عجيبة وغريبة أحوال الاعلام العربي، تصدرت صورة "الغندورة" احلام وهي بلا مكياج نشرات الاخبار ولاقت تفاعلا كبيرا من الفضائيات والصحف والمجلات الذي اصر اصحابها امس ان يجعلوا خبر معركة تكريت اخر اهتماماتهم.
وماذا عن المعركة مع داعش يا سادة؟.. لا أنباء، فنحن الشعب الوحيد الذي يراد له ان لا يعرف أي سيوف يرد واي مفخخات يتقي، واي اعلام يواجه، لم نعد اكثر من اخبار منسية في سجلات وسائل الاعلام العربي التي طالما بشرتنا بان داعش على ابواب بغداد، وأن عدد قتلى الشهر الحالي أكثر من الشهر الماضي فالامر مجرد الاف والرقم في ارتفاع.. لا تقلقوا!
بالامس وانا اتابع جولة رئيس الوزراء حيدر العبادي في سامراء والتقاطه صور السيلفي مع مجموعة من الشباب، تذكرت مختار العصر الذي أمضى ثماني سنوات قابضاً على كرسي الحكم وهو يعلن للعالم نظرية جديدة خلاصتها: "ان الديموقراطية لا تعني التبادل السلمي للسلطة، الديموقراطية هي ان تعرفوا جيدا اننا اخذناها ولن نعطيها ثانية"، أرجو ألا يظن أحد أنني أحاول أن اعود في كل مرة الى سيرة "محرر العراق من الاميركان" ولا اريد ان اذكركم بالمجاميع التي كانت تهزج باسمه، واطمئنكم ان جعبتي لم تخل بعد من الحكايات، ولكنني ايها السادة أحاول القول إن لا شيء يحمي الدول من الخراب، سوى مسؤولين صادقين، في العمل وفي الاعتراف بالتقصير، في محبة الاخر.
ما أحوجنا اليوم الى مسؤول مثل حيدر العبادي يجعل من " السيلفي " صورة لعراق جديد يحاول الخروج دهاليز الظلام والنسيان ومن قرارات واجراءات اتخذها مسؤولون كانوا يعتقدون ان كراسي السلطة إرث الى ابد الدهر.
لا تحتاج الحوادث الكارثية التي حصلت خلال السنوات الماضية، الى ذكاء لكي نكتشف ان العراقيين دفعوا ثمن غياب الخير والأهم أنهم دفعوا ثمن غياب المسؤولية الوطنية، واعلاء شأن الطائفية والحزبية، وقد بدا ذلك واضحا في الطريقة التي تعامل بها البعض من مسؤولينا مع الأحداث الجسيمة.
لقد أخطأنا كثيرا حين سمحنا للمتطرفين سنة وشيعة بالسعي لحرق البلاد، واخطأ العديد من رجال الدين حين لم يتعاملوا بجدية مع الركام المخيف من مناخ التعصب الذي دفع البلاد الى محرقة داعش، واستفحلت ظاهرة سياسيي الطوائف التي أخذت تتفشى في قطاعات عريضة، الجانب الجوهري فيها هو كلما أصبحت طائفيا وعنصريا وهددت وقتلت وهجرت وشردت وصرخت وشتمت واستخدمت كل ما لا صلة له بالقانون يمكنك أن تنجح، والأخطر أن الناس قد تهابك وتخاف منك، هذه الظاهرة انتقلت من السياسيين إلى الشارع وبالعكس، وأصبحنا نرى برلمانيين ووزراء يستخدمون الورقة الطائفية لإقصاء خصومهم.
السيد العبادي صورتك وانت تتجول في شوارع سامراء نريدها ان تكون اجمل الصور التي تبشر بعصر جديد من التسامح والمحبة.. وتتوقع الناس منك أن تهزم خصومك السياسيين، أولا باحتضان الخصم، وبإقامة المصالحة، وبجعل العراق دولة للجميع وليست لحزب واحد أو رجل واحد.. وان لا يبني جداراً من الانتهازيين حول مقر رئاسة الوزراء.. عندها سنقرأ أفضل وأهم رواية عن انتصار العراقيين على عصابات داعش.
السيد العبادي.. الناس ملت من سياسيين لا يملكون شجاعة الموقف وسماحة والمشاعر. الناس تريد صورة زاهية لعراق لامكان فيه لمسؤولين يلهثون وراء الكراسي، لقد عشنا سنوات طويلة في بلاد يفترسها سياسيون ومسؤولون تعوزهم حاسة الصدق، وحاسة الضمير الوطني، ولا يهمهم تحت أي عنوان وفي أي صفحة تنشر اخبار هذه البلاد.
صورة "Selfi" مع العبادي
[post-views]
نشر في: 2 مارس, 2015: 06:31 ص
جميع التعليقات 2
الشمري فلروق
الصديق العزيز ... تابعت يوم امس بفرح واهتمام حضور السيد العبادي الى مجلس النواب ولاحظت العلاقه الطيبه بين السيد رئيس المجلس والسيد رئيس الوزراء... كذلك حضور السيد العبادي الى البرلمان وهذه اول مرة يحضر فيها رئيس الوزراء الى مجلس النواب ...علما ان مخت
الشمري فلروق
الصديق العزيز ... تابعت يوم امس بفرح واهتمام حضور السيد العبادي الى مجلس النواب ولاحظت العلاقه الطيبه بين السيد رئيس المجلس والسيد رئيس الوزراء... كذلك حضور السيد العبادي الى البرلمان وهذه اول مرة يحضر فيها رئيس الوزراء الى مجلس النواب ...علما ان مخت