TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > سلاح لا يعرف وجهته!

سلاح لا يعرف وجهته!

نشر في: 2 مارس, 2015: 05:30 ص

بدأت تصل اليّ عبر البريد الإلكتروني نشرة من السفارة الاميركية في بغداد تتضمن ملخصاً لنشاطات قوات التحالف الدولي المناهض لداعش في العراق وسوريا، وبخاصة الغارات الجوية، فضلاً عن المساعدات المقدّمة للعراق من الأسلحة والذخائر.
إحدى النشرات التي وصلت مساء أول من أمس جعلتني أضع كفي فوق موضع القلب في الصدر. هي تُحصي الآتي: 232 صاروخاً من طراز هيل فاير (Hellfires) سُلّمت في 15 شباط الماضي لتضاف الى 1572 صاروخاً من هذا الطراز سُلّمت في العام الماضي الذي جرى فيه أيضاً تسليم عشرات الآلاف من الصواريخ والقذائف الصاروخية وقذائف الهاون والدبابات وذخيرة الأسلحة الصغيرة، بالإضافة إلى مدافع رشاشة ورمانات يدوية وطلقات تحذيرية (Flares) وبنادق قنص وبنادق التسليح الشخصي، بحسب النشرة.
النشرة الأميركية تزيد بالقول انه حتى يوم 4 كانون الثاني الماضي، تم استكمال تسليم العراق 250 مركبة مضادة للألغام (MRAP)، فضلاً عن تسليم الآلاف من الخوذات والدروع الواقية في 22 كانون الثاني.
وتعد النشرة بتسليم مستلزمات طبية خلال الأشهر المقبلة التي سوف يتم خلالها شحن 200 جهاز راديو خاص بمركبات هاريس (Harris) لتوفير امكانية الاتصال لعربات مضادة للألغام تم تسليمها بالفعل، و10 الاف بندقية ومثلها مناظير قتالية وسوى ذلك.
وضعت يدي على قلبي خوفاً على مصير هذه الكمية من الأسلحة والذخائر التي يحتاجها جيشنا وشرطتنا في معركتهما المصيرية مع إرهابيي داعش. هذا الخوف ليس من دون أساس، فيوم الأربعاء الماضي كنت أحضر احتفال السفارة الكويتية بالعيد الوطني لبلادها. إحتفالات من هذا النوع التي عادة ما يكون أغلب حضورها من الصحفيين والدبلوماسيين والسياسيين، هي مناسبة مثالية لهم لتبادل الآراء والمعلومات.
في الاحتفال تسنّى لي الحديث مع دبلوماسي من إحدى دول الخليج العربي .. كنّا نتحدث عن أهمية أن يكون الظفر حليف العراق في حربه ضد داعش، لأنه بخلاف هذا سيتمدد داعش بسهوله الى سائر بلدان المنطقة. قلت للدبلوماسي الخليجي: نحن الآن في وضع صعب بسبب الأزمة المالية الناجمة عن تدهور أسعار النفط وعن سوء الإدارة في عهد الحكومة السابقة.. يمكنكم التخفيف من هذه الأزمة بتقديم المال والسلاح لنا. قال الدبلوماسي: يا أخي أنتم عجيبون غريبون!.. سألته: كيف؟ أجاب بأن دولة تشارك دولته في مجلس التعاون الخليجي بدأت بتزويدنا بأسلحة وصفها بانها "استراتيجية" طلبتها حكومتنا من هذه الدولة التي ما أن أرسلت الدفعة الأولى من الطلبية حتى تبيّن لها انها لم تصل الى وجهتها، وزارة الدفاع.. سألني: ما تعتقد، أين انتهت تلك الإرسالية؟.. هل يمكن أن تكون قد بيعت مثلاً؟.. سألته: أمتأكد أنت من هذه المعلومة؟ قال: نعم، مثلما أنا متأكد من انني أتحدث إليك وليس الى شخص آخر.
شعرتُ بحرج شديد.. كل الاحتمالات واردة.. بيع الشحنة، إهمالها في المخازن، وإرسالها الى جهة أخرى!
عندما قرأت نشرة السفارة الاميركية وضعتُ يدي على جهة القلب من صدري خشية أن ينتهي مصير بعض الأسلحة والذخائر الأميركية الى ما انتهى إليه مصير شحنة السلاح الخليجية!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 4

  1. الشمري فاروق

    الصديق العزيز عدنان حسين ... عنون مقالتك هذه... يجب ان يكون مانشيت كبير هي اعلى الصفحة الاولى من جريدة المدى الغراء..مع تحياتي

  2. مواطن عراقي

    الاستاذ عدنان حسين مقالتك هذه كشفت الغطاء عن هذه المسرحية التي اسمها داعش .فمثل هذه التمثيليات من شأنها تنفيذ مشروع غريب عجيب وكارثي ويحتاج الى مفارقات كثيرةلكي ينفذ ويقبله المغلوب على امره الشعب المسكين. وانا مثلك يا استاذ حسين وضعت يدي على موضع قلبي

  3. الشمري فاروق

    الصديق العزيز عدنان حسين ... عنون مقالتك هذه... يجب ان يكون مانشيت كبير هي اعلى الصفحة الاولى من جريدة المدى الغراء..مع تحياتي

  4. مواطن عراقي

    الاستاذ عدنان حسين مقالتك هذه كشفت الغطاء عن هذه المسرحية التي اسمها داعش .فمثل هذه التمثيليات من شأنها تنفيذ مشروع غريب عجيب وكارثي ويحتاج الى مفارقات كثيرةلكي ينفذ ويقبله المغلوب على امره الشعب المسكين. وانا مثلك يا استاذ حسين وضعت يدي على موضع قلبي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram