TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > سلاماً يا ابنة العَلَم

سلاماً يا ابنة العَلَم

نشر في: 14 مارس, 2015: 09:01 م

كل الأشياء بضمنها المفاهيم والسلوك الإنساني قد تكون حمّالة أوجه وتحتمل اكثر من تأويل إلا الفرح. فمن يضحك او يبتسم بوجهك ربما يضمر لك شرا في دواخله، لكن الذي يطير من الفرح حين يلقاك فلا تشك بنواياه، وخطيتك برقبتي. أما اذا امتزج الفرح بالرقص عند اللقاء فتلك هي اللوحة الإنسانية التي تفرض على كل محب للحياة ان ينحني لها اجلالا. هكذا جعلتني ابنة ناحية العلم وهي تشارك ابن الجنوب رقصة الانتصار على الدواعش ان انحني لها مرددا: هنا العراق.
رغم احساسي بما يحسه الرجل العراقي في الموصل وديالى والانبار يوم دنّس الدواعش أرضه، لكن حزني كان أشد على حال المرأة العراقية هناك. كنت احس بأن رؤية الداعشي وحدها، حتى من دون ان يتكلم أو يرمي رصاصة، كما الصخرة الجاثمة على صدرها. وكنت عن بعد اسمع انينها:
المــــا تريـــــــده الـــــــــــــروح كشـمـرتـه بـلــــــــــــوه
مثـل اليصعــــد المـــــــاي كــوّه اعـلـه عـلــــــوه
وكنت اعلم ان الدواعش بأفغانييهم وشيشانييهم وحتى عربهم لا يفقهون ما تقول. ولو كانوا يفقهون ما بقلبها من أسى لما صاروا دواعش بالأساس. لكي تفهم ما تقوله العراقية وتحزر سر الحزن الذي يلفها تحتاج أولا الى ان تكون ذا مشاعر. وما بين المشاعر والدواعش ما صنع الحداد.
كما الجدمة التي كانت على صدرها وانزاحت حين طرق الجنود العراقيون بابها معلنين فكها من الأسر. هرولت صوبهم. رقصت. هلهلت وكان ثوبها يهلهل معها من الفرح:

خلّصتــــك امــــن اكـعيـــــــــم هلهـــــل يثــوبـــــــــــي
چــا وينـــــه نــــوب اهـــواي هــذا آنـــه نـوبــــــــي
وكانت أمها تفتح ذراعيها لتقبل جندينا البطل دون ان تسأله عن مذهبه وأصله. يكفيها انه عراقي وابن عراقية والدواعش غرباء:
هذا الولد ولدنا خاله انت امنين؟
أيعرف هؤلاء الذين يتجارون بدعوى "الانتهاكات" ان العراقية من ابخل نساء الكون بالبوسات. ولا تبوس الا من تحب او تشعر ان الذي تقبله أخوها او ابنها.
واعود لابنة العلم النشمية التي شاركت أخاها الجنوبي رقصة الأخوّة. لم تكن مجرد رقصة بل تظاهرة للفرح ورسالة لكل الذين أغاظتهم نهضة العراق من كبوته. مشت صوب الفرح بالنصر وكأنها تعلم بعيون الحاقدين تراقبها. سلاما لضحكتها وعينيها ومشيتها التي اراها تقول لكل طائفي مقيت باع الحياء ليفسد عليها فرحتها:
أرد امشي هَيچ وهَيچ حركـه اعله روحـك
وانـعـــــل أبــــو الـــــــودّاك ولچــــــــم اجــروحـــك

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 4

  1. aljaf

    سلاما لضحكتها وعينيها ومشيتها، وسلاما لكل كلمة تكتبها كل يوم في عمودك هذا

  2. حازم العمري

    كلامك ذهب ايها الاستاذ الكريم، الدواعش غرباء وكنت أتمنى على الكتاب الوطنيين من أمثالكم الرد على السيد عمار الحكيم الذي احترمه لطروحاته الوطنيةوالغير طائفية عندما قال 90% من الدواعش هم من العراقيين ويقصد طبعآ من المناطق السنية وهي التي أذاقها الدواعش الأمر

  3. aljaf

    سلاما لضحكتها وعينيها ومشيتها، وسلاما لكل كلمة تكتبها كل يوم في عمودك هذا

  4. حازم العمري

    كلامك ذهب ايها الاستاذ الكريم، الدواعش غرباء وكنت أتمنى على الكتاب الوطنيين من أمثالكم الرد على السيد عمار الحكيم الذي احترمه لطروحاته الوطنيةوالغير طائفية عندما قال 90% من الدواعش هم من العراقيين ويقصد طبعآ من المناطق السنية وهي التي أذاقها الدواعش الأمر

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram