يخبرنا الإسطنبولي أورهان باموق إنه عانى لسنوات من اسمه الادبي، فما ان يكتب على غلاف المطبوع اسم اورهان حتى يتصور القراء أن كاتبهم المفضل اورهان كمال أصدر عملا ابداعيا جديدا، حتى انه ذهب ذات يوم لأمه ليخبرها بمعاناته فقدمت له النصيحة الثمينة: "كل الاسماء تتشابه، لكن افعال الناس هي من تميزهم".
بعد هذه النصيحة لا أدري كم هو عدد الطبعات التي صدرت من روايات صاحب نوبل، ولا كمية النقود التي اضيفت الى رصيده، لكن لا يمضي عام دون ان تكون روايته الشهيرة "اسمي أحمر" على رأس أفضل رواية تركية منذ لحظة صدورها عام 1998 وحتى ايامنا هذه.. يختلف حولها القراء، لكن لا يمكنك ان تعرف عالم باموق الا اذا بدأت بها.
يخبرنا الاسطنبولي ان المبادئ لا تتغير، لا الظلم يصبح عدلا ، ولا الرحمة يمكن ان تكون منه، وعلى الانسان ان لا يفقد الأمل حتى وهو يضع احدى قدميه على طريق الموت.
بالامس تذكرت "قرة" بطل "اسمي أحمر" ، وانا اقرأ بعض التعليقات "الكوميدية" في " الفيسبوك " حيث وجدت أن البعض اصيب بالدهشة واخرون ضربوا كفاً بكف، اذ كيف لشخص اسمه " علي حسين " يدافع في كتاباته عن السنة، ففي اكثر من تعليق يكتب أصحاب شعار لا مكان للسنة في العراق "نشك بان اسمك هو اسم امير المؤمنين علي ، والمشكلة ان أباك اسمه حسين"، للاسف البعض يعتقد ان علي بن ابي طالب كان يجد في اسمه ومقربته من النبي حقا استثنائيا في المال والأرض، وهو الذي رفض ان يشتم حتى الذين حملوا السلاح ضده، ومن يريد ان يتعلم من دروس التاريخ احيله الى تاريخ الأُمم والملوك للطبري ليقرأ كيف ان بيت زين العابدين بن الحسين كان ملاذا امنا احتمت به اسرة مروان بن الحكم من ملاحقة العباسيين، وعلى رأسهم زوجة مروان عائشة بنت عثمان بن عفان.
طبعا لا احد يمكن له ان يصادر حق أي انسان في ان يبدي وجهة نظره لما جرى ويجري الآن في البلاد، ولكن ليس من حق احد ان يحول العلاقة التاريخية بين ابناء الشعب إلى شتيمة لكل العراقيين، وان يضع نفسه وصياً على اسماء الناس وطوائفهم ونوع العلاقة التي تربط بينهم ـ فمثل هذه الأفعال لن تساعد العراقيين في شيء، ولن ترجع الروح الى سنوات من أعمارنا ضاعت في ظل صراع طائفي على نهب البلاد وتخريبها.
اليوم معارك تحرير تكريت وبعدها الموصل يجب ان تكون فرصة لنزح كل هذا الهراء الطائفي من ادمغة الناس، وعلينا ان نتعلم ان ابناء هذا الشعب هم حلقات متصلة مترابطة، وهو أمر لو أدركناه لعلمنا أن كل ما نعانيه من أزمات خطيرة مثل الشحن الطائفي وانتهازية الساسة شيعة وسنة وملف الامن والخدمات، من أهم أسبابه هو اختيارنا لنموذج السياسي الطائفي الذي يريد لنا ان نظل اسرى حماقاته الطائفية، فلا مكان لعمر في مناطق الشيعة ـ وعبد الزهرة منبوذ في سرادق "المقاومة"، وحين يصر البعض على ان يقول ياجماعة هذا سخف، يقولون لك انت داعشي او ميلشاوي.
ربما لايريد البعض للكاتب ان يكون له رأي مستقل، واذا خطر له ان ينتقد ظاهرة مخجلة مثل محاسبة الناس على اسمائهم، فسيتهم بالخيانة لطائفته. لذلك، يريدون من العراقي ان يتحصن داخل طائفته، وان يرى انتصارات الجيش محاولة لذبح السنة، والمطالبة بانهاء حالة الاقصاء دعوة لعودة البعث.
عزيزي صاحب علامة التعجب!! .. ستسقط حتما دولة الطوائف، مثلما ستسقط دولة الخليفة.. وسينهض من الظلام عراق جديد لا مكان فيه للصوص الطائفية.
اسمي "علي حسين"
[post-views]
نشر في: 3 مارس, 2015: 06:39 ص
جميع التعليقات 10
ام رشا
ابدعت كعادتك ايها الكاتب الإنسان يا من تكتب للجميع ومن اجل الجميع ،اقسم لك أنني احب كتاباتك لانها لا تجعلني افكر ولو للحظة هل انك سني أو شيعي أو عربي أو كردي..! وهذا ما يجب ان يكون عليه الكاتب النجيب الذي يحمل هموم الوطن كل الوطن ، أتمنى ان يحذو جميع الك
فوزي حامد االهيتي
الاستاذ علي انت وزملائك الآخرين مثل الاستاذ سمد الطائي وهاشم العقابي وحيدر سعيد ...الخ من اقلام نبيلة وأصوات حرة مهمومة بقضايا الوطن ... منحازة للاغلبية المسحوقة منه. تخوضون حربا حقيقية ضد قوى لا تقل خطورة عن داعش بل ان داعش هي احدى إفرازاتها ودوركم في هذ
الشمري فاروق
نعم ايها العزيز لم تضع سنوات من العمر ... بل ضاع العمر كله... وليتذكر الجميع مقولة الامام علي (عليه السلام) بحق الخوارج الذين حاربوه...(((لا تقانلوا الخوارج بعدي فليس من طلب الحق فأخطئه. كمن طلب الباطل فأصابه)))
حيدر عزيز
بالتاكيد هذا كل مااستوعبوه مما كتبته استاذ علي وما يكتبه الاخرون ممن يرومون الوصول الى الحقيقة وليس الانحياز لطرف على حساب طرف اخر ممن يمتلكون الوسطية والاحساس وحب الناس ايا كانو . لانهم لايريدون ان بفهموا ثقافة ان تكون منصفا وان تقييم الانسان لايم
محمد توفيق
حين يتمتع الفرد باستقلالية ثقافية في تفكيره فسوف تنفتح أمام ذهنيته مساحة كافية من الحركة والحرية للخروج من سجن الإنتماءات الطائفية والمناطقية التقليدية ، وسوف يبتعد عن الغام ومطبات الهوية الجمعية للرهط الإجتماعي والديني الذي ينتمي اليه تاريخياً .. أت
ام رشا
ابدعت كعادتك ايها الكاتب الإنسان يا من تكتب للجميع ومن اجل الجميع ،اقسم لك أنني احب كتاباتك لانها لا تجعلني افكر ولو للحظة هل انك سني أو شيعي أو عربي أو كردي..! وهذا ما يجب ان يكون عليه الكاتب النجيب الذي يحمل هموم الوطن كل الوطن ، أتمنى ان يحذو جميع الك
فوزي حامد االهيتي
الاستاذ علي انت وزملائك الآخرين مثل الاستاذ سمد الطائي وهاشم العقابي وحيدر سعيد ...الخ من اقلام نبيلة وأصوات حرة مهمومة بقضايا الوطن ... منحازة للاغلبية المسحوقة منه. تخوضون حربا حقيقية ضد قوى لا تقل خطورة عن داعش بل ان داعش هي احدى إفرازاتها ودوركم في هذ
الشمري فاروق
نعم ايها العزيز لم تضع سنوات من العمر ... بل ضاع العمر كله... وليتذكر الجميع مقولة الامام علي (عليه السلام) بحق الخوارج الذين حاربوه...(((لا تقانلوا الخوارج بعدي فليس من طلب الحق فأخطئه. كمن طلب الباطل فأصابه)))
حيدر عزيز
بالتاكيد هذا كل مااستوعبوه مما كتبته استاذ علي وما يكتبه الاخرون ممن يرومون الوصول الى الحقيقة وليس الانحياز لطرف على حساب طرف اخر ممن يمتلكون الوسطية والاحساس وحب الناس ايا كانو . لانهم لايريدون ان بفهموا ثقافة ان تكون منصفا وان تقييم الانسان لايم
محمد توفيق
حين يتمتع الفرد باستقلالية ثقافية في تفكيره فسوف تنفتح أمام ذهنيته مساحة كافية من الحركة والحرية للخروج من سجن الإنتماءات الطائفية والمناطقية التقليدية ، وسوف يبتعد عن الغام ومطبات الهوية الجمعية للرهط الإجتماعي والديني الذي ينتمي اليه تاريخياً .. أت