ايوب السومري من مفارقات الحال العراقية الراهنة، ان الدهشة والاستغراب لم يعودا يفعلان فعلهما المعتاد، بل فقدا تأثيرهما المباشر في نفوس المتلقي، المواطن الذي يظنه البعض غافلا عما يفعلون، حتى أمسيا امرا معتادا يصادفنا كل يوم وربما، من دون مبالغة، كل ساعة..
وآخر ما تفتقت عنه عقلية المفارقة، حادثة فساد اداري بل اخلاقي بامتياز، حدثت بشكل رسمي واصولي وحسب السياقات الادارية المعتادة، اذ ورد كتاب رسمي صادر من مديرية تربية الرصافة الاولى، في بغداد طبعا، بنقل خدمات المدرسة (.....) من اعدادية الرشد للبنات الواقعة في منطقة حي الزهور (الحسينية سابقا) الى متوسطة الانوار الواقعة في حي الصليخ. الامر الى هذا الحد ليس فيه ما يثير الدهشة والاستغراب، ولكن المفارقة تكمن في ان المتوسطة المذكورة والتي تم نقل المدرسة اليها تشكو، ليس من شحة الكادر التدريسي، بل من فيض فيه، فيما الاعدادية المذكورة والتي نقلت المدرسة منها، ليس فيها مدرسة واحدة ولا مدرس واحد بذات الاختصاص سوى المدرسة سحر عبد الجبار فقط لاغير، والمفارقة الانكى والاشد، تتصدر الكتاب الرسمي المذكور اعلاه عبارة(بناء على مقتضيات المصلحة العامة)!. ولكن، ايضا، لم تخل الساحة من الشرفاء تماما، رغم الاعصار الهادر للفساد وللمفسدين، فقد تصدى احد المشرفين التربويين لكشف هذا الهبوط المريع في الضمير الوطني، بل الانساني، وتم تصحيح الحال... يتساءل الواحد منا كم من حالات مشابهة مرت من دون ان يحظى المواطن بكشفها وتصحيح مسارها، واية اضرار بليغة لحقت بهذا المواطن وهذا الوطن من جراء هذا الغول(الفساد) الفاقد للحياء حتى؟
مقتضيات المصلحة العامة!
نشر في: 20 ديسمبر, 2009: 05:53 م