محمد الكرباس اخذت كربلاء اهميتها التاريخية منذ استشهاد الامام الحسين في واقعة الطف بكربلاء عام 61 هـ/ 680م، حيث دفن في ارضها مع اهله واصحابه، ولم تكن كربلاء، قبل هذا التاريخ غير ارض زراعية منبسطة مع بعض التلال والمنخفضات وقد دعيت كربلاء (الغاضرية)، كما سميت (الطف) لوقوعها على جانبي نهر العلقمي، وهو فرع من الفرات كان يسقي كربلاء قديما،
وقد اندثر ومحيت اثاره، وكان نهر العلقمي يمر الى الشمال الغربي، من المدينة حيث ضريح العباس بن علي الذي استشهد مع اخيه الامام الحسين قرب مسناته. من الناحية التاريخية كانت كربلاء عبارة عن مجموعة من القرى البابلية القديمة التي اندثرت وعفا عليها الزمن ولم يبق منها سوى اطلال وتلال وقد سميت آنذاك كربل وكرب ايلا، اي حرم الله باللغة البابلية، كما سميت كوربابل باللغة العربية، وقد عفرت ارض كربلاء بـ(تلول نينوى) اما الاطلال الواقعة في الشمال الشرقي منها فكانت مقبرة بابلية قديمة، والحائر هو موضع قبر الامام الحسين، وهو من الحير اي الحِمى، وقد سميت كربلاء والحائر ايضا لان الماء كان قد حار حول قبر الحسين على عهد المتوكل العباسي (236هـ 851م) حين امر بهدم قبر الحسين واغراق المكان بالماء. وقد عرفت كربلاء ايضا بـ(ام القرى) لوقوعها على شاطئ (اكوباسي) وهو الاسم القديم لمجرى نهر الفرات القديم الذي يمر فيها، وقد عثر علماء الاثار في تلك المنطقة على هياكل عظيمة قديمة داخل اوان خزفية يعود تاريخها الى السلالات البابلية المتأخرة، كما ازدهرت قرى كربلاء ايام الكلدانيين والتنوخيين واللخميين والمناذرة يوم كانت الحيرة عاصمة ملكهم.. ويشير المؤرخون الى ان الذين دفنوا الامام الحسين واهل بيته واصحابه كانوا من تلك القرى القريبة، وهم الذين اقاموا لقبر الحسين رسما ونصبوا له علامة ورمزا، كما يذكر ان اول من زار قبر الحسين في كربلاء هو عبيدالله بن الحر الجعفي لقرب دياره منه، وبحسب الخطيب البغدادي، فان عبيد الله الجعفي حين وقف على المكان الذي دفن فيه الحسين استعبر باكيا ورثى الامام بقصيدة ندرج بعضها من ابياتها.. يقول امير غادر وابن غادر الا كيف قاتلت الشهيد ابن فاطمة فوا ندمي ان لا اكون نصرته الا كل نفس لاتسدد نادمه وما ندمي ان لم اكن من حماته لذوي حسرة ما ان تفارق لازمه الى ان يقول: سقى الله ارواح الذين تأزروا على نصره سقيا من الغيث دائمه وقفت على اجداثهم ومحالهم فكاد الحشى ينفض والعين ساجمة وكان الصحابي الضرير جابر بن عبدالله الانصاري قد زار قبر الحسين في العشرين من صفر عام 62هـ مع عدد من الافراد وقابل في السنة نفسها الامام علي ابن الحسين قرب القبر، وحينا وصل القبر قال: المسوني القبر، ثم بكى وترحم عليه.. وفي القرن الثاني للهجرة صرّد وبعض اتباعه من التوابين زاروا قبر الحسين وقضوا يوما وليلة بقربه. وكانت ام موسى، والدة الخليفة المهدي العباسي، من اوائل من صرف الاموال، في تاريخ مبكر، على القائمين بالعناية بالقبر. وخلال تولي ابي العباس السفاح الحكم في العراق كان المجال مفتوحا لزيارة قبر الحسين، غير ان هارون الرشيد ضيق الخناق على زوار القبر وقطع شجرة السدرة وكرب موضع القبر وهدم ما حوله من بيوت. وعندما تولى المتوكل العباسي الحكم كانت القبة قد اعيد بناؤها وكذلك بعض البيوت حولها، واخذ الزوار يتكاثرون لزيارة مشهد الحسين، مما اغضب المتوكل، فأمر بهدم القبر وما حوله من منازل، ومنع الناس من زيارته، ثم حرث ارضه وافاض الماء عليه فحار حول القبر من كل جانب. غير ان المنتصر بن المتوكل العباسي اعاد بناء القبر عام 247هـ/ 862م، واحسن الى اهل البيت وقربهم اليه واجزل لهم العطاء، مما شجع بعض العلويين الى الاقامة بالقرب من مشهد الحسين، وكان في مقدمتهم ابراهيم المجاب ابن محمد العابد ابن الامام موسى الكاظم، وهو اول علوي وطأت قدماه ارض كربلاء بعد استشهاد الحسين واول من استوطنها مع ولده، وكان ذلك عام 247هـ/ 862م.. وقد تفقد المنتصر العباسي مشهد الامام الحسين وامر ببناء ضريح له وظل يرعاه، واذن للزوار بزيارته. وبعد ان تداعت عمارة المنتصر قام بتجديدها محمد بن محمد بن زيد القائم، ثم قام الداعي العلوي بتشييد قبة على القبر عام 280هـ/ 896م، كان لها بابان، ثم بنى حولها سقفين، واحاطهما بسور. وعند قيام الدولة البويهية قام عضد الدولة عام 379هـ/ 979 م، ببناء ضريح من العاج ذي اروقة وعليه قبة، ومع قيام الضريح الجديد بدأ بتشييد البيوت والاسواق حول المشهد، وقد احيطت المدينة بسور كبير. وفي عام 399هـ/ 1009 م، توفي ابو العباس الكافي، الوزير بالري، وكان قد اوصى قبل وفاته ان يدفن في كربلاء الى جوار الامام الحسين، فدفن هناك.. وقد قام الوزير ابن سهلان عام 403هـ/ 1013 م، ببناء سور جديد حول المشهد، ثم قام السلطان السلجوقي ملك شاه ووزيره نظام الملك بتجديد السور عام 479هـ/ 1082م. وقد اصبحت كربلاء منذ القرن العاشر الميلادي عتبة مقدسة يتردد عليها كثير من المسلمين لزيارة الامام الحسين والتبرك به، بعد ان ازدهرت فيها الزراعة والتجارة والعلوم والاداب. لقد وصف السائح العربي المعروف ابن بطوطة كربلاء عند زيارته لها عام 726هـ/ 1307 م، قائلا: زرت كربلاء في ايام السلطان سعيد بهادر خان بن خدابنده بعد ان تعركت الكوفة سنة 726 قاصدا مدينة الح
مرقد الإمام الحسين (ع) في كربلاء
نشر في: 20 ديسمبر, 2009: 04:30 م