علي القيسيان انفلات وتردي نظم السلوك العام التي تعارف عليها الناس ردحاً طويلاً من الزمن، يعد تحولاً خطيراً وغير مسبوق، ادى في بعض جوانبه الى بروز ظواهر جديدة يمكن وصفها من دون تردد بالسلبية وغير السوية!.
اذ ان التحول من مرحلة اجتماعية اتسمت بنظم سلوكية وقيمية ثابتة، ومتجذرة ، وموروثة درَج افراد المجتمع بمختلف فئاتهم على العمل بها، وتحت ظلها، في دوائر جدهم ولهوهم .. الى مرحلة اخرى غير منضبطة في بعض مناحيها، رمادية اللون في مناحيها الاخرى، عزز ذلك بالتأكيد من التناشز الاجتماعي، بل وساهم في توسيع الهوّة بين الفئات الاجتماعية المتنوعة. يلمس المتابع الدقيق للثوابت والمتغيرات في منظومة القيم العامة للمجتمع سابقا ولاحقا، ومن دون عناء الفوارق العديدة التي اعترت زوايا كثيرة من حياتنا اليومية، وذلك من خلال التعاملات العادية بين الافراد في اماكن عملهم الرسمية والشعبية، وفي الاسواق ووسائل النقل، وما الى ذلك من مناطق الاحتكاك المعتادة بصورة يومية. هذا الانفلات المعني والتغيرات التي صاحبته واعترت حركة المجتمع أجمع ، ادت الى صعود سريع لفئات قاع المدينة الى سطحها، بسبب الظروف الحرجة المعروفة، وبصعودهم السريع هذا حملوا على اكتافهم العقد النفسية والاجتماعية التي تحكمت بهم في بيئاتهم، وفي مقدمتها عقد الشعور بالدونية والنقص، حيث سارعوا لتدارك ذلك في اقرب فرصة، وكانت البداية تزوير الشهادات والتجاوز على المال العام ، وما الى ذلك من امور أهلتهم لأن يكونوا مركز قوة، ومركز ثقل في حركة التحول الجارية في البلاد. رب سائل يقول : ما المشكلة ؟ او ما الضير من تحسن اوضاع فئات اجتماعية عانت القهر والفقر؟ ..ان خطورة المشكلة تكمن في تكريس قيم "الدونية" بهوسها وفجاجتها لتكون هي المعيار القيمي الجديد. سمعت وانا في سيارة الكيا من يحرض زميله على عدم الجدية في الدراسة "لأن المسألة لا تكلف سوى 50 الفا وتكون الشهادة المبتغاة بين يديك " وهي بحسبه عن طريق التزوير.. فعلام التعب والكد .. هذا منطق معوج له تداعيات خطيرة ان سمح له ان يسود بين الناس. لذا ينبغي تفعيل كل ما من شأنه الحد من ظاهرة التزوير باعتباره جريمة مخلة بالشرف تمنع مرتكبها من التعيين في دوائر الدولة حتى في ادنى الدرجات الوظيفية لخطورة مثل هذا "المجرم". و.. و"يسخر من الجروح كل من لا يعرف الألم".
كلام ابيض : تداعيات سلبية
نشر في: 19 ديسمبر, 2009: 06:26 م