لا تتشابه الفرق المسرحية باعتبارها الجهات القائمة على إنتاج العروض ومن ثمّ تقديمها على الخشبة في إداراتها للمنتج المسرحي الإبداعي، وهذا بالتأكيد يعود أولاً وقبل كل شيء إلى وعي القائمين على تلك الفرق، أقصد وعيهم الثقافي والمعرفي والفكري والاجتماعي وال
لا تتشابه الفرق المسرحية باعتبارها الجهات القائمة على إنتاج العروض ومن ثمّ تقديمها على الخشبة في إداراتها للمنتج المسرحي الإبداعي، وهذا بالتأكيد يعود أولاً وقبل كل شيء إلى وعي القائمين على تلك الفرق، أقصد وعيهم الثقافي والمعرفي والفكري والاجتماعي والإداري بالإضافة إلى المسرحي.
هنالك فرقة مسرحية لا مقر لها، لكنها تقوم بأعمالها على أتم وجه، وتقدم عروضا متميزة وكأنها تمتلك في كل مدينة مقرّا، وهنالك فرقة أخرى، مجرد "يافطة" تشير إلى أن مسرحية أو من اشترك بها مرتّ ومرّوا من هنا.
وهنالك فرقة مسرحية تعرف كيف تختار النصوص التي تقدم عبر بوابتها، فتخضع النص المسرحي إلى لجنة تتشكل لهذا الغرض، بينما فرقة مسرحية أخرى تضرب ما تقره لجنتها عرض الحائط. فرقة تغري المسرحيين بالانضمام إليها بمصداقيتها وعدالتها في التعامل مع الجميع وعلى مسافة واحدة، وفرقة يتمنى المرء أن يعود به الزمن كي يعيد التفكير مرة اخرى قبل تعاونه أو مشاركته معها. فرقة مسرحية لها هيبتها، يحترمها الجميع ويقف عند حدود منجزها الثقافي والمسرحي بتقدير واحترام كبيرين، بينما أخرى تمشي عروضها بالبركة.
فرقة تمنح من ينضوي تحت لوائها الاسم والمهابة والشهرة عبر عروض مسرحية تجوب دنيا المسرح طولا وعرضا، وفرقة أخرى تبخل على منتجها حتى في طباعة كتيّب يعرف الآخر بفريق العرض.! فرقة مسرحية تدعي أنها تعرف المسرح منذ بدء الخليقة، ثم ما يكون منها إلا أن تتبنى نصوصا غير صالحة للقراءة ولا للعرض، وفرقة أخرى مغمورة تقدم من العروض الرائعات.
إذن.. الأمر يعود إلى الفرقة المسرحية، فهي صانعة القرارين الإداري والمالي.. واللذين بدورهما يصنعان القرار الفني.. المؤلف والمخرج قد يتفقان على منتج مسرحي يرومان عرضه للجمهور.. غير أن القرار الأخير بيد إدارة الفرقة.. فتقع على الفرقة المسرحية مسؤولية أن تدرك وتعي أهمية الاختيار.. أن تمنح تاريخها ما يستحق لمن يستحق.. فكم من عرض مسرحي جوبه بالنقد اللاذع والاستهجان ومرده اختيار غير مدروس لفرقة مسرحية ليس لها من المسرح إلا اسمه، وكم من موهبة وُئدت في مهدها بعد أن حرمت من المشاركة، فالفرقة المسرحية هي السؤال.. وهي الجواب أيضا.. هي التي تقود العرض المسرحي.. هي من تجعل من المشروع الإبداعي الورقي أن يكون.. وهي كذلك من تتركه للغبار بأن لا يكون.. بإرادتها.. وإدارتها..!