TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > اسمي "علي حسين"

اسمي "علي حسين"

نشر في: 3 مارس, 2015: 06:39 ص

يخبرنا الإسطنبولي أورهان باموق إنه عانى لسنوات من اسمه الادبي، فما ان يكتب على غلاف المطبوع اسم اورهان حتى يتصور القراء أن كاتبهم المفضل اورهان كمال أصدر عملا ابداعيا جديدا، حتى انه ذهب ذات يوم لأمه ليخبرها بمعاناته فقدمت له النصيحة الثمينة: "كل الاسماء تتشابه، لكن افعال الناس هي من تميزهم".
بعد هذه النصيحة لا أدري كم هو عدد الطبعات التي صدرت من روايات صاحب نوبل، ولا كمية النقود التي اضيفت الى رصيده، لكن لا يمضي عام دون ان تكون روايته الشهيرة "اسمي أحمر" على رأس أفضل رواية تركية منذ لحظة صدورها عام 1998 وحتى ايامنا هذه.. يختلف حولها القراء، لكن لا يمكنك ان تعرف عالم باموق الا اذا بدأت بها.
يخبرنا الاسطنبولي ان المبادئ لا تتغير، لا الظلم يصبح عدلا ، ولا الرحمة يمكن ان تكون منه، وعلى الانسان ان لا يفقد الأمل حتى وهو يضع احدى قدميه على طريق الموت.
بالامس تذكرت "قرة" بطل "اسمي أحمر" ، وانا اقرأ بعض التعليقات "الكوميدية" في " الفيسبوك " حيث وجدت أن البعض اصيب بالدهشة واخرون ضربوا كفاً بكف، اذ كيف لشخص اسمه " علي حسين " يدافع في كتاباته عن السنة، ففي اكثر من تعليق يكتب أصحاب شعار لا مكان للسنة في العراق "نشك بان اسمك هو اسم امير المؤمنين علي ، والمشكلة ان أباك اسمه حسين"، للاسف البعض يعتقد ان علي بن ابي طالب كان يجد في اسمه ومقربته من النبي حقا استثنائيا في المال والأرض، وهو الذي رفض ان يشتم حتى الذين حملوا السلاح ضده، ومن يريد ان يتعلم من دروس التاريخ احيله الى تاريخ الأُمم والملوك للطبري ليقرأ كيف ان بيت زين العابدين بن الحسين كان ملاذا امنا احتمت به اسرة مروان بن الحكم من ملاحقة العباسيين، وعلى رأسهم زوجة مروان عائشة بنت عثمان بن عفان.
طبعا لا احد يمكن له ان يصادر حق أي انسان في ان يبدي وجهة نظره لما جرى ويجري الآن في البلاد، ولكن ليس من حق احد ان يحول العلاقة التاريخية بين ابناء الشعب إلى شتيمة لكل العراقيين، وان يضع نفسه وصياً على اسماء الناس وطوائفهم ونوع العلاقة التي تربط بينهم ـ فمثل هذه الأفعال لن تساعد العراقيين في شيء، ولن ترجع الروح الى سنوات من أعمارنا ضاعت في ظل صراع طائفي على نهب البلاد وتخريبها.
اليوم معارك تحرير تكريت وبعدها الموصل يجب ان تكون فرصة لنزح كل هذا الهراء الطائفي من ادمغة الناس، وعلينا ان نتعلم ان ابناء هذا الشعب هم حلقات متصلة مترابطة، وهو أمر لو أدركناه لعلمنا أن كل ما نعانيه من أزمات خطيرة مثل الشحن الطائفي وانتهازية الساسة شيعة وسنة وملف الامن والخدمات، من أهم أسبابه هو اختيارنا لنموذج السياسي الطائفي الذي يريد لنا ان نظل اسرى حماقاته الطائفية، فلا مكان لعمر في مناطق الشيعة ـ وعبد الزهرة منبوذ في سرادق "المقاومة"، وحين يصر البعض على ان يقول ياجماعة هذا سخف، يقولون لك انت داعشي او ميلشاوي.
ربما لايريد البعض للكاتب ان يكون له رأي مستقل، واذا خطر له ان ينتقد ظاهرة مخجلة مثل محاسبة الناس على اسمائهم، فسيتهم بالخيانة لطائفته. لذلك، يريدون من العراقي ان يتحصن داخل طائفته، وان يرى انتصارات الجيش محاولة لذبح السنة، والمطالبة بانهاء حالة الاقصاء دعوة لعودة البعث.
عزيزي صاحب علامة التعجب!! .. ستسقط حتما دولة الطوائف، مثلما ستسقط دولة الخليفة.. وسينهض من الظلام عراق جديد لا مكان فيه للصوص الطائفية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 10

  1. ام رشا

    ابدعت كعادتك ايها الكاتب الإنسان يا من تكتب للجميع ومن اجل الجميع ،اقسم لك أنني احب كتاباتك لانها لا تجعلني افكر ولو للحظة هل انك سني أو شيعي أو عربي أو كردي..! وهذا ما يجب ان يكون عليه الكاتب النجيب الذي يحمل هموم الوطن كل الوطن ، أتمنى ان يحذو جميع الك

  2. فوزي حامد االهيتي

    الاستاذ علي انت وزملائك الآخرين مثل الاستاذ سمد الطائي وهاشم العقابي وحيدر سعيد ...الخ من اقلام نبيلة وأصوات حرة مهمومة بقضايا الوطن ... منحازة للاغلبية المسحوقة منه. تخوضون حربا حقيقية ضد قوى لا تقل خطورة عن داعش بل ان داعش هي احدى إفرازاتها ودوركم في هذ

  3. الشمري فاروق

    نعم ايها العزيز لم تضع سنوات من العمر ... بل ضاع العمر كله... وليتذكر الجميع مقولة الامام علي (عليه السلام) بحق الخوارج الذين حاربوه...(((لا تقانلوا الخوارج بعدي فليس من طلب الحق فأخطئه. كمن طلب الباطل فأصابه)))

  4. حيدر عزيز

    بالتاكيد هذا كل مااستوعبوه مما كتبته استاذ علي وما يكتبه الاخرون ممن يرومون الوصول الى الحقيقة وليس الانحياز لطرف على حساب طرف اخر ممن يمتلكون الوسطية والاحساس وحب الناس ايا كانو . لانهم لايريدون ان بفهموا ثقافة ان تكون منصفا وان تقييم الانسان لايم

  5. محمد توفيق

    حين يتمتع الفرد باستقلالية ثقافية في تفكيره فسوف تنفتح أمام ذهنيته مساحة كافية من الحركة والحرية للخروج من سجن الإنتماءات الطائفية والمناطقية التقليدية ، وسوف يبتعد عن الغام ومطبات الهوية الجمعية للرهط الإجتماعي والديني الذي ينتمي اليه تاريخياً .. أت

  6. ام رشا

    ابدعت كعادتك ايها الكاتب الإنسان يا من تكتب للجميع ومن اجل الجميع ،اقسم لك أنني احب كتاباتك لانها لا تجعلني افكر ولو للحظة هل انك سني أو شيعي أو عربي أو كردي..! وهذا ما يجب ان يكون عليه الكاتب النجيب الذي يحمل هموم الوطن كل الوطن ، أتمنى ان يحذو جميع الك

  7. فوزي حامد االهيتي

    الاستاذ علي انت وزملائك الآخرين مثل الاستاذ سمد الطائي وهاشم العقابي وحيدر سعيد ...الخ من اقلام نبيلة وأصوات حرة مهمومة بقضايا الوطن ... منحازة للاغلبية المسحوقة منه. تخوضون حربا حقيقية ضد قوى لا تقل خطورة عن داعش بل ان داعش هي احدى إفرازاتها ودوركم في هذ

  8. الشمري فاروق

    نعم ايها العزيز لم تضع سنوات من العمر ... بل ضاع العمر كله... وليتذكر الجميع مقولة الامام علي (عليه السلام) بحق الخوارج الذين حاربوه...(((لا تقانلوا الخوارج بعدي فليس من طلب الحق فأخطئه. كمن طلب الباطل فأصابه)))

  9. حيدر عزيز

    بالتاكيد هذا كل مااستوعبوه مما كتبته استاذ علي وما يكتبه الاخرون ممن يرومون الوصول الى الحقيقة وليس الانحياز لطرف على حساب طرف اخر ممن يمتلكون الوسطية والاحساس وحب الناس ايا كانو . لانهم لايريدون ان بفهموا ثقافة ان تكون منصفا وان تقييم الانسان لايم

  10. محمد توفيق

    حين يتمتع الفرد باستقلالية ثقافية في تفكيره فسوف تنفتح أمام ذهنيته مساحة كافية من الحركة والحرية للخروج من سجن الإنتماءات الطائفية والمناطقية التقليدية ، وسوف يبتعد عن الغام ومطبات الهوية الجمعية للرهط الإجتماعي والديني الذي ينتمي اليه تاريخياً .. أت

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram