TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > صورتان .. لكن !!!

صورتان .. لكن !!!

نشر في: 17 مارس, 2015: 09:01 م

صورتان من صور الانتصار العراقي، في حربه مع داعش، يظهر فيها جنود من الحشد او من الجيش، تسلقوا بملابس مدنية، مبنى كنيسة تم تحريرها ، لعلها في تكريت أو في كركوك ورفعوا الصليب بعد ان نزعوا من أعلى نقطة فيها راية داعش السوداء، في مشهد حلمي قلما يتكرر، أو لنقل قلما يصدق. الصورة من أجمل ما تكون عليه صور الانتصار، وهي أرقى من كثير من الشعارات والكلمات التي ترفع هنا وهناك، لكن صورة واحدة لا تكفي لتقنعنا بان مرحلة ما بعد داعش سترينا صوراً أجمل وأرقى واكثر إنسانية.
لا يبدو المشهد الوطني واضحاً، هنالك عتمة تلقي بسوادها على جهود وانتصارات يسطرها المقاتلون في جبهة المواجهة مع داعش، ومواقع التواصل التي تمدنا بصور تعيد لنا جوهرنا الوطني –الانساني مثل إعادة الصليب الى مبنى الكنيسة لكنها تمدنا أيضا بصور مغايرة تماما. أتأمل عن بعد، وعبر الشاشات صورا تسيء لجهد أبنائنا، وأسمع حوارات لمسؤولين في الجيش والحشد تفتت معاني الانتصارات ومثلها أسمع اناشيد حماسية تضيّق من حجم الفرح، وتقلص من مساحة الحلم، كان يمكننا أن نلم النثار العراقي بصور وكلمات وأدوات أكثر تحضر، وبما ينسجم من تطلعاتنا في بناء وطن يتسع للجميع، لا يصادر فيه الأخ جهد اخيه، ولا يسخر فيه المنتصر من شقيقه الذي لم تسنح له فرصة المشاركة في الانتصار هذا.
سأكون أكثر ألما، وسيكون معي كذلك جمهور عريض من العراقيين الشرفاء حين نجد أن ذات اليد، أو مثيلتها التي أنزلت راية داعش ورفعت مكانها الصليب هي من تمتد في الخفاء لتنال من آمالنا في العيش الكريم الآمن، وتخرب نسيجنا الاجتماعي- الديني، فما نشهده في البصرة مثلا من تضييق في فسحة الحريات على اشقائنا المسيحين وأصحاب التوجهات غير الدينية او غيرهم من المكونات الأخرى لا ينسجم مع طموحنا، لا بل ومع بهجتنا في الخلاص من داعش وقوى الارهاب والظلام. إذ من غير المنصف أن نجعلهم مضطرين لمغادرة الوطن إلى جهة أخرى، وهم من نتقاسم معهم الهموم والمواطنة منذ مئات السنين.
نفي التضييق على الحريات لا يكتسب حقيقته من خلال صورة او شعار أو صلاة جماعية، إنما هو سلوك يومي، ونية حسنة للبناء، وهو جوهر في أمكانية ممارسة الحياة والبقاء عليها آمنة ممكنة، لا تخدعني في النهار إذا كنت تبيّت ما يحطم أحاسيسي في الليل، وتذكر دائما أني إنسان مثلك، عندي قلب وعين وأذن، قلب أتحسس به قيم الجمال، أحب وأشتاق وأحن به لأسرتي، التي تنتظرني دائما، ولي عينان ما زلت لم أشبع بهما من نظر لكل ما هو بهجة وسعادة، ولي أذنان يعوزهما العشرات من السنوات لكي يرتويا من الموسيقى واصوات البلابل والعصافير والكمنجات... فلا تجتزئ حياتي لتكمل حياتك. أنت بدوني لن ترى وجهك. لأنني مرآتك في الوجود والخلود أيضاً.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. مجيد الاسدي

    حين كنا نعرب في الجزائر كانوا يطلقون لفظة (كاوري)على المسيحي اي (الكافر...) وحين التجأنا الى ليبيا ام نجد طالبا واحدا مسيحيا في اكبر مدرسة في بنغازي..واليوم في عراق التغيير لم أجد طالبا واحدا مسيحيا...ما الذي يحل بنا يا شا عري!؟

  2. مجيد الاسدي

    حين كنا نعرب في الجزائر كانوا يطلقون لفظة (كاوري)على المسيحي اي (الكافر...) وحين التجأنا الى ليبيا ام نجد طالبا واحدا مسيحيا في اكبر مدرسة في بنغازي..واليوم في عراق التغيير لم أجد طالبا واحدا مسيحيا...ما الذي يحل بنا يا شا عري!؟

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: عاد نجم الجبوري .. استبعد نجم الجبوري !!

العراق إلى أين ؟؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

 علي حسين كان العراقي عصمت كتاني وهو يقف وسط قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة، يشعرك بأنك ترى شيئا من تاريخ وخصائص العراق.. كان رجل الآفاق في الدبلوماسية وفي السياسة، حارساً لمصالح البلاد، وحين...
علي حسين

قناطر: بغداد؛ اشراقةُ كلِّ دجلةٍ وشمس

طالب عبد العزيز ما الذي نريده في بغداد؟ وما الذي نكرهه فيها؟ نحن القادمين اليها من الجنوب، لا نشبه أهلها إنما نشبه العرب المغرمين بها، لأنَّ بغداد لا تُكره، إذْ كلُّ ما فيها جميل...
طالب عبد العزيز

صوت العراق الخافت… أزمة دبلوماسية أم أزمة دولة؟

حسن الجنابي حصل انحسار وضعف في مؤسسات الدولة العراقية منذ التسعينات. وانكمشت مكانة العراق الدولية وتراجعت قدراته الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وانتهى الأمر بالاحتلال العسكري. اندفعت دول الإقليم لملء الفراغ في كواليس السياسة الدولية في...
حسن الجنابي

إدارة الاقتصاد العراقي: الحاجة الملحة لحكومة اقتصادية متخصصة

د. سهام يوسف بعد مصادقة المحكمة الأتحادية على نتائج الانتخابات الأخيرة، يقف العراق على أعتاب تشكيل حكومة جديدة. هذه الحكومة ستكون اختبارًا حقيقيًا لإصلاح الاقتصاد العراقي المتعثر، حيث تتوقف عليه قدرة البلاد على مواجهة...
سهام يوسف علي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram