TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > هيئة النزاهة.. هل من لزوم لها؟

هيئة النزاهة.. هل من لزوم لها؟

نشر في: 16 مارس, 2015: 09:01 م

قدّم رئيس هيئة النزاهة استقالته أو تقدّم بطلب لإعفائه من منصبه.. وبالطبع فإننا لن نعرف أسباب الاستقالة أو طلب الإعفاء لأن نظامنا الجديد "الديمقراطي"، كما الأنظمة السابقة الدكتاتورية، لا يؤمن بحق المواطن في المعرفة، فكل شيء يجب أن يبقى من الأسرار القدسية التي لا تُكشف إلا للآلهة القابضين على السلطة، حتى لو كانوا من سقط المتاع وشذّاذ الآفاق.. وما أكثرهم في نظامنا الجديد.
من علامات معاداة نظامنا الجديد، كما الأنظمة القديمة، لحق المواطن في المعرفة والاطلاع ان مجلس النواب والحكومة لم يأبها حتى الآن بأمر تشريع قانون يكفل حق الوصول الى المعلومة بحرية وحق نشرها بحرية.. قانون كهذا هو من قوانين بناء الدولة، مثله مثل قانون الأحزاب أو قانون حرية التعبير مثلاً.. حق الوصول للمعلومة بحرية من الأركان الرئيسة للديمقراطية، وهو حق تكفله الأنظمة الديمقراطية ودساتيرها ليس فقط لكل مواطنة ومواطن، بل لكل مقيم في البلاد أيضاً.
بصرف النظر عن أسباب استقالة أو طلب إعفاء رئيس هيئة النزاهة من منصبه، فان هيئة النزاهة بقضّها وقضيضها لم يعد لها لزوم في ما يبدو، مثلما لم يعد لزوم لدائرة المفتش العام في الوزارات. العام بعد الآخر يزداد عدد الفاسدين والمفسدين في دولتنا، والعام بعد العام تتضاعف أرقام الأموال المنهوبة، الى درجة وصلنا فيها الى اننا أصبحنا دولة عاجزة عن إعالة نفسها، وتوشك على الإعلان عن إفلاسها، برغم ثرواتها الطائلة وخيراتها العميمة.
هيئة النزاهة لم تعد مهمتها كبح جماح الفاسدين والمفسدين وملاحقتهم واسترداد مئات المليارات التي ينهبونها جهاراً نهاراً.. مهمتها مقتصرة الآن على اللعب مع الفئران، وهم صغار الفاسدين، تاركة الحيتان تلعب على راحتها، والحيتان هم أو شركاؤهم مسؤولون كبار في الدولة من وزراء ونواب ومن على شاكلتهم.. وحتى القضايا الصغيرة التي تزجي بها هيئة النزاهة أوقات فراغها، فان الأحكام في حق المتورطين فيها غالباً ما تصدر غيابياً، لان سراّق المال العام لا يجدون صعوبة في إطلاق سيقانهم للريح والفرار بالجمل بما حمل.. وليرجع أي متشكك في هذه المعلومة الى الإعلانات الأسبوعية الصادرة عن الهيئة، فسيجد ان 99 بالمئة منها تقريباً يتعلق بأحكام قضائية صادرة غيابياً في حق موظفات وموظفين في الدولة. الأمر يبدو كما لو ان هيئة النزاهة لا تحرّك القضايا في حق الفاسدين والمفسدين وان المحاكم لا تنظر في هذه القضايا إلا بعد أن تتأكد من ان المتهمين قد أصبحوا "في الحفظ والصون"!
انها لمهزلة حقيقية ألا يكف كبار المسؤولين في الدولة عن التعهد على مدار الساعة بمكافحة الفساد الإداري والمالي، وأن تكون هناك هيئة للنزاهة "مستقلة" ومكاتب للمفتش العام في كل وزارة، فيما الفساد يتفاقم ويتعاظم ويتفشى كالوباء!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram