TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > السفير التركي إذ ينفي..!

السفير التركي إذ ينفي..!

نشر في: 3 مارس, 2015: 05:48 ص

في موكب مهيب ارتحل السفير التركي في بغداد الى مدينة الحلة (جنوب العاصمة) أمس الأول، وأوصل مساعدات غذائية الى أسر نازحة من مناطق احتلها تنظيم داعش في شمال البلاد وغربها منذ ثمانية أشهر .. ما قام به سعادته عمل طيب ولا شكّ من جارتنا الشمالية وسفيرها، ولكن ..
السفير فاروق قيمجي لم يذهب الى هناك للغرض الإنساني وحده، فكلامه في المؤتمر الصحفي دلّل على انه كان يحمل رسالة.. إنه أراد أن يُثبت ما لا سبيل لإثباته، وهو براءة حكومة بلاده من تقديم تسهيلات لوجستية الى التنظيم الإرهابي، كان لها الدور الحيوي في تشكيل التنظيم جيشاً عرمرماً من القتلة والذبّاحين والحارقين والمفجّرين في سوريا والعراق.
السفير التركي وصف الكلام عن هذه التسهيلات مجرد شائعات ومعلومات غير دقيقة، والحال إن وجود عناصر داعش بلباسهم المميز (الأفغاني) بكثافة في الكثير من المناطق التركية، من إسطنبول الى القرى والبلدات الحدودية، دليل واضح، فلولا التسهيلات ما كشف الداعشيون عن هويتهم على هذا النحو السافر. إضافة الى هذا فإن صحفاً ومحطات تلفزيون دولية رصينة (أوروبية وأميركية) قدّمت تحقيقات استقصائية حيّة من داخل تركيا أظهرت كيف يمرّ الدواعش بتركيا في طريقهم الى سوريا والعراق من دون أية عقبات.
مما قاله السفير التركي في الحلة ان سلطات بلاده منعت مرور 10 آلاف شخص ورحّلت 1200 شخص آخرين للاشتباه بانتمائهم الى داعش. بالطبع ليس بالضرورة ان هؤلاء كانوا من عناصر داعش أو كانوا بالفعل ينوون الالتحاق بداعش. ولكن في مقابل هؤلاء عبر عشرات الآلاف الاراضي التركية الى سوريا والعراق للقتال في صفوف داعش.
الدواعش لم يهبطوا في الأراضي السورية والعراقية من السماء.. لابدّ ان تسعين بالمئة منهم، أو في الأقل خمسين بالمئة، قد مرّوا بالأراضي التركية واجتازوا الحدود التركية.. السفير الذي تحدّث عن آلاف أعادتهم سلطات بلاده للاشتباه بعلاقتهم بداعش لم يخبرنا كيف تمكّن عشرات الآلاف من الدواعش من النزول في المطارات التركية والتنقّل بين المدن والبلدات التركية وعبور الحدود التركية المحمية جيداً والمراقبة على مدار الساعة!
أفضل وأهم من المساعدات الإنسانية التي قدّمها السفير قيمجي الى نازحين في الحلة، لذرّ الرماد في العيون، أن تمنع سلطات السفير التركي مرور الدواعش عبر تركيا الى سوريا والعراق، وأن تحول دون تقديم أي شكل من أشكال الدعم اللوجستي لهم، بما في ذلك التحويلات المالية، فهذا ما يساعدنا في القضاء على داعش وشروره وعودة النازحين الى ديارهم.. النازحون ليسوا مغرمين بالتحوّل الى شحاذين دوليين.. إنهم يريدون العودة الى مساكنهم لمواصلة حياتهم التي دمّرها داعش بمساعدة دول وقوى عديدة، تركيا واحدة منها وليس في وسعها التنصّل من مسؤوليتها على هذا الصعيد حتى لو أقسم سفيرها في بغداد بأغلظ الأيمان.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. نبيل يونس دمان

    تركيا هي الارض الخصبة لداعش كما كانت مع هتلر في الحرب العالمية الثانية وفي الحرب العالمية الاولى دافعت باستماتة عن امبراطوريتها المريضة التي نكلت بالاقليات العرقية، دائما تركيا ضد تيار العصر كما تفعل اليوم بوقوفها مع داعش وغير داعش من ارهابيي زماننا وبمبا

  2. نبيل يونس دمان

    تركيا هي الارض الخصبة لداعش كما كانت مع هتلر في الحرب العالمية الثانية وفي الحرب العالمية الاولى دافعت باستماتة عن امبراطوريتها المريضة التي نكلت بالاقليات العرقية، دائما تركيا ضد تيار العصر كما تفعل اليوم بوقوفها مع داعش وغير داعش من ارهابيي زماننا وبمبا

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram