TOP

جريدة المدى > عام > الحريةُ أم القمع ؟ ..الحريةُ تحْسن الدفاع عن نفسها

الحريةُ أم القمع ؟ ..الحريةُ تحْسن الدفاع عن نفسها

نشر في: 23 مارس, 2015: 09:01 م

يعيش المثقف العربي تحت ضغط ثنائيات متعددة اخذت منه الشيء الكثير من وقته رغم معرفته بأهمية الوقت,وعانى ايضا من إهمال متعمد من قبل السلطة التنفيذية بل عملت هذه السلطة ومن يؤازرها من اشخاص وجماعات وكتل متنفذة في سير الحياة اليومية , عملت بقصد مدروس على

يعيش المثقف العربي تحت ضغط ثنائيات متعددة اخذت منه الشيء الكثير من وقته رغم معرفته بأهمية الوقت,وعانى ايضا من إهمال متعمد من قبل السلطة التنفيذية بل عملت هذه السلطة ومن يؤازرها من اشخاص وجماعات وكتل متنفذة في سير الحياة اليومية , عملت بقصد مدروس على تهميش المثقف المنتج للثقافة ( ادباء وشعراء وكتاب قصة ورواية ومسرح) وتحجيم دوره الفاعل والمؤثر في الجماعات التي يجدها قريبة من مجموعة افكاره وملاحظاته ورؤاه الفكرية والاجتماعية وكل ما يدخل في حياة الناس .. ولعل من ابرز تلك الثنائيات : موقف المثقف نفسه من سلطة بلده ونظرة تلك السلطة للثقافة ومفهومها ــــ اذا كان للسلطة السياسية مفهوم خاص بشأن الثقافة ـونشاطها بين الناس ومديات تاثيرها في البلاد على المستويات الفكريه والسياسية , ثم تأتي مرحلة تتحكم فيها ثنائية الحرية والقمع او الاضطهاد السياسي والاجتماعي الذي تقوم به السلطة ضد المثقف المنتج , اذا كان له ثمة نشاط مميز او مؤثر على نهج السلطة الذي قد يجد فيه المثقف مجرد نهج خاطئ لتبدأ مرحلة جديدة في العلاقة الجدلية بين المثقف وسلطة بلاده قد تتسم باضطهاد السلطة لمثقفيها . وازاء ردود الافعال لدى المثقف تجاه تخفيف ضغط السلطة وقمعها له قد يندفع المثقف للتعاون مع السلطة حتى لو كان يحمل في داخله اعتراضا على نهجها . وبصدد مسألة التعاون , يشير د.. محمد سعيد الامجد في مقال له نشر في موقع النور الالكتروني , بتاريخ 26/ 2 / 2008 يقسم حالات العلاقه بين المثقفين وبين سلطة بلادهم الى عدة حالات وفئات , نستل احداها .. وهي : (( الفئة الثانية، هي تلك التي اتخذت منذ البدء أو على مراحل، الانفصال عن السلطة وجعلت بينها وبين السلطة مسافة كافية لاعتبارها في خانة المراقب أو المعارض أو الراصد.. وقد تبدو هذه الفئة وفية لمبادئها، مخلصة في الابتعاد من أجل ان تحافظ على وهجها ونقائها وطهارتها.. لكنها أحياناً تكون مصابة بداء العزلة والاستقالة من العمل العام وأعبائه، وتفضل ان تكون في الجزء الآمن من معادلة المثقف والسلطة . )) والحق يمتلك المثقف مقدرة كبيرة من التشويش على خطط السلطة بشأن الثقافة وربما تكون لديه مقدرة اكبر بخصوص افشال تلك الخطط على الصعيد الشعبي , اعني بالتحريض المستمر والمعزز بأسانيد يستمدها من معارفه وبعض الوثائق التي تقع تحت يديه بحكم معرفته للمزيد من الناقمين على السلطة , ولقد رأينا وعرفنا الثمن الباهظ الذي دفعه العديد من المثقفين اليساريين إبان الحقب المتعاقبه من حكومات بلدهم .. لقد كان الاعتقال ابسط انواع الاضطهاد الذي مارسته حكومات عراقية تتصف بالجبروت والقسوة غير المبررة , ناهيك عن منع الكثير منهم من النشر في الصحف والمجلات المحليه ..
لاشك أن ثنائية القمع والحرية احدى الثنائيات التي لازمت حياة المثقف والأديب والكاتب والروائي والشاعر ومعظم المشتغلين بالفنون الاخرى وذلك للأهمية البالغة في حياتهم , فالحرية تكاد تصبح في العرف الثقافي لا بل الاجتماعي اولا هي الحاجه الضروريه التي ينبغي عدم الاستغناء عنها لذا ناضل العديد من الشعوب للفوز بحريتها من مغتصبيها ــــ مغتصبي الحرية ـــــ وتندرج معظم شعوبنا العربية ومثقفيها في هذا الاطار, وهي ثنائية شائعة في اوساط المثقفين في الوطن العربي على وجه التحديد, ويشكل مفهوم الحرية على سعته وتمدداته المفهوميه عنصرا بارزا في اشتغال الروائي العربي , اي مستخدمو السرد الذين تلعب حرية التعبير المتاحة لهم في حياتهم دورا بارزا لحاجتهم التعبيرية عن مكنون ذواتهم أولا وللذي تتمتع به الرواية عبر خواصها الاسلوبية من مواجهة صريحة للواقع اليومي في حياة مواطنيهم , وتقابل ضياع حرية التعبير حالة من حالات القمع كعنصر مضاد للحرية السياسية والاجتماعية , حيث يرتبط مفهوم الابداع بحالات القمع السياسي سواء أردنا ذلك ام خلافه فالسياسة تلعب دورا صريحا في الحرية العامة وحرية التعبير خاصة , وعليه نرى أن حاجة الروائي العربي لحرية التعبير امر في غاية الاهمية . ولقد تناول الكثير من الروائيين العرب البارزين منهم مسألة الحرية وغيابها أي القمع السائد في بلدانهم , ولعلنا لا نبتعد عن جوهر موضوعة الحرية عندما نضرب مثلا ساطعا بمعظم ما كتبه نجيب محفوظ من روايات , ومع نجيب محفوظ يشترك عدد كبير من الروائيين العرب الآخرين لعلنا نذكر هنا كنماذج ساطعة للتدليل على انتزاع الروائي العربي لحريته , يبرز امامنا الروائي السوري حنه مينا والمصري صنع الله ابراهيم وجمال غيطاني ويوسف القعيد والعراقي فؤاد التكرلي وكاتب ياسين وابو جدرة والطاهر وطار واخرون غيرهم كثيرون لا يسع المجال هنا لتحديد جوهر اشتغالهم. وروايات هؤلاء الذين ذكرناهم, هي روايات تعزف على الوتر الحساس للحرية وضرورة توفرها واستنكارهم , عبر رواياتهم لحالات القمع والاضطهاد والبطش بهم او بزملائهم الاخرين . واذا وضعنا نصب اعيننا مسألة الحرية ازاء التعبير الروائي, على اعتبار مبدئي راسخ وهو لا ابداع بدون حرية تعبير فإن على الروائي العربي أن يحسن الدفاع عن حريته لأنها هي اللازمه الحياتيه له وللتعبير عن ضياعها وسيادة القمع بدلا عنها وفي هذا المجال الواسع لثنائية الحرية والقمع يرى المفكر المغربي د محمد برادة , في مدخل كتابه : الرواية العربية ورهان التجديد (( ان للروائي مطلق الحريه في اختياراته , غير خاضع لشروط ترغمه على التنازل عن المقاييس التي توفر لنصوصه , استقلالية ذاتية بعيدا عن كل الارغامات , )) وبقدر ما تمتزج الاساليب التعبيرية بالمقاييس ,( حسب برادة ) التي توصل اليها المثقف او المبدع لتشكل كلها حصيلته المعرفية وتوصلاته الفكرية التي ينبغي له الدفاع عنها بل نرى ضرورة ان يحسن الدفاع عن مجموعة القيم التي توصل اليها بعد نضال طويل وربما شاق ايضا ولقد لجأ البعض من الكتاب والروائيين الى اساليب التمويه والتورية والترميز للتخلص من سلطة الرقيب ومعرفته بنوايا المثقف ولقد كان منتج النص لا يستهين بثقافة الرقيب او يتهاون معها , وعلى هذا سيكون امامنا اكثر من محور لبحثنا هذا واكثر من باب للدخول على ثنائية الحرية والقمع ..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

بمناسبة مرور ستة عقود على رحيل الشاعر بدر شاكر السياب

وجهة نظر.. بوابة عشتار: رمز مفقود يحتاج إلى إحياء

أربع شخصيات من تاريخ العراق.. جديد الباحث واثق الجلبي

تقاطع فضاء الفلسفة مع فضاء العلم

الطفولة بوصفها السّاحةَ الّتي تتوالى عليها الأحداثُ والمجرياتُ الّتي يمارسُها المبدعون

مقالات ذات صلة

فيلم
عام

فيلم "الحائط الرابع": القوة السامية للفن في زمن الحرب

ترجمة: عدوية الهلالييعرض حاليا في دور السينما الفرنسية فيلم "الجدار الرابع" للمخرج ديفيد أولهوفن والمقتبس من الكتاب الجميل للصحفي والكاتب سورج شالاندون - والذي يجمع بين حب المسرح والعيش في مناطق الحرب في لبنان...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram