مكاتب بيع المواد الانشائية المنتشرة في اطراف العاصمة ، ولغرض استقطاب الزبائن وضعت في مكان بارز لافتة كتب عليها "واصل مجيس مطروح " وتقصد ايصال مواد البناء ومنها الإسمنت الى موقع العمل مقابل سعر معين ، ووسيلة النقل تكون عادة بواسطة (عنتر ستين) الجرار الزراعي المفصول من الخدمة في المزارع والحقول والبساتين بعد تراجع القطاع الزراعي واستيراد الفجل من دول الجوار فتحول الجرار، فخر الصناعة الوطنية ، الى اعمال اخرى كنقل اسطوانات الغاز ، وحمل الانقاض ، والنفايات ، الى اماكن الطمر الصحي .
يعود تاريخ صنع "عنتر ستين" الى مطلع عقد الثمانينات من القرن الماضي ، من انتاج شركة تابعة لوزارة الصناعة تقع في الاسكندرية ، تخصصت بانتاج شاحنات صلاح الدين وحافلات ريم تشبه الشخاطة ، باربعين وعشرين راكبا ، لم تستطع البقاء في الشارع فازاحتها الكيات والحافلات الجديدة المكيفة ذات الكراسي المتحركة ، المزودة بشاشات عرض المحاضرات الدينية.
صاحب القصيدة الكوميدية العراقية الشاعر الحلاوي موفق محمد وظف شعار "واصل مجيس مطروح " ليطرحه على الشخص الحاضر في العزائم والولائم ، والمؤتمرات والندوات ، يأكل ويشرب على حساب الحكومة ، وتوجه له الدعوات لحضور مهرجانات في الخارج ، يجيد الحديث بشؤون السياسية والادب والفن ، وله علاقات واسعة بالساسة والمسؤولين ، ولطالما منح رتبة عريف حفل في مهرجان ينظمه حزب سياسي ، ولخدمته الجليلة في نبذ الطائفية وحث الجماهير على التمسك بالمشروع الوطني ، يحصل الشخص من فئة "واصل مجيس مطروح" على تكريم الزعيم الروحي للحزب وامينه العام وربما يطلب منه ان يستعد لخوض الانتخابات المقبلة ، او يرشح لرئاسة او عضوية هيئة مستقلة ، ولانه صاحب حظ وبخت ، يلتفت اليه القدر ، فينقله من القاع الى القمم .
العلاقة الجدلية بين عنتر ستين وسعيد الحظ "واصل مجيس مطروح " بحسب تعبير الشاعر موفق محمد تتلخص بتعاقد احد الاشخاص في الاشهر الاخيرة من عمر الحكومة السابقة مع جهة امنية على وضع رقم على الزجاجة الامامية لجميع المركبات في بغداد، واستثنت الجرارات ومنها عنتر ستين ، لاغراض تتعلق بتحديث المعلومات ، وعائدية المركبات واصحابها ، وتولت السيطرات المنتشرة في العاصمة مهمة توزيع استمارات ووصولات مع استيفاء مبلغ خمسة عشر الف دينار من صاحب المركبة ، وتوصية بمراجعة مقر الفوج في المنطقة لاستكمال الاجراءات الاصولية ، انتهى عمر الحكومة السابقة ، ولم يسأل احد من اعضاء مجلس النواب والمسؤولين عن مصير الاموال ، واين ذهبت ، وهي مبالغ كبيرة تستطيع مديرية المرور ان تحددها بوصفها الجهة الوحيدة التي تمتلك البيانات الدقيقة عن اعداد سيارات الخصوصي والاجرة والحمل وغيرها ، وحتى الجرارات ،مسجلة في المديرية ، وتحمل لوحة تسجيل مركبة انشائية ، اموال اصحاب المركبات اصبحت بحوزة شخص ، معروف ومشخص من الاجهزة الامنية ، كان يقود عنتر ستين لبيع اسطوانات الغاز قبل ان يلتفت له القدر ويصبح رجل اعمال من فئة واصل مجيس مطروح .
عنتر 60
[post-views]
نشر في: 9 مارس, 2015: 05:17 ص