امرق على صفحة مرض الزهايمر في النشرة الطبية الدورية، ومسؤول كبير في الدولة، تخونه الذاكرة، فيستبدل اسما باسم، ويختزل جملة حوادث بحادثة، وحين ينبه او ينتبه، يضطر للاعتذار.
……..
الزهايمر، ليس مرضا كالتايفوئيد او السل. وهو ليس عرضا لمرض كالبرداء تسبق الحمى والتعرق يعقب السخونة … الزهايمر ليس وباء ينتقل بالعدوى، كالزكام او السل او الطاعون، إنه أقسى واوجع مما مر ذكره من أمراض واوبئة.. انه الداء الذي يصيب خلايا معينة في الدماغ، فيعدم او يربك نعمة الإحساس بالزمن — الوقت — ويزيح ويشوش ركام الذكريات، ويزيغ الرؤية.
نعالج الزحار والملاريا بقرص دواء. والسل والتايفوئيد بالمضادات الحيوية، ولكن ما حيلتنا امام الزهايمر. وما من علاج ناجع للشفاء منه، وكل الذي وعدنا به الباحثون: الحد من تداعياته الفاجعة: فقدان الذاكرة، و ضعف او انعدام القدرة على التركيز.والغرق في التيه.
الزهايمر أصاب الرئيس الأميركي الأسبق (رونالد ريغان) وجعل آخر خطاباته مزحة تناقلها القاصي والداني، وجند زوجته نانسي لمبادرة إنسانية بشأن المرض.
الزهايمر آصاب رئيسة الوزراء البريطانية (مارغريت تاتشر)، المرأة الحديدية التي وصفها أحدهم: ربطة عنقها من حرير وإرادتها من حديد، بدت والزهايمر يزورها في غفلة منها، أضعف من سويق عشبة طرية فوق كومة رمل.
أستعيد قراءة الكتاب الذي وضعته ابنتها كارول (سمكة في دورق ماء) : كانت أمي تغيب في غرفتها ساعة وبعض ساعة، لتظهر في أعلى السلم وهي بكامل زينتها: الأقراط في الأذنين والربطة الحرير، والقلادة حول العنق، وترفع صوتها متاففة:: اوووه، لقد تأخر دينيس، قال إنه سيحضر في السادسة ليصحبني للاجتماع، وها هي تدق الخامسة وما حضر دينيس.!!
أشفق على أمي واخفي عبرة، - تقول كارول - فلقد توفي أبي دينيس قبل اكثر من عام.
# ما أصعب العيش في الماضي - حين يوصد المستقبل ابوابه وشبابيكه،، وما أشق العيش في الحاضر بذاكرة مثقوبة.