TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > ذبح الموصل .. بالتوافق

ذبح الموصل .. بالتوافق

نشر في: 17 مارس, 2015: 09:01 م

اللجنة التحقيقية المكلفة بكشف ملابسات سقوط الموصل اعتمدت الية التوافق لاستدعاء الشخصيات الامنية والحكومية لاستكمال اجراءات التحقيق ، بكل شفافية ومهنية وحيادية ، ومن دون الخضوع الى املاءات الاطراف المتنفذة ، بحسب تصريحات متكررة اعلنها رئيس اللجنة حاكم الزاملي وبعض اعضائها .
العراقيون عرفوا التوافق وتجرعوا مرارته ونتائجه السيئة ، حين اعتمد من الطبقة السياسية في تقاسم الرئاسات الثلاث ، وتوزيع الحقائب الوزارية بين الاطراف المشاركة في الحكومة بموجب النقاط والاستحقاق الانتخابي ، واعتمد التوافق في اختيار وكلاء الوزارات والمديرين العامين ورؤساء الهيئات المستقلة ، وتعيين السفراء اصحاب المواهب والخبرة الدبلوماسية الكبيرة الحاصلين على شهادات عليا باختصاص "الخري مري ".
سقوط الموصل بيد تنظيم داعش كان اعلانا رسميا لنكبة حزيران العراقية ، ثم تلتها صفحات سود في مقدمتها مجزرة سبايكر ، واحتلال ثلث مساحة العراق ، ونزوح الملايين من مناطق سكناهم فضلا عن سبي النساء الآيزيديات ومصادرة ممتلكات المسيحيين وتدمير حضارة عمرها الاف السنين ، تلك المجازر اثارت الضمير الانساني ، فتشكل التحالف الدولي للقضاء على داعش ، وعقدت مؤتمرات اقليمية لبحث سبل محاربة الارهاب ، وتجفيف منابعه ، ولجنة التحقيق بسقوط الموصل تبنت التوافق لاستكمال عملها ، بمعنى آخر اذا توفرت القناعة من خلال مجريات التحقيق بان فلانا هو المسؤول المباشر عن النكبة فلابد من حصول التوافق لغرض استدعائه ، للادلاء بإفادته ، وليس من المستبعد ان تخضع الحقائق للتسويف وتأجيل اعلان النتائج بمزاعم غياب التوافق.
الثوابت العراقية سارت بطريقة ومنهج جعل التوافق قاعدة حتى في تنظيم حملة القضاء على البعوض بالعشوائيات المنتشرة في اطراف العاصمة بغداد ، خشية ان يكون قاهر البعوض والذباب رمزا وطنيا يحقق مكاسب سياسية لحزبه ، هذا الابتكار العراقي تغلغل في الحياة السياسية ، فاصابها بمرض مزمن ، انتقل الى السلطتين التنفيذية والتشريعية ، فتراجع الاداء الحكومي ، وتعطل دور البرلمان في تمرير التشريعات المهمة ، فعجز عن مراقبة المؤسسات الحكومية ، وفشل في استجواب مسؤولين متورطين بقضايا فساد مالى واداري ، نهبوا المال جهارا نهارا ، وغادروا العراق الى جهة معلومة ، لا احد يستطيع استدعاءهم لتقديمهم امام القضاء واسترداد الاموال المترتبة بذمتهم ، لان التوافق لم يتحقق ،وضاعت فلوسك ياعراقي ، ارفع راسك في زمن التوافق .
هل فكرت لجنة التحقيق المختصة بسقوط الموصل بما سيتركه اعتماد التوافق من تاثيرات وانعكاسات على المتضررين من نكبة حزيران العراقية ، ام انها ستواصل المسيرة حتى نهاية الشوط بطريقة وافقلي واوافقلك لتسدل الستار على المشهد الكوميدي الاخير فتنقلب المأساة الى ملهاة وتذبح الموصل من جديد بسكين التوافقيين المتوافقين في السراء والضراء على خراب البلد، والسخرية من احزان شعبه ومعاناته جراء نكبة حزيران المسجلة باسم "فلفل دارة" زعيم ائتلاف خيار الطعروزي .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 4

  1. ابو سجاد

    هل تتوقع ان هذه اللجنة تستطيع ان تحدد من هو كان السبب في بيع الموصل كيف يخطر ببالك هكذا امر ومن هي هذه اللجنة اليست مكونة من مجموعة جاءت نتيجة للمحاصصة الم يكن فيها من جميع الاطراف التي لها يد في بيع الموصل ومن لم يكن له يد مباشرة فله ملف اربعة ارهاب ويحا

  2. ام رشا

    ماكو أروع من الديمقراطية التي باجوائها المواطن يتكلم براحته وينتقد الحكومة السابقة و الحالية وينتقد الفساد والاهمال والانبطاح امام جبروت الباذنجان وحش الطاوة والمسؤولون يتقبلون النقد البناء بكل رحابة صدر وبروح رياضية عالية ولكن النتيجة بلد منهوب مدمر اصبح

  3. ابو سجاد

    هل تتوقع ان هذه اللجنة تستطيع ان تحدد من هو كان السبب في بيع الموصل كيف يخطر ببالك هكذا امر ومن هي هذه اللجنة اليست مكونة من مجموعة جاءت نتيجة للمحاصصة الم يكن فيها من جميع الاطراف التي لها يد في بيع الموصل ومن لم يكن له يد مباشرة فله ملف اربعة ارهاب ويحا

  4. ام رشا

    ماكو أروع من الديمقراطية التي باجوائها المواطن يتكلم براحته وينتقد الحكومة السابقة و الحالية وينتقد الفساد والاهمال والانبطاح امام جبروت الباذنجان وحش الطاوة والمسؤولون يتقبلون النقد البناء بكل رحابة صدر وبروح رياضية عالية ولكن النتيجة بلد منهوب مدمر اصبح

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram