TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > هل يفعلها وزير الثقافة؟

هل يفعلها وزير الثقافة؟

نشر في: 22 مارس, 2015: 09:01 م

وزير الثقافة يستقبل، منذ أيام، القاص راسم قاسم موسى والشاعر إسماعيل عبيد ليحتفي بهما بمناسبة فوزهما بجائزة الطيب صالح. هذا أمر جيد بالطبع، لكن الأجود منه كان سيكون بحصول هذين الأديبين وسواهما من مبدعي العراق الكُثر على جوائز وطنية قبل نيلهم جوائز عربية أو دولية، أي أن يكرّموا في وطنهم أولاً، فلجائزة الوطن طعم خاص ومعنى خاص وتأثير خاص، حتى لو كانت قيمتها المادية متدنية.
الوزير فرياد رواندزي عبّر في كلمته عن إدراكه هذه الحقيقة ووعد بتحقيق ذلك من دون أن يحدد شكل التحقيق، لكنه أكد ضرورة أن تكون لوزارة الثقافة "جوائز مختلفة ومتميزة"، مشيراً إلى عزمه على "تشكيل لجنة استشارية من قامات الثقافة العراقية التي من شأنها أن تكون سنداً له في إعطاء المشورة وتزويده بكل التطورات الثقافية الخاصة بالمبدعين في الساحة الداخلية والخارجية".
الجوائز تعني الفلوس ووزارة الثقافة من أفقر الوزارات في عهدنا "الديمقراطي" الراهن.. حكومات هذا العهد كلها تعاملت معها بوصفها وزارة من الدرجة العاشرة، حتى ان وزيرها السابق مثلاً لم يحفل بالدوام فيها على مدى أربع سنوات ونقل مبالغ كبيرة من موازنتها لحساب وزارته الثانية بالوكالة (الدفاع)!
والآن فإن وزارة الثقافة في حال أسوأ في بعدما ورثت الحكومة الحالية من سابقتها موازنة بعجز هائل زاد منه انخفاض أسعار النفط، سلعة العراق الوحيدة، الى النصف.
لكن وزارة الثقافة مع ذلك في وسعها أن تخصص جوائز سنوية كثيرة ومرموقة للمبدعين في مجالات الآداب والعلوم والفنون والإعلام، فهي توزع سنوياً 25 مليار دينار أو أكثر على أعضاء النقابات والاتحادات الأدبية والفنية والإعلامية في صيغة منحة لا تتجاوز المليون دينار لكل فرد، لكن أكثر من نصف هذا المبلغ يذهب الى أناس لا علاقة لهم من قريب أو بعيد بالأدب والفن والإعلام (موظفون إداريون في دوائر الدولة، سائقو تاكسي، مصلحو سيارات، باعة أجهزة منزلية، أفراد عائلات) فالنقابات والإتحادات التي أوكل اليها تقديم أسماء مستحقي هذه المنح وهبت عضويتها للآلاف من الأشخاص الذين لا يستحقون العضوية ولا المنحة.. أعطيت لهم العضوية بناء على مصالح شخصية للمتنفذين في هذه النقابات والإتحادات.
أفضل إجراء يمكن أن يتخذه الوزير رواندزي هو أن يحوّل مبالغ المنحة السنوية إلى جوائز سنوية لأفضل الأعمال والمنجزات الأدبية والفنية والعلمية والإعلامية، ولتكريم الرواد والمتميزين في هذه الحقول. الـ 25 مليار دينار يمكنها أن تتحول الى أكثر من ألف جائزة معتبرة تتراوح قيمتها المادية ما بين 15 مليون و30 مليون دينار ولتكريم 50 أو أكثر من الرواد.
بهذا الشكل يمكن أن تسهم الـ 25 مليار دينار في خلق نهضة أدبية وفنية وعلمية وإعلامية في البلاد، وأن تكرّم الأدباء والفنانين والعلماء والإعلاميين الحقيقيين.
لا يحتاج الوزير رواندزي سوى الى أيسر قدر من الشجاعة لاتخاذ قرار في هذا الشأن.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. ابو اثير

    بالمناسبة عن الحديث عن توزيع منح وزارة الثقافة للفنانين والمثقفين والكتاب والشعراء ... ألتقيت عن طريق الصدفة بأحد الزملاء العمل لم ألتقيه منذ أكثر من عشرين عاما قرب مدخل وزارة الثقافة وبعد السلام والقيل والقال أشار علي بالحصول على أستمارة التكريم والحصول

  2. ابو اثير

    بالمناسبة عن الحديث عن توزيع منح وزارة الثقافة للفنانين والمثقفين والكتاب والشعراء ... ألتقيت عن طريق الصدفة بأحد الزملاء العمل لم ألتقيه منذ أكثر من عشرين عاما قرب مدخل وزارة الثقافة وبعد السلام والقيل والقال أشار علي بالحصول على أستمارة التكريم والحصول

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram