بمناسبة صدور كتابه (الحياة في الحامية الرومانية) ، ضيّف اتحاد الادباء والكتاب العراقيين الاربعاء الماضي ، وضمن منهاجه الثقافي الاسبوعي ، الباحث والشاعر المغترب في هولندا هادي الحسيني اثناء زيارته للوطن في حفل توقيع تضمن الحديث حول اصداره الجديد. وأوض
بمناسبة صدور كتابه (الحياة في الحامية الرومانية) ، ضيّف اتحاد الادباء والكتاب العراقيين الاربعاء الماضي ، وضمن منهاجه الثقافي الاسبوعي ، الباحث والشاعر المغترب في هولندا هادي الحسيني اثناء زيارته للوطن في حفل توقيع تضمن الحديث حول اصداره الجديد. وأوضح مقدم الجلسة الناقد علي الفواز ان الاحتفاء لم يقتصر على هادي الحسيني واصداره فقط، وانما هو ايضاً بالثقافة العراقية عند عتبات المهجر. وقد كانت العاصمة الاردنية عمان هي العتبة الأولى التي هاجر اليها الطيف الثقافي العراقي اثناء التسيعينات وشكلت الظاهرة الأولى لثقافة المنفى ويومياته التي اطلق عليها الحسيني عنوان (الحامية الرومانية) استعادة لتاريخها القديم حين كانت موطئ قدم للرومان. وقال: هذه المدينة شكلت لحظة انسانية للمثقف العراقي الخارج من الحروب مكسوراً ومهزوزاً ومثقلاً بخيبات وطنية وآيدولوجية وربما عاهات روحية بسبب الغربة الداخلية التي عاني منها المثقفون منذ الستينات. لافتاً الى ان الكثير منهم كتبوا عن البحر ولم يروه، وتحدثوا عن كاردينيا بصفتها حانة في بغداد، كما تحدثوا عن آرخبيلات ولم يعرفوا ماذا تعني، لذلك شكل المنفى أول صدمة لكل هذه الرموز التي كانت تحضر في نص المثقف العراقي من دون ان يلمسها.
وبين المحتفى به ان كتابه يتضمن سيرة حياته لمدة اربع سنوات قضاها مع شعراء المنفى وعلى رأسهم عبد الوهاب البياتي وجان دمو وسعدي يوسف وحسب الشيخ جعفر. وقال: في أواخر الثمانينات لم اكن احلم في الجلوس مع عمالقة مثل البياتي او سعدي يوسف او حسب الشيخ جعفر، حتى اننا في ذلك الوقت لم نكن قد حصلنا بعد على عضوية الاتحاد وكنا ندخل النادي كزائرين بصحبة بعض الاساتذة، وكنا نجد حسب الشيخ جالساً في الحديقة، فنلقي عليه السلام ولا نجرؤ على الجلوس معه. ولكن حين سافرت الى عمان وجدت نفسي اسكن معهم في غرفة واحدة تفتقد الى ابسط مقومات الحياة، مشيراً الى ان اغلب الكتاب ، وهو منهم ، لم يكونوا يملكون من المال حتى ثمن صحن الفول، وكان الجوع ينخر احشاءهم. مبيناً انه جلس على مائدة البياتي واصطحبه الى مجالسه الثقافية، والتقى احسان عباس والدكتور علي عباس علوان في منتصف واواخر التسعينات واتاح له هذا التعايش معرفة نرجسياتهم المتفاوتة. لافتاً ان الكتاب تحدث عن انكسار الجيش العراقي في الكويت مروراً بالظروف القاسية التي مر بها الشعب، ومن ثم المهجر والشخصيات التي التقاها او شاهدها، وعلى حد قوله حتى حمدية صالح وبنات الريف دخلن في الكتاب.
وفي مداخلته ، تساءل الروائي احمد خلف عن موضة المهجر التي اكلت الكثير من الأحبة والأصدقاء الذين غادرونا وكان من الصعب عودتهم. وقال: المفرح في هذا الكتاب ليس مسألة اليوميات، ولكن الزيارات المتكررة لهذه المدينة تثلج قلوبنا.
واشار الناقد بشير حاجم الى عدة دلالات في الكتاب أخطرها الحامية الرومانية وكأن الحسيني يريد ان يقول ان عمان حمت العراقيين الذين هاجروا اليها اثناء التسعينات، وكانت المنطلق الى بلدان المنفى الغربية والتي تعد ايضاَ من السلالة الرومانية. لافتاً الى ان الحسيني يسلط الأضواء على مرحلة مهمة من الثقافة العراقية كالسنوات القاسية التي عاشها المثقف العراقي مدوناً له سيرة اخرى بكل تفاصيلها الحياتية داخل الحامية. منوهاً الى تقنيات استعملها الكاتب منها التماثل ما بين بغداد وعمان من خلال عامل الشاي في المقهى وبائع الكتب والنساء اللاتي يمارسن الدعارة وغيرها، لكن هناك القضية الأهم هي الخروج من السجن الكبير الذي كان يعيشه العراقي في بلده.