تنشر الصحف العراقية ومنذ شهور اعلانات مدفوعة الثمن تخص أناس بسطاء دفعتهم ظروف "الهوجة" الطائفية الى تغيير أسمائهم والهرب من ألقابهم والتخلي حتى عن أصولهم.. اسمحوا لي ان انقل لكم عينات صغيرة من هذه الاعلانات المخجلة وساذهب ابعد من ذلك واقول مخزية: "قدم.... طلبا يروم تبديل اسم ابنه من عمر الى مصطفى.."، "قدم المدعي.... طلبا يروم فيه تبديل لقبه من الحديثي الى اللامي"، "قدم المواطن..... دعواه القضائية لتبديل اسمه من عثمان الى رائد "، " قدم المواطن.... دعواه القضائية لتبديل لقبه من الموصلي الى النعيمي".
سيقول البعض لماذا تنسى أنّ داعش لم تمنح للمختلفين معها حق تغيير الاسم لان السكين كانت اسرع في حسم القضية، ولكن يا أعزائي عليكم ألاّ تنسوا أن داعش تنظيم ارهابي لايؤمن بحق الاختلاف، ونحن نظام سياسي له دستور كفل جميع الحريات الشخصية.
في موسوعته صعود وسقوط الرايخ الثالث يخبرنا وليام شيرر ان نظام هتلر كان يدعو الى صفاء الاسماء، هكذا كان يلقي الى المحرقة كل من لا يحمل اسما أريا وهكذا فعلت كل الانظمة الفاشية والتي كان اخرها داعش ونظرياته في الاصول والفروع لسكان المدن التي يستبيحها.
هل كنا نعتقد يوما ان هذا ما سوف يؤول إليه حال العراق الجديد بعد اثني عشر عاما من التغيير، خوف من الاسماء، توجس من الجيران وطمس للتراحم وحظر للاختلاف.
لماذا أصبح التطرف واقعا يريدون منا ان نعيش في ظله؟ مطلوب منا ان نتطرف في كل شيء.. مواطن طائفي بامتياز تتلفت حولك، تتوجس من جارك وصديقك.. وتخشى مصافحة الآخرين لأنهم لا ينتمون إلى طائفتك.. ألم يقل شكسبير في ريتشارد الثالث: احذر ان تمد يديك لغريب لئلا تتلوث، لذلك عليك أن تتخندق في مواجهة الجميع، عليك أن تخاف من جماعة عمر لانهم خاضوا صراعا قبل اربعة عشر قرنا مع جماعة علي، تحاف من الشيعي لأنه ميليشيا، ومن السُني لأنه قاعدة، وعندما يكتمل تطرفك وتتلبسك الطائفية، سيدفعك الساسة إلى الخوف من أقرب الناس إليك.
تتوالد وتتكاثر الأحقاد والضغائن في المناخات الملوّثة بوباء الطائفية والاستبداد. راجعوا معي خطب العديد من ساستنا الاخيرة وسترون، كيف تُخدع الناس بخطابات وشعارات أكثر فتكا بالبلاد من الطاعون.
تحرص الأنظمة الطائفية على بث صور الخوف. ما من منفذ اخر غير الاحتماء بالطائفة. الدروب مغلقة، وطريق النجاة يكلفك اسمك، والاعلانات اقصر الطرق للفرار من المذبحة. ومنذ سنوات فهمت داعش جدوى اللعبة الطائفية، فلم تكلف نفسها شيئا آخر. سوى تدقيق الهويات واصدار الاوامر بالحرق على طريقة هوليوود.
يتنقّل الخائف، من اسم الى اخر ومن طائفة الى طائفة تحميه.
اليوم يراد منا ان نعيش في عصر الهرب من جلودنا.. آسفون، ليس لدينا عرض آخر.. غير ان تستبدلوا عمر بجواد وتهربوا من كل شيء يربطكم بالموصل، ولايهم حتى التنكر للملا عثمان الموصلي.
اعلانات تغيير الاسماء نزهة جديدة في ارض يراد لها ان تكون عدما.. الاقتصاد عدم، فرص الامن والامان عدم، المستقبل عدم.
ايها السادة يامن تريدون لنا ان ننزع اسماءنا لقد مللنا الخطب المفزّعة حديث المصالحة كلمات التوازن والاستقرار والوعود والاكاذيب الناس تريد امان وعمل، وشارع لايوقفك فيه ملثم يقول "ما اسمك".
لم يعد في العراق أشياء تثير الحزن، لكن أعلانات الاسماء في ظل ظلام الطائفية، شيء يستحق الأسى.
كيف تهرب من أسمك ؟
[post-views]
نشر في: 9 مارس, 2015: 03:14 ص
جميع التعليقات 4
ام رشا
أستاذ علي طبعا شئ مؤلم واتحفك بما وصل اليه الفكر المتخلف إذ ان احد الشباب ويدعى عثمان وصل إلى أمريكا كلجوء واستقبله صديقه صديق العمر في المطار وهو من طائفة أخرى وقام له بواجب الاستقبال بأحسن وجه الا انه طلب منه ان يناديه باسم اخر غير عثمان أمام أصدقائه ل
عراقي
الاخ علي حسين المحترم تحياتي العراق بلد المفارقات ،التناقضات ،ليس الاسماء والألقاب وحدها تبدلت بل حتى في مجال السياسه ،يوما اصبح الشيوعي بعثيا ،وعاد مرة اخرى ليكون شيوعيا ،مرة اخرى تنكر لحزب الدعوه الذي كان يطلق عليه ( العميل ) واليوم هو من حزب الدعوة
ام رشا
أستاذ علي طبعا شئ مؤلم واتحفك بما وصل اليه الفكر المتخلف إذ ان احد الشباب ويدعى عثمان وصل إلى أمريكا كلجوء واستقبله صديقه صديق العمر في المطار وهو من طائفة أخرى وقام له بواجب الاستقبال بأحسن وجه الا انه طلب منه ان يناديه باسم اخر غير عثمان أمام أصدقائه ل
عراقي
الاخ علي حسين المحترم تحياتي العراق بلد المفارقات ،التناقضات ،ليس الاسماء والألقاب وحدها تبدلت بل حتى في مجال السياسه ،يوما اصبح الشيوعي بعثيا ،وعاد مرة اخرى ليكون شيوعيا ،مرة اخرى تنكر لحزب الدعوه الذي كان يطلق عليه ( العميل ) واليوم هو من حزب الدعوة