اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > عالم الغد > كيف يحصل الناس على فِكَر جديدة؟

كيف يحصل الناس على فِكَر جديدة؟

نشر في: 9 مارس, 2015: 07:09 ص

من المفترض أن تكون عملية الإبداع هي نفسها بشكل أساسي في جميع تفرعاتها و تنوعاتها، و هكذا ينطوي كل نشوءٍ لشكل فني جديد، أداة جديدة، قاعدة علمية جديدة، على عوامل مشتركة. و نحن أكثـر اهتماماً بـ " إبداع " قاعدة علمية جديدة أو تطبيق جديد لقاعدة قديمة، غي

من المفترض أن تكون عملية الإبداع هي نفسها بشكل أساسي في جميع تفرعاتها و تنوعاتها، و هكذا ينطوي كل نشوءٍ لشكل فني جديد، أداة جديدة، قاعدة علمية جديدة، على عوامل مشتركة. و نحن أكثـر اهتماماً بـ " إبداع " قاعدة علمية جديدة أو تطبيق جديد لقاعدة قديمة، غير أننا يمكن أن نكون عامّين هنا، وفقاً للعالم الشهير إسحاق عظيموف( 1920 ــ 1992) في مقاله هذا الذي لم يسبق نشره واكتشفه صديق لعظيموف مؤخراً.

 
لكن ماذا لو ان الفكرة الخارقة نفسها خطرت لاثنين من الأشخاص، في وقتٍ واحد و على نحوٍ مستقل؟ ربما العوامل المشتركة المتضمَّنة ستكون منيرة لنا. و لنتأمل نظرية التطور بواسطة الانتقاء الطبيعي، التي أبدعها بشكل مستقل تشارلس دارون و ألفريد والاس.
هناك قدر كبير مشترك هنا. فالاثنان سافرا إلى أماكن بعيدة، و راقبا أنواعاً غريبة من النباتات و الحيوانات و الأسلوب الذي تنوعت به من مكان إلى آخر. و الاثنان كانا مهتمين بشدة في الحصول على تفسير لهذا، و كلاهما أخفقا حتى حدث أن قرأ كل منهما " مقالة عن السكان " لمالثيوس ( الباحث السكاني الآنجليزي 1766 ــ 1834). و رأى كلاهما آنذاك كيف أن فكرة الزيادة السكانية و التخلص منها ( التي طبقها مالثيوس على البشر) ستنسجم مع عقيدة التطور ( إن انطبق على الأنواع عموماً ).
و من الواضح، إن ما هو مطلوب، عندئذٍ، ليس فقط أناساً بخلفية طيبة في حقل معيّن، بل و أناس قادرون على إقامة صلة بين المادة 1 و المادة 2 اللتين يمكن ألاّ تبدوان متصلتين بطريقة عادية. 
و لا شك في أن علماء طبيعة كثيرين جداً، في النصف الأول من القرن التاسع عشر، قد درسوا الطريقة التي كانت الأنواع الحية تُميّز بها أنفسها فيما بينها. و كان أناس كثيرون جداً قد قرأوا مالثيوس. و ربما درس البعض الأنواع و قرأ ماثيوس معاً. لكن ما كنتَ تحتاج إليه هو شخص ما درس الأنواع و قرأ مالثيوس، و كانت لديه القدرة على تكوين صلة متقاطعة.
و تلك هي النقطة الحاسمة حيث الخاصية النادرة التي يجب أن توجد. و ما إن تتم الصلة المتقاطعة، حتى تصبح واضحة. و من المفترض أن يكون توماس هكسلي قد صاح بعد قراءة ( عن أصل الأنواع ) : " كم أنا غبي بعدم تفكيري في هذا ".
لكن لماذا لم يفكر هكسلي بهذا؟ ان تاريخ الفكر الإنساني سيجعل ذلك يبدو و كأن هناك صعوبة في التفكير بفكرة حتى و جميع الحقائق على الطاولة. فتكوين صلة متقاطعة يتطلب جرأة معينة. لا بد أن الصلة المتقاطعة التي لا تتطلب جرأةً ينجزها كثيرون دفعةً واحدة، و تتطور لا كـ " فكرة جديدة "، و إنما كمجرد " نتيجة لازمة لفكرة قديمة ". 
و فيما بعد فقط، تبدو الفكرة الجديدة معقولة. فهي، في البدء، تبدوعادةً غير معقولة. فقد كان من اللامعقول تماماً الافتراض أن الأرض مستديرة بدلاً من مستوية، أو أنها تتحرك بدلاً من الشمس، أو أن الأشياء تتطلب قوةً لتوقفها وهي في الحركة بدلاً من قوة تبقيها تتحرك، و هكذا. و الشخص الراغب في التحليق بوجه السبب، و السلطة، و الفطرة السليمة لا بد أن يكون شخصاً يتمتع بثقة عالية بالنفس. و بما أنه لا يقع إلا في النادر، فلا بد أنه يبدو غريباً ( في هذه الناحية في الأقل ) عن الباقين. و الشخص الغريب في ناحية غالباً ما يكون غريباً في غيرها. و بالتالي، فإن الشخص الذي من الأرجح أن يحصل على فِكَر جديدة هو شخص ذو خلفية طيبة في مجال الاهتمام و شخص غير تقليدي في عاداته. و ما إن يكون لديك الأشخاص الذين تريدهم، يكون السؤال التالي هو : هل تريد أن تجمعهم معاً و بذلك يمكن أن يناقشوا المشكلة بصورة مشتركة، أن ينبغي أن تخبر كل واحد بالمشكلة و تجعلهم يعملون على انفراد؟
و شعوري هو أنه كلما كان المهم هو الإبداعية، فإن المطلوب هو الانفراد. و الشخص الإبداعي، مهما كانت الحال، يشتغل بها باستمرار. و عقله يخلط معلوماته في جميع الأوقات، حتى و هو غير واعٍ بذلك. و حضور آخرين لا يؤدي إلا إلى كبت هذه العملية، نظراً لأن الإبداع مربك. إذ أن كل فكرة طيبة جديدة تكون لديك، هناك مئة أو عشرة آلاف فكرة سخيفة، لا تهتم طبعاً بإبرازها. مع ذلك، فإن اجتماع أشخاص كهؤلاء يمكن أن يكون مرغوباً فيه لأسباب أخرى غير فعل الإبداع نفسه. فما من شخصين بالضبط يضاعفان الواحد منهما المخزون العقلي للآخر من المواد أو المواضيع. فيمكن لشخص أن يعرف المادة أ و ليس المادة ب، و آخر يمكن أن يعرف ب و ليس أ، و بمعرفة أ و ب، يمكن أن يصيب كلاهما الفكرة ــ و إن ليس بالضرورة دفعة واحدة أو حتى حالاً. 
و الأكثر من ذلك، أن المعلومات يمكن ألاّ تكون من مادتين فرديتين أ و ب، و إنما حتى من تجميعات مثل أ ــ ب، ليست ذات مغزى في ذاتها. و على كل حال، إذا ذكر شخصٌ التجميع غير العادي أ ــ ب و ذكر آخر التجميع غير العادي أ ــ س، فالتجميع أ ــ ب ــ س، الذي لم يفكر به كلٌ منهما على انفراد، يمكن أن يتمخض عن جواب. و يبدو لي، عندئذٍ، أن الغرض من جلسات التفكير ليس الوصول إلى فِكَر جديدة و إنما تثقيف المشاركين بالحقائق و تجمعات الحقائق، بالنظريات و الأفكار الشاردة.

يتبع

عن:MIT Technology

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

وزير الداخلية في الفلوجة للإشراف على نقل المسؤولية الأمنية من الدفاع

أسعار الصرف في بغداد.. سجلت ارتفاعا

إغلاق صالتين للقمار والقبض على ثلاثة متهمين في بغداد

التخطيط تعلن قرب إطلاق العمل بخطة التنمية 2024-2028

طقس العراق صحو مع ارتفاع بدرجات الحرارة خلال الأيام المقبلة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

غوغل تطرح أداةً جديدةً لوقف

غوغل تطرح أداةً جديدةً لوقف "إعلانات التذكير"

تعمل شركة غوغل على طرح أداة جديدة ستوقف ما يسمّى بإعلانات التذكير، وتمكن متصفحي شبكة الإنترنت من حجب الإعلانات المتعلقة بمنتجات تصفحوها من قبل ولم يقوموا بشرائها رقمياً، وعادةً ما تستخدم هذه الوسيلة لمحاولة...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram