في نفس اليوم، ظهرت في نشرات الاخبار السياسية عدة اخبار من اماكن مختلفة تدور في محور واحد ...يتناول الأول دعوة رئيس مجلس النواب سليم الجبوري الى ضرورة تشكيل مجلس حكماء مجتمعي لترسيخ مبدأ المصالحة الوطنية وترك الجدال والتناحر بين المجتمعات والمكونات ،مطالبا جميع المراجع والمؤسسات الدينية بتبني خطة عمل لمواجهة كل فكر تكفيري يقوم على الكراهية وشرعنة القتل ، ويتناول الخبر الثاني قيام تظاهرات طلابية في كلية التربية للبنات تعترض على قرارات رئاسة جامعة بغداد بنقل عدد من الكفاءات التدريسية الجيدة والاكاديميين المشرفين على الدراسات العليا لأسباب طائفية وحمل الطالبات شعارات تقول : " إذا دخلت الطائفية ، خرجت الكفاءات " و" تدهور التعليم العالي سببه الطائفية " ....أما الخبر الثالث فتناول إقالة مدير صحة محافظة المثنى بسبب قرارات حزبية ، اذ جرى تفضيل الولاءات للأحزاب على المعايير المهنية واختيار الكفاءات ..هذه الاخبار واخرى غيرها يجمع بينها عنصر واحد هو الدين ...هذا العنصر المؤثر على المجتمع الى درجة تغييرسماته ومناخه ، فدعوة الجبوري للمصالحة الوطنية قد يكون لها صدى لو تبناها رجال الدين بإخلاص ووطنية ، لأن المواطن البسيط يتأثر بخطابات رجال الدين وفتاواهم اكثر من تأثره بالخطابات السياسية مهما انتفخت اوداج السياسي وهو يهتف بشعارات الوطنية والحرص على المواطن وخدمته ...أما الجامعات العراقية فقد تغير مناخها الديني واصبح اكثر حدة وصار يمكن لأساتذة وطلبة (متدينين ) ان يمنعوا طلبة من الاختلاط او ارتداء مايرغبون ويمكن ان تعمل رئاسات الجامعات او وزارة التعليم العالي على تنحية عمداء من مناصبهم او نقل اساتذة من اماكنهم لأنهم علمانيون او لأسباب طائفية فضلا عن اقامة الندوات والاحتفالات الدينية بشكل يتنافى مع الاجواء الجامعية المعروفة بطريقة تشيع التفرقة والتضاد بين المذاهب والأديان ...وفي ما يخص تفوق الولاءات الحزبية على الكفاءة فهي السمة الغالبة حاليا ، اذ يتم توزيع المناصب والوظائف في جميع الوزارات والدوائر حسب الانتماءات الحزبية والمذهبية ، ويبرز هنا ايضا دور الدين الذي أجاد السياسيون استغلاله منذ ادعاء دخول الديمقراطية الى البلد وحتى يومنا هذا ، لكن المواطن البسيط لن يظل بسيطا وهو يراقب بألم كيف يذبح الناس باسم الدين وكيف تجري مصادرة الحريات ووأد الكفاءات باسمه ايضا ..
يقول ابراهام لينكولن انك " قد تخدع كل الناس بعض الوقت ويمكنك ان تخدع بعض الناس كل الوقت ، ولكنك لاتستطيع ان تخدع كل الناس كل الوقت " واذا كانت الانتخابات الاولى قد قامت على اساس خطابات وفتاوى دينية ومذهبية فقد حملت الدورة الجديدة أملا جديدا في التحول الى العلمانية وفصل الدين عن السياسة ، ومهما حاول رجال السياسة استخدام الدين أداة لتمرير افكارهم المتعصبة وسرقة الشعب واحتكار اصواته ، سيكون هناك مواطن يكتشف الحقائق تدريجيا ولن يغفر لمن حاول خداعه وذبحه ومصادرة حرياته ..
خداع المواطن
[post-views]
نشر في: 16 مارس, 2015: 09:01 م