TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > طعنة يونسي

طعنة يونسي

نشر في: 11 مارس, 2015: 03:05 م

كان حريّاً بأكثر سياسيينا صداقة لإيران وقرباً منها أن يكونوا أول المحتجين على التصريحات التي أدلى بها منذ أربعة أيام مستشار الرئيس الإيراني روحاني لشؤون الأقليات الدينية والإثنية، علي يونسي، فهي تمثل إهانة سافرة لهم قبل غيرهم.
بلغة متعالية قال يونسي في مؤتمر منتدى "الهوية الإيرانية" إن "إيران اليوم أصبحت امبراطورية كما كانت عبر التاريخ وعاصمتها بغداد حالياً، وهي مركز حضارتنا وثقافتنا وهويتنا اليوم كما في الماضي"، مشدداً على ان "العراق ليس جزءاً من نفوذنا الثقافي فحسب، بل من هويتنا.. وهو عاصمتنا اليوم"، داعياً مواطنيه والسياسيين في بلاده الى التفكير "عالمياً" والعمل "إيرانياً وقومياً"، للهيمنة على منطقة الشرق الأوسط.
لا يمكن التعامل مع أقوال يونسي بانها مجرد هذر في لحظة سكر أو زلة لسان مثلاً، فالرجل شخصية مسؤولة في النظام الايراني، وهو كان يتحدث أمام مؤتمر تحضره وفود من بلدان شتى. انه كلام معيب بكل المقاييس، وما كان له أن يجري على لسان مسؤول كبير في دولة إيران، ففيه تجاوز فاقع على سيادة الدولة العراقية وإهانة للوطنية العراقية. وما كان للكلام أن يمرّ على أسماع زعماء الأحزاب الإسلامية (الشيعية) مروراً عابراً كما لو انه لم يكن.
كلام يونسي يصبّ في صالح دعاية داعش وغيره ممن يبررون نشاطهم الإرهابي في العراق بتوطّد النفوذ الإيراني واتساع نطاقه، وهو ما انفك المسؤولون الإيرانيون، ومعهم مسؤولون عراقيون، ينفون وجود قوات إيرانية على الأرض العراقية، وان كل ما موجود هو 100 مستشار يقدّمون مساعدة طلبتها الحكومة العراقية. لكن تصريحات يونسي، وهو وزير استخبارات سابق، تقول بلسان فصيح ان العراق قد تحوّل الى كوكب يدور في الفلك الإيراني، وان إيران ترى في العراق جزءاً من إمبراطورية فارسية جديدة على غرار الامبراطورية القديمة (الساسانية) التي كانت تتخذ من قطعة قريبة من بغداد (طيسفون) عاصمة شتوية لها.
لا معنى لتصريحات يونسي ولا ضرورة إيرانية أو عراقية لها، عدا كونها تعبيراً عن شعور بالعنجهية القومية، وهو أمر يستفزّ الغالبية العظمى للعراقيين، وبخاصة في هذا الوقت حيث ينغمر العراقيون في حرب مصيرية مع (داعش) الإرهابي ويتطلعون الى دعم نزيه ومساعدة كريمة من جيرانهم وأصدقائهم وليس الى طعنة في الظهر كما يفعل يونسي.
سكوت زعماء الأحزاب الإسلامية (الشيعية) على تصريحات يونسي غير اللائقة يعني قبولاً ضمنياً بهذه التصريحات، يعزّز من الاعتقاد بان الإسلاميين، شيعة وسنّة، لا وطن لهم، وان الشعور الطائفي متمكّن منهم.
أظن ان من اللازم أن يبادر زعماء الإسلام السياسي (الشيعي) الى التنديد بما جاء على لسان يونسي، أو في الأقل معاتبته، والطلب اليه أن يحفظ الأدب ويلزم الحدود ولا يتجاوز على سيادة العراق واستقلاله الوطني ولا على مشاعر الغالبية العظمى من أبنائه وبناته.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 10

  1. عدنان فارس

    وحتى لو لم يقلها علي يونسي... فإن هذا هو حقيقة مايجري ومايحدث ومايدور في العراق (الجديد).... وزارة وليس وزير خارجية العراق تستنكر ماقاله علي يونسي!...... مسؤولو العراق (الجديد) لم يبرّروا جدارتهم في إعادة بناء وإعمار العراق.. ولا في التصدّي لدسائس اير

  2. ياسين عبد الحافظ

    شكرا للمقال انك اول كاتب فى المدى يتطرق للموضوع. وراي المتواضع هو ، ان حرب الارهاب تدخل صفحة جديدة تمثلت بتمددها الى بقاع ومناطق وتوترات شملت اوكرانيا اليمن نيجيريا والصين ولا شك انها ستشمل بقاع اخرى، تلك طبيعة الحروب ،وبسبب سياسى يميل البعض الى تفسير الا

  3. علي العراقي

    احسنت استاذ بردت قلبي وبارك الله بدعوتك الصادقة وانا مؤمن بفكر المدى وخطابها الوطني وتامل بغداد تنتلأ بصور خامنءي وانعدام صورة رئيسنا او رئيس وزرائنا ...تحياتي لك ولقلمك الجميل

  4. ابو سجاد

    والله لااعرف يااستاذ عدنان لماذا هذا الاستغراب من تصريحات الرجل لقد كان صادقا فيماقاله نحن تاريخيا من عام 1501 ولهذا اليوم نحن تبعية تارتا لبلاد فارس وتارتا الى ال عثمان فلا داعي لهذا الاستغراب والكل يعرف بهذا والاحزاب الشيعية خصوصا يعرفوا ذلك ومرجعهم الا

  5. محمد توفيق

    كل من لديه ذرة من الروح العراقيى يدين تصريحات يونسي الوقحة التي لم تنطلق من فراغ ، فهو يعي واقع أن العراق اصبح الحديقة الخلفية لإيران في السياسة والإقتصاد ، كما أن أسواقنا مفتوحة لكل شئ إيراني من الرقي حتى سيارة السايبة بفضل سياسينا الذين انعدمت لديهم

  6. عدنان فارس

    وحتى لو لم يقلها علي يونسي... فإن هذا هو حقيقة مايجري ومايحدث ومايدور في العراق (الجديد).... وزارة وليس وزير خارجية العراق تستنكر ماقاله علي يونسي!...... مسؤولو العراق (الجديد) لم يبرّروا جدارتهم في إعادة بناء وإعمار العراق.. ولا في التصدّي لدسائس اير

  7. ياسين عبد الحافظ

    شكرا للمقال انك اول كاتب فى المدى يتطرق للموضوع. وراي المتواضع هو ، ان حرب الارهاب تدخل صفحة جديدة تمثلت بتمددها الى بقاع ومناطق وتوترات شملت اوكرانيا اليمن نيجيريا والصين ولا شك انها ستشمل بقاع اخرى، تلك طبيعة الحروب ،وبسبب سياسى يميل البعض الى تفسير الا

  8. علي العراقي

    احسنت استاذ بردت قلبي وبارك الله بدعوتك الصادقة وانا مؤمن بفكر المدى وخطابها الوطني وتامل بغداد تنتلأ بصور خامنءي وانعدام صورة رئيسنا او رئيس وزرائنا ...تحياتي لك ولقلمك الجميل

  9. ابو سجاد

    والله لااعرف يااستاذ عدنان لماذا هذا الاستغراب من تصريحات الرجل لقد كان صادقا فيماقاله نحن تاريخيا من عام 1501 ولهذا اليوم نحن تبعية تارتا لبلاد فارس وتارتا الى ال عثمان فلا داعي لهذا الاستغراب والكل يعرف بهذا والاحزاب الشيعية خصوصا يعرفوا ذلك ومرجعهم الا

  10. محمد توفيق

    كل من لديه ذرة من الروح العراقيى يدين تصريحات يونسي الوقحة التي لم تنطلق من فراغ ، فهو يعي واقع أن العراق اصبح الحديقة الخلفية لإيران في السياسة والإقتصاد ، كما أن أسواقنا مفتوحة لكل شئ إيراني من الرقي حتى سيارة السايبة بفضل سياسينا الذين انعدمت لديهم

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram