قال البير كامو لسيمون دي بوفوار وهو ينتهي من قراءة كتابها الجنس الاخر: "إنه أفضل كتاب قرأته عن النساء وعالمهن"، اليوم الغرب يقرأ كتاب الفيلسوفة الفرنسية كتحفة أدبية، لأن تلك المعارك عن المرأة لم تعد موجودة، لكنها في الشرق مع ما نشهده من "تطور" في الخطاب الثقافي والسياسي، يصبح الحديث عن المرأة جزءاً من حياة يراد لها ان تعود الى ما قبل العصور الوسطى.
اليوم أصبح العالم مسكوناً بشيء اسمه المرأة، فلم يعد من الممكن تشكيل برلمان او حكومة في أي بقعة من العالم من دون النساء، وفازت امرأة مثل ميركل ابنة قسيس الماني بلقب الشخصية الأكثر تأثيراً في العالم، وأصبحت بلدان أمريكا اللاتينية تستبدل رؤساءها العسكر بنساء أنيقات، ذهب العصر الذي كانت تشكو فيه سيمون دي بوفوار من ظلم الرجل.
تتساءلت بوفوار قبل اكثر من نصف قرن، إذا كان تاريخ النساء من صنع الرجال، فهل يعني ذلك أن المرأة هي التي سمحت للرجل بأن يعتبرها جنساً آخر؟ أم ان المجتمع هو الذي حكم عليها لتكون جنسا آخر؟ خاضعاً للرجل؟ وهل اختارت أن تكون في قفص عوضا عن أن تكون طائرا طليقا؟ وتضيف: "إن المجتمع هو الذي ساهم في خلق الصورة النمطية للمرأة لتكون أنثى، تابعة للرجل، صنعها المجتمع لتكون جنسا آخر، ألغى شخصيتها وطمس إنسانيتها، واعتبرها أنثى بالمفهوم المطلق جسدا كمتاع، حسب أهوائه، لا يمكن للإنسان العاقل أن يختار العيش في قفص، إلا إذا حكمت عليه ظروف الحياة أن يعيش مقيدا بالأغلال"، قبل سيمون أطلق شاعرنا الزهاوي دعوته الشهيرة لمنح المرأة حقوقها:
وكل جنس له نقص بمفرده
أما الحياة فبالجنسين تكتمل
عبر الزهاوي عن اعترافه الكامل بدور المرأة المهم والكبير في الحياة الأسرية والمجتمع وبناء الوطن وأشار إلى مساوئ المفاهيم السائدة التي تحط من قدرها وتظهرها متاعاً يمتلكه الرجل ويفعل به ما يشاء ويحق له التخلي عنه أو استبداله متى رغب في ذلك، تحدث الزهاوي، مبيناً أن في الأمر امتهاناً فظيعاً لها وتكريساً لثقافة الخوف والضعف والخيانة وانعدام الثقة بين بني البشر ومحدداً سلبيات الحجاب على جميع الصعد وإيجابيات السفور التربوية والاجتماعية وانعكاسه على قدرة المرأة على التفاعل مع الرجل في تطوير المجتمع وبناء الاوطان، هذا ما قاله الزهاوي قبل مئة عام، واليوم ونحن نعيش عصر التكنولوجيا الرقمية ، يصر البعض على اقامة مهرجانات للحجاب وندوات عن زواج القاصرات، بل ان احد المراكز الثقافية العراقية في الخارج اقام احتفالا بمناسبة بلوغ طالبات المدرسة العراقية سن التكليف الشرعي، في الجانب الاخر تستمر داعش في اقامة اسواق النخاسة لبيع السبايا من الايزيديات، في مشهد يعيدنا الى عصور الجواري التي اشتهر بها اجدادنا "البواسل".
أثقل صفحات الكوميديا والسخرية التي نعيش بها اليوم هو النقاش الذي يعلو كل يوم عن حقوق المرأة، يا جماعة والله الامر مخجل ، حين نوافق على ان نمنح الكوتا للنساء في البرلمان، لكننا نحلم بعصر الحريم وبالنساء اللواتي يملكهن رجل واحد، هو الامر الناهي، نعيش في بحبوحة العصر الغربي ـ لكننا نصر على ان الزمن للرجل الشرقي الذي يريد للمرأة العراقية ان لا تتعرف على افكار الغرب "النجسة" عن الحرية والمساواة،
و بوصفها كائنا أدنى مرتبة من الذكر.. انها أنثى.. تقول سيمون يقال: الأنوثة في خطر، ويحثوننا قائلين:
"كن نساء.. ابقين نساء".
لايريد " الذكر " العراقي ان يغيب عصر الجواري، متخذاً أشكالاً كثيرة، أسوأها مزادات داعش، وأكثرها مرارة لافتات تكتب على الحيطان "الحجاب او التيزاب".
بلدان المرأة وبلد "القاصرات"
[post-views]
نشر في: 7 مارس, 2015: 06:26 ص