TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > افقأوا عيون حسّادكم

افقأوا عيون حسّادكم

نشر في: 10 مارس, 2015: 04:35 م

من بداهة القول إن ما مر بالعراق من مصائب ليس بالقليل. وقد لا تجد اثنين من العراقيين يختلفان على ذلك. مع هذا يندر ان تجد فينا من يحسب حساب ذلك ويعذر أخاه لو زلت به قدمه او لسانه. كنت في صغري اكثر من الاستماع لأشرطة المجالس والنواعي العاشورائية. ومن بين ما علق بذاكرتي منها، وهي في الحقيقة كثيرة، صوت ذلك القارئ الذي ينقل لنا عتاب الامام زين العابدين على عمته زينب لأنه وجدها في لحظة ما قد خانها الصبر: عمتي زينب انت عالمة غير معلَّمة وفاهمة غير مفهّمة. ويختنق القارئ بعبرة عميقة ويصيح من داخل قلبه: حكها زينب حكها. لأن الذي جرى عليها لو وقع على كرة أرضية من حديد لفتتها. وهكذا صار حال كل عراقي وعراقية مثل زينب لو حسبناها بحساب النازلات من المصائب.
فيا أيها العراقي الشيعي الطيب لا تحزن ولا تغضب لو وجدت سنيا في قلبه توجس من قدومك لتحرير اهله من أسر الدواعش. وانت أيها السني النبيل وسّع قلبك ان وجدت شيعيا يفلت عقال لسانه من سيطرته وقد ينطق بما يؤذيك. تذكرا ان كليكما من طينة عراقية واحدة ذاقت الأمرّين على يد من كانت قلوبهم لا تعرف الرحمة.
عقود من القهر والقتل والتعذيب والخضوع لأقسى مكائن غسل الأدمغة كانت كافية لجعلنا لا نميز بين صديقنا وعدونا. أتتصورون ان وقوعنا تحت يد نظام فاشيّ من أعتى فاشيات الكون نخرج منه بكامل صحتنا النفسية وحتى الجسدية؟ مستحيل. فماكنة البعث وما تلاها بعد سقوطه من ماكنات طائفية جبارة كانت تكفي بان تجعلنا نرى الدجاجة ديكا والنعجة خروفا.
لا نحتاج الى اعتذار من بعضنا بقدر ما نحتاج الى اعتراف صادق بخطايانا التي فُرضت علينا فرضا وما كنا لها بمحبين او ساعين. لقد نجح صدام، وللأسف، في جعل البعض منا يجاريه في ما يحب ويكره. وإلا ما تفسير هذا الحقد المرضي وغير المنطقي عند بعضنا، ومن الطرفين، ضد من كانوا ضحايا لصدام مثل الكرد والكويتيين، وكذلك ضد الامريكان الذين لولاهم لما سقط؟
ها نحن نمتلك أغلى واثمن فرصة ذهبية بتاريخنا كله. انها انتصارنا على قوى الشر والظلام والفاشية في تكريت. فرصة لأن نتبادل الحب و"التيشيرتات" والعكل واليشاميغ والغتر في ما بيننا كما يفعل لاعبو كرة القدم حين يفوزون. أفعلوها يا اطيب الناس ويا أبناء أجمل عراق لتفقسوا عيون الحاسدين والشمّات والمغرضين.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. قيران المزوري

    وا أسفاه استاذ هاشم الخيرين ضائعين بين الشر الكثير وجعلو من الفجوة اوسع بكثير مما نتصور ، كثير من كتاباتك يبكينا ونشعر بشعورك ونتألم لالمك ولكن .

  2. قيران المزوري

    وا أسفاه استاذ هاشم الخيرين ضائعين بين الشر الكثير وجعلو من الفجوة اوسع بكثير مما نتصور ، كثير من كتاباتك يبكينا ونشعر بشعورك ونتألم لالمك ولكن .

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram