TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > خارج الحدود: ساسة بريطانيا يسيئون لقضائها

خارج الحدود: ساسة بريطانيا يسيئون لقضائها

نشر في: 19 ديسمبر, 2009: 06:40 م

حازم مبيضينمؤكد أن قيام بعض المسؤولين السياسيين البريطانيين، بمحاولة الالتفاف على قرار قضائي، باعتقال وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني، هو ضربة لاستقلال ذلك القضاء، الذي كان مضرباً للمثل في مختلف أنحاء العالم، خصوصاً وأن أي عضو في السلطة التنفيذية لا يملك السلطة للتدخل في شأن قضائي في بريطانيا،
 كما أن في المحاولة إساءة بالغة تصيب أولئك الساسة، خاصة وأنه لا مصلحة لبريطانيا في هذا التصرف، مع وجود رئيس وزراء إسرائيلي لا يرغب في السلام مع الفلسطينيين، وأن من يستهدفهم القرار القضائي، مدانون بارتكاب جرائم حرب، أدانهم بارتكابها تقرير القاضي غولدستون الذي تبناه مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وحظي بمصادقة الجمعية العامة الأممية. كان يفترض، كما كنا نظن، أن يكون القانون الدولي الذي يلاحق مجرمي الحرب، محترماً عند الساسة البريطانيين وعند غيرهم من ساسة العالم، لأنه بغير ذلك ستتوسع وتتعاظم تلك الجرائم، ما دام مرتكبوها يقتنعون بإمكانية إفلاتهم من العقاب، ولنا هنا أن نتساءل مع صحيفة الغارديان البريطانية عن جدوى القانون ما لم يتم تطبيقه، علماً أن القضاء البريطاني قلما يصدر مذكرات اعتقال بحق متهمين بجرائم حرب، وهو لا يصدرها جزافا، وإنما عند الضرورة، ودون النظر إلى ما يمكن أن تثيره من احراجات سياسية أو دبلوماسية. لو كانت الأمور تمضي في الاتجاه السليم والنزيه والعادل، لكان على وزير الخارجية البريطاني الاتصال بليفني، (اذا كان ذلك ضرورياً لمصلحة لندن)، ليبلغها عدم إمكانية الاعتذار لها عن صدور مذكرة اعتقال بحقها، لصدورها عن نظام قضائي مستقل، يقضي بشكل واضح بالقبض عليها، والتحقيق معها بشأن جرائم الحرب على غزة، وكان مفترضاً أن تتفهم ليفني أنه ليس ممكناً للوزراء البريطانيين التدخل في شؤون القضاء، وأنهم يحترمون التقاليد الديمقراطية القضائية العريقة في بلادهم، وأن تدخل السلطة التنفيذية في أمر قضائي سيكون عاراً على بريطانيا العظمى التي قد تتحول إلى ملجأ آمن لمقترفي جرائم التعذيب وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، من أمثال ليفني وعدد من القادة الإسرائيليين. لو كانت الأمور تمضي في الاتجاه السليم والنزيه والعادل، لكان على الساسة البريطانيين ملاحظة أن القانون الدولي يلاحق عدداً من قادة الدولة العبرية، ويمنعهم من زيارة العديد من الدول الأوروبية، لاحتمال توقيفهم والتحقيق معهم في الدعاوى المرفوعة ضدهم بتهم ارتكاب جرائم حرب، خاصة وأن المجني عليهم من الفلسطينيين سجلوا دعاوى ضد 87 شخصية إسرائيلية في محاكم مختلفة حول العالم، مستندين إلى القانون الدولي، منها ما هو مسجل في بريطانيا ضد موشي يعالون وإيهود باراك الذي أفلت من التوقيف بعد تدخل الخارجية البريطانية، وباعتباره وزيراً جاء لعقد لقاءات مع نظرائه البريطانيين، وفي إسبانيا تقرر فتح تحقيق في الدعوى ضد سبعة مسؤولين إسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم حرب، من بينهم وزير الدفاع السابق بنيامين بن إليعازر ورئيس أركانه دان حالوتس، كما أعلن الادعاء العام النرويجي عزمه النظر في دعوى ضد 11 مسؤولاً إسرائيلياً بتهمة جرائم حرب أثناء العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة. ابتداءً فان على الساسة البريطانيين قبل محاولة تعطيل النظام القضائي المحترم لبلدهم لإرضاء ليفني أن يتذكروا جيداً وكل صباح ومساء أن وعد بلفور الذي انطلق من لندن تحت ضغط وإغراءات الصهيونية هو سبب مأساة الفلسطينيين المستمرة منذ أكثر من ستة عقود، وأن عليهم اليوم السعي للتكفير عن خطايا سياسات بلدهم بدل السعي لاسترضاء القتلة والمجرمين ولو على حساب سمعة بلدهم .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram