TOP

جريدة المدى > عام > ملاحظاتٌ وتعقيب على موضوع "الشاعر الجيد"..مــواقف للــجواهـــري لا بـــد أن تسجل 3-3

ملاحظاتٌ وتعقيب على موضوع "الشاعر الجيد"..مــواقف للــجواهـــري لا بـــد أن تسجل 3-3

نشر في: 10 مارس, 2015: 06:45 ص

قال لي : "أجل أعرف" ثم أضاف- وللقارئ أن يعرف ما تحت السطور: "ماذا أصنع يا ابني محمد والحكومة حكومتي؟!" وكأنه لا يريد أن يزيد بذلك على القول عما في حكومته تلك من تصرفات وتصرفات. ويستطرد الجواهري في ذكرياته:
وتصرم أسبوع أو أكثر، وحملتني المصادفات إلى

قال لي : "أجل أعرف" ثم أضاف- وللقارئ أن يعرف ما تحت السطور: "ماذا أصنع يا ابني محمد والحكومة حكومتي؟!" وكأنه لا يريد أن يزيد بذلك على القول عما في حكومته تلك من تصرفات وتصرفات. ويستطرد الجواهري في ذكرياته:

وتصرم أسبوع أو أكثر، وحملتني المصادفات إلى سوق الكاظمية، فوجدت السيد الصدر أمامي. ومن باب التكريم، والتسليم، ومألوف الآداب، سلمت عليه، وسرت إلى جانبه بقليل وإذا به يلتفت إليّ ويقول: "أما ذهبت إلى الملك؟ إنه يطلبك!" فقلت له بشيء من عدم اللياقة: "سيدنا- وهذا هو التعبير الدارج وليس سيدي- حتى الملك كنا نخاطبه بكلمة سيدنا أيضاً- سيدنا يقولون عن هذا الملك، إنه كذاب!"
... وكان ينبغي للسيد الصدر، وأنا أتفوه بما لا يليق، أن يعمد إلى تعنيفي، وأن ينتصر للملك، ولكنه التفت إلي ليقول، وما ألطف ما قال: "ولك يا ابني- وهذا تعبير دارج مكان ويلك- أياً كان الأمر، سواء أكان كذاباً أو غير كذاب، فهل عليك بشيء وقد طلبك الرجل وسأل عنك أن تذهب إليه؟!" عجيب! اعتذرت من السيد الصدر واستغفرت عما تجرأت به.
أسرعت إلى بيتي في اليوم نفسه لأقيم من مظهري، ثيابي، عباءتي، عمتي الصغيرة. كان البيت يقع في منتصف الطريق بين الأعظمية والبلاط الملكي، وكان الوقت ضحوة، قبيل الظهر.
ذهبت إلى دائرة التشريفات، وقلت بالحرف الواحد: "جلالة الملك يطلبني".
وهكذا عُين الجواهري موظفاً في التشريفات الملكية وليس مستشاراً كما يذكر الدكتور عز الدين. كما أن لا علاقة لقصيدة الاقطاع باستقالة الجواهري من البلاط الملكي فهي لم تكن موجودة أساساً في ذلك الوقت وهي بالفعل نظمت عام 1939 وليس خلال فترة عمل الجواهري في البلاط الملكي وهو ما تم تثبيته ليس في طبعة سوريا بل وفي طبعة وزارة الاعلام العراقية التي أشرف عليها وحققها النخبة المتميزة من ادباء العراق وأساتذته وبمراجعة مع الجواهري نفسه، وهم: الدكتور مهدي المخزومي والدكتور علي جواد الطاهر والدكتور ابراهيم السامرائي
أما القصائد التي سببت حرجاً للملك وللبلاط الملكي قبل أن تسبب حرجاً للجواهري وتضطره إلى الاستقالة من البلاط بعد أن لاحت له الفرصة التي كان يتمناها لدخول المعترك الصحفي فكانت أولها قصيدة "الرجعيون" التي هاجم فيها معارضي افتتاح أول مدرسة للبنات في النجف عام 1929 والتي يشير الجواهري إليها في ذكرياته،فيقول: "أول معركة شعرية، لم تكن نابعة عن لهو، بل عن جد: ففي عام 1929 كادت أن تفتح أول مدرسة للبنات في مدينتي النجف ، وكان ذلك بمثابة انقلاب اجتماعي. ووقف عدد من علماء الدين ضد افتتاحها، وفي الطليعة منهم أتباع السيد كاظم اليزدي، فوجدت نفسي وكأنني المسؤول الأول في العراق لمهاجمة هذه الطلائع الرهيبة التي لا يجرؤ أحد أن يمسها فضلاً عن أن يهاجمها وينال منها بقسوة لا مثيل لها وفوق ذلك كله فأن يكون من يقوم بهذا هو من حاشية الملك، فجاءت قصيدتي "الرجعيون"....فأثار ذلك ليس ثائرة النجف وحدها فقط، بل الكاظمية وسامراء والعاصمة نفسها فقد هجوت، فيما هجوت، مجتمعاً قديماً بأسره، وكان لا بد من مواجهة، من فعل ورد فعل.
وتوالت الرسائل وبرقيات الاحتجاج عليّ أنا بالذات وأكثر من هذا ما كان موجهاً إلى الملك فيصل من العلماء المجتهدين بخاصة، فاستدعاني- وفي هذه المرة أيضاً حدست لماذا هذا الاستدعاء- فإذا به غاضب عليّ ولأول مرة طوال ثلاث سنوات عنده وله الحق في ذلك، وقال مشيراً إلى الجريدة التي كانت أمامه: "ما هذا يا محمد؟!" قلت: والله يا سيدي هذا ما كان مني" قال: هل تعلم كم تلقيت من المكالمات والبرقيات، التي يقول أصحابها، هذه أفعال ابنك محمد، الذي يعمل عندك وفي ظلك، وكل ذلك وأنت تعلم كم يسبب لي هذا من حراجة شديدة".
أهو إذن خيار بين الشعر والبروتوكول؟ قلت، ولم تخني الفكرة، ولا الانتباه والفطرة: "آسف يا سيدي، لما سببته لك من حرج واستمحيك العذر، ولكن لن أسبب لك بعد اليوم، بعد هذه الساعة،أي حرج". كان مغزى كلامي مفهوماً، ومضمونه استعدادي لإعفاء الملك من وجودي عنده وهنا التفت الرجل الطيب إلي مستفسراً: "ماذا تقصد؟" قلت: "أقصد ما قلت، أن لا أكون سبب إحراج لكم يا سيدي". فرد علي بلغة لها مغزاها "لا، لا، يامحمد، عد إلى مكانك. لقد رغبت أن أنبهك، حتى تكون على بصيرة".
والقصيدة الثانية كانت قصيدة "جربيني" التي أحرجت الملك فيصل أمام شقيقه الملك علي وهو المتدين المتعبد. والقصيدة الثالثة كانت قصيدة "ثورة الوجدان" وآخرها كانت قصيدة "ساعة مع البحتري" ومع ذلك وبالرغم من ذلك لم يفرط الملك فيصل بالجواهري ولم تقبل استقالته لفترة طويلة، إذ يقول الجواهري في ذكرياته: "وفي اليوم التالي وكما قلت، وأنا خجل من نفسي، قدمت الاستقالة على يد صفوة باشا العوا رئيس دائرتي. وقد رفضت الاستقالة لفترة طويلة بل وحتى الآن، وبقيت أكثر من ذلك بسنتين وأنا أدخل على الملك فيصل لوحدي، لأن من بقى بعدي في دائرة التشريفات لا يبيحون لأنفسهم الاستئذان لي بحجة عدم قبول تلك الاستقالة."
وختاماً سأترك ما دونه د. عز الدين من خواطر عن الجواهري في براغ إلى رئيس مركز الجواهري في براغ ليدلو بدلوه في تصحيح أو تثبيت ما جاء في هذه الخواطر من أحداث لعدم ملازمتي للجواهري في تلك الفترات بالرغم من شكي في دقة بعضها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

بمناسبة مرور ستة عقود على رحيل الشاعر بدر شاكر السياب

وجهة نظر.. بوابة عشتار: رمز مفقود يحتاج إلى إحياء

أربع شخصيات من تاريخ العراق.. جديد الباحث واثق الجلبي

الطفولة بوصفها السّاحةَ الّتي تتوالى عليها الأحداثُ والمجرياتُ الّتي يمارسُها المبدعون

تقاطع فضاء الفلسفة مع فضاء العلم

مقالات ذات صلة

تقاطع فضاء الفلسفة مع فضاء العلم
عام

تقاطع فضاء الفلسفة مع فضاء العلم

دانييل دينيتترجمة: لطفية الدليميلم تكن الفلسفة متعاضدة مع العلم دوماً. في الأطروحة التالية ستنكشف لك الأسباب المسوّغة لضرورة تغيير هذا الأمر.يقدّمُ أدناه دانييل دينيت Daniel Dennett -الأستاذ الممارس في جامعة تافتس والمؤلّف الذي فاقت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram