزة فارليك (التركية) عام 1956 على روايته"ميمد الناحل" .وجائزة اسكندر(التركية أيضا) ، لأفضل مسرحية عام 1965-1966 على مسرحية "صفيحة". والجائزة الأولى في مهرجان المسرح العالمي عام1966 على مسرحيته"الأرض حديد، السماء نحاس". وجائزة (مدرالي) لأفضل رواية عام 1973 على روايته"جريمة سوق الحدادين". وجائزة افضل كتاب أجنبي في فرنسا عام1978 على روايته"الجانب الآخر من الجبل.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

بمناسبة مرور ستة عقود على رحيل الشاعر بدر شاكر السياب

وجهة نظر.. بوابة عشتار: رمز مفقود يحتاج إلى إحياء

أربع شخصيات من تاريخ العراق.. جديد الباحث واثق الجلبي

الطفولة بوصفها السّاحةَ الّتي تتوالى عليها الأحداثُ والمجرياتُ الّتي يمارسُها المبدعون

تقاطع فضاء الفلسفة مع فضاء العلم

مقالات ذات صلة

تقاطع فضاء الفلسفة مع فضاء العلم
عام

تقاطع فضاء الفلسفة مع فضاء العلم

دانييل دينيتترجمة: لطفية الدليميلم تكن الفلسفة متعاضدة مع العلم دوماً. في الأطروحة التالية ستنكشف لك الأسباب المسوّغة لضرورة تغيير هذا الأمر.يقدّمُ أدناه دانييل دينيت Daniel Dennett -الأستاذ الممارس في جامعة تافتس والمؤلّف الذي فاقت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram