بعيداً جداً عما يحدث في العراق من كوارث انسانية وأمنية وثقافية، وبعيداً عما يتعرض له العراق من أزمات خانقة على جميع المستويات، وفي منتهى الصفاء السينمائي والثقافي وفي لحظة زمنية مميزة في تاريخ السينما العراقية أعلنت لجنة تحكيم مهرجان ليبو السينمائي ا
بعيداً جداً عما يحدث في العراق من كوارث انسانية وأمنية وثقافية، وبعيداً عما يتعرض له العراق من أزمات خانقة على جميع المستويات، وفي منتهى الصفاء السينمائي والثقافي وفي لحظة زمنية مميزة في تاريخ السينما العراقية أعلنت لجنة تحكيم مهرجان ليبو السينمائي الدولي حصول الفلم العراقي (كوميديا جادة) على ذهبية المهرجان في دورته الخامسة عشرة والتي أعلنت نتائجها في سانتياغوعاصمة تشيلي (Festival de Cine de Lebu) مؤخرا.
وقد جاء في بيان لجنة التحكيم (أن التنافس كان على أشده بين (1600) الف وستمائة فلم من مختلف دول العالم، قدمها منتجون وصناع أفلام وكتاب ومخرجون يمتازون بالكفاءة والمهنية العالية والقدرة على التخيل ما سمح لنا بأن نبشر بانطلاق موجة عالمية جيدة من الأفلام التي ستعمل مع باقي أدوات الوعي الانساني على تحسين وجه العالم والارتقاء بالنوع السينمائي).
وأوردت اللجنة في ديباجة بيانها أنه (قد استندت كافة قرارات لجنة التحكيم الى مناقشات مطولة وتفحص دقيق لكل مفردات الأفلام وعناصرها السينمائية والفكرية، وتم منح الجوائز وفق معايير معاصرة وحديثة في تقييم الأفلام مع مراعاة الصنعة السينمائية وصدق الأداء الفني والقدرة على خلق أجواء سينمائية خالصة).
وقد فاز بالجائزة الأولى لهذا العام الفلم العراقي (كوميديا جادة) للمخرج لانيدر كاميريرو.
يذكر أن الفلم يعد أول فليم كوميدي عراقي بعد توقف السينما العراقية عن تقديم الكوميديا لمدة ثلاثين عاماً، وهو من انتاج (جمعية الفنون البصرية المعاصرة CVAS) العراقية والتي قامت بانتاجه بالتعاون مع شركتي (أوفتوبك Offtopiik) و(برشرفلمك pressure fimak) الاسبانيتين.
في تبرير منح الجائزة للفلم جاء ما يلي :
أنه أكثر الأعمال تكاملاً من حيث تضامن جميع العناصر السينمائية لخدمة الفلم والارتقاء به ليصبح عملاً يكاد يكون خالياً من نقاط الضعف أو التعثر، وقد منح الجائزة لتسمكه الشديد بمفهوم ورؤية السينما من جهة، ومن جهة أخرى انطلاقه في آفاق خصبة من المغايرة والتجديد على مستويي الايقاع البصري والحبكة الدرامية التي خلطت على نحو جديد تماماً بين ماهو واقعي وماهو متخيل لدرجة استحال التفريق بينهما في بعض الأحيان، كذلك لتضمن الفلم رسائل ثقافية وانسانية متعددة مشحونة بالايجابية والاخلاص للانسان وقضاياه دون الوقوع في فخ المباشرة والنصح والارشاد.
من الجدير بالذكر أن الفلم مأخوذ عن قصة واقعية حدثت في العراق بين عامي (2013-2014)، وقد اشتركت في تجسيد شخصيات الفلم ذات الشخصيات الحقيقية للقصة، بالاضافة الى عدد قليل جداً من الممثلين العراقيين المحترفين الذين جاءت اسهاماتهم كضيوف شرف.
وقد تعرض الفلم لمجموعة أحداث واقعية وتحديات حقيقية تواجه مجموعة من الناشطين الثقافيين يسعون لتأسيس أول مهرجان سينمائي في بغداد في ظرف استثنائي تمر به المدينة يجعل منها ساحة لكل أنواع التحديات، فيعرضهم عملهم لموجة انتقادات مما يجعلهم يعيشون مناخاً غريباً من العدائية والقطيعة، كذلك يوثق الفلم ليوميات مدينة بغداد التي تقوم على تناقضات وصفها الفلم بـ (السوريالية)، وقد عالج الفلم قصته معالجة كوميدية هي اقرب للكوميديا السوداء التي تمتاز بقدرتها على توجيه الانتقادات اللاذعة والسخرية من الواقع والتهكم عليه بدلاً من التذمر منه والتشكي غير المجدي.