العام 1969 كان مانيسيه في السادسة عشرة من العمر، عندما التقى رئيس الأوروغواي السابق، خوسيه موخيكا، ففي يوم قائظ كان الفتى المراهق في المنزل وحده، عندما اندفع الرئيس المستقبلي من الباب الخلفي للمنزل وهو يمسك بمسدسٍ في يده. ويعلن بصوتٍ عالٍ: "استدر، وأغلق فمك، وأبقِ يديك فوق رأسك "!. تعرف مانيسيه على الفور إلى ان صاحب المسدس واحد من حركة التوپاماروس التي تشكلت انذاك في الاورغواي.
في العام 2009 وقف مانيسيه في طابور الانتخابات ليدلي بصوته لصالح موخيكا، وحين سألته احدى الصحفيات عن شعورة قال: ربما تنتابني المرارة حياله احيانا، لكنه الشخص الوحيد الذي يطبق ما يعظ به.
خلال فترة حكمه التي استمرت اربع سنوات فقط سيطر موخيكا على المشهد السياسي والاجتماعي، ليس في قارة اميركا اللاتينية فحسب، وانما في معظم بلدان العالم التي تحلم برئيس لا يمتلك اسطول سيارات وانما فولكس واكن عتيقة، ويعيش في منزل صغير في الريف ويتبرع بمعظم راتبه الاعمال الخيرية، يعلق على لقب افقر رئيس قائلا: "لست افقر الرؤساء، الافقر هو من يحتاج الى الكثير ليبقى على قيد الحياة، ان اسلوب حياتي هو نتاج جراحي، انا ابن تاريخي.. مرت علي سنوات كنت لأسعد خلالها لوكان لدي فرشة انام عليها ".. سيرة هذا العجوز الطيب الى سنوات كان فيها اليسار الثوري بمثابة الملهم بالنسبة للشباب في كل بقاع الارض.
في فترة شبابه يلتقي تشي غيفارا، منذ ذلك اليوم قررموخيكا ان يحذوا حذو هذا الثائر الاسطورة، وبعد سنوات من حرب العصابات يدخل السجن وفي الزنزانة يجلس ليجري مراجعة لموقفه كمقاتل وسياسي من الأحداث التي تجري حوله، يكتب، يدوِّن ملاحظاته ويتساءل: أين السياسة من كل هذا؟
يكتب موخيكا لزوجته "في ازمنة الخوف من النادر أن نعثر على سياسي يتحمل المسؤولية بشكل جاد".
كلما كتبت عن تجارب الامم وقصص الشعوب، أجد في اليوم التالي من يعاتبني، لانني اترك هموم هذه البلاد، وانباء معركة كسر العظم بين مشعان والمطلك، واخر تغريدات زعيمة ارادة، ولان مايجري في هذه البلاد العجيبة ليس من اختراعي، وتقلبات الساسة واهوائهم خارج همومي، ومع ذلك فان البعض يعتبر ما يجري حولنا مجرد وجهات نظر لا تعني هذا الشعب المطلوب منه دوما ان يهتف بحياة القادة الملهمين، سوف أترك الكلام لموخيكا: " أن رئيس الجمهورية موظف ينتخب لملء منصب معين، ليس ملكا ولا هو إله ولاهو ساحر القبيلة.. انه موظف حكومي واعتقد ان افضل طريقة للعيش هي ان يعيش المرء مثل اكثرية ابناء الشعب الذين نحاول ان نخدمهم ونمثلهم".
يكتب دون كيشوت اميركا اللاتينية الجديد،: " ان جيفارا جسد روح الفارس المتجول المهووس بالحرية والعدالة الاجتماعية الذي ابتدعه الاسباني سيرفانتس وهو يسطر الصفحات الاولى من ملحمته الروائية " ويحذرنا من عبث الغرور الذي يقضي المسؤول قبل المواطن، ويخرب الانفس قبل البلدان.
كلما تجوّلنا في تجارب الامم نتذكر اننا حلمنا يوما برئيس مثل موخيكا، والبرازيلي دي سيفا والسنغافوري لي كوان..مسؤول يفضل القانون على الفساد، ويختار التواضع على المكابرة الفارغة. ويقرر أن يكون حاضر ومستقبل بلاده ملكا للجميع لا لطائفة واحدة، والمواطن امانة لايمكن رهنها او ايجارها لدول الجوار.
ظل مختار العصر يردد كل يوم انها فقاعات وستزول، فانتهت خطبه على قرع طبول وحوش داعش يستبيحون المدن والقرى.
البحث عن "موخيكا" في المنطقة الخضراء
[post-views]
نشر في: 21 مارس, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 4
ابو اثير
أن شخصيات مثل موخيكا ودي سيفا ولي كوان لا يمكن أن تجدهم في العراق الحالي ... لأن الشخصيات العراقية المتصدرة للمشهد السياسي غارقة في ألأسفاف والعهر السياسي ولا يمكن أن توصف بشخصيات سياسية أو مجتمعية أو ثقافية لأنها لا تمتلك الحد ألأدنى من مقومات الشخصية ال
ام رشا
استاذنا الجليل انا متأكدة ان سبحانه وتعالى لو ارسل لنا نبينا الكريم محمد (ص) مرة أخرى وهو الإنسان العظيم والمصلح الكبير لما سلم من شرور هؤلاء الساسة المنافقين والكذابين لانهم أكثر شرا من كفار قريش وحلفائهم.
ابو اثير
أن شخصيات مثل موخيكا ودي سيفا ولي كوان لا يمكن أن تجدهم في العراق الحالي ... لأن الشخصيات العراقية المتصدرة للمشهد السياسي غارقة في ألأسفاف والعهر السياسي ولا يمكن أن توصف بشخصيات سياسية أو مجتمعية أو ثقافية لأنها لا تمتلك الحد ألأدنى من مقومات الشخصية ال
ام رشا
استاذنا الجليل انا متأكدة ان سبحانه وتعالى لو ارسل لنا نبينا الكريم محمد (ص) مرة أخرى وهو الإنسان العظيم والمصلح الكبير لما سلم من شرور هؤلاء الساسة المنافقين والكذابين لانهم أكثر شرا من كفار قريش وحلفائهم.