في ذروة معركة العلمين عام 1942، قرر رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل ان يرسل برقية عاجلة الى قائد جيش الحلفاء الجنرال مونتغمري، بعد ان نقلت وكالات الانباء اخباراً تؤكد تقدم قوات المحور بقيادة ثعلب الصحراء رومل، تضمنت الرسالة بضع نصائح عن كيفية ادارة المعركة، فقد خيل لتشرشل أن لا شيء سوف يرفع من معنويات مونتغمري كمثل برقية تحدد له كيف يدير المعركة القادمة.
لكن رئيس الوزراء واجه قضيتين: الأولى هي أن الرسالة يجب ان ترسل بعلم مجلسي اللوردات والوزراء، إذ لا يحق لمسؤول سياسي ان يخاطب قائدا في المعركة دون ان يطلع نواب الشعب وممثلو الحكومة على فحوى الرسالة، اما الثانية فقد كانت اكثر صعوبة وتعقيدا..ما هي؟
ربما هذا السؤال لايعجب الذين يسخرون من قادة الجيش العرقي ليل نهار ويصفونهم بالضعف وعدم المعرفة، فالقضية كانت ياسادة أن الرسالة اثارت استهجان ضباط الجيش قبل ان تثير حفيظة ا مونتغمري فقدم عددا من كبار الجنود والضباط، احتجاجا رسميا الى مجلس اللوردات يسألون فيه هل يجوز التدخل في عمل جنرال له تاريخ طويل وخبرة عسكرية؟. ولكن هذا ليس استجوابا، هكذا رد تشرشل، هذه نصائح، وانا المسؤول امام الشعب البريطاني عن سلامة القوات وامن البلاد، لكن ياسيدي ممنوع على حكومة بريطانيا المحاربة أن تستهين بمقاتل مثل مونتغمري يحسب له الالمان الف حساب. إذن ما الحل؟
يقترح مجلس اللوردات على تشرشل ان يرسل رسالة ترضية يعتذر فيها عن بعض العبارات التي ربما اسيء فهمها، وقد رفض منتغمري الامر، وارسل برقية عاجلة يقول فيها ليس لدي وقت للمهاترات، فانا مشغول بما يفكر به رومل لا بما يريده تشرشل.
عندما أراد الملك جورج السادس ان يمنح مونتغمري اعلى وسام عسكري لم يجد أفضل من صليب فيكتوريا، كان قائد معركة العلمين قد سافر الى باريس ليقدم الشكر للجنرال ديغول، وتساءل البريطانيون هل يعقل ان يعطي قائدهم ظهره للملك ويذهب للقاء جنرال دخل باريس بمعاونة القوات البريطانية، لكن كان هناك سبب اكبر من كل ذلك فقد ذهب مونتغمري ليقدم الشكر لديغول لانه تعلم من كتاب وضعه القائد الفرنسي عنوانه "نحو جيش مهني" كان فيه ديغول يقدم دروسا في كيفية الانتصار على العدو، ويذكر مونتغمري في مذكراته التي ترجمها الى العربية المصري فتحي عبد الله النمر، انه اكتشف كتيب ديغول هذا بحوزة رومل ايضا قبل ان يهزمه في صحراء ليبيبا.
في المذكرات نقرأ عن مونتغمري الانسان والعسكري، عن حياته الأسرية، عن زوجته واولاده، عن منعه الابناء من التدخل في السياسة واستغلال اسمه، عن جمعية رعاية اسر المحاربين التي كرس حياته لها، والتي أقامها تخليدا لذكرى جنوده في الحرب العالمية الثانية، عن صداقته التي تخللتها فترات خلاف مع تشرشل.
خطرت لي سيرة مونتغمري وانا اتابع حفلات الهجوم على قادة الجيش والسخرية منهم، وهي امور توسعت في الايام الاخيرة حتى اننا سمعنا وقرأنا كيف رد السيد هادي العامري على قائد قوات دجلة بالقول: إن " بعض الضعفاء في الجيش (...) يقولون نحتاج إلى الأميركيين، أما نحن فنقول لا نحتاج الأميركيين"، فيما لا يزال رئيس اللجنة الامنية في مجلس النواب حاكم الزاملي مصر على ان وزير الدفاع لايعرف حقيقة الامريكان ويغطي على افعالهم السيئة، لماذا ياسيد؟ لان وزير الدفاع ذهب بنفسه الى الانبار ليتأكد من صحة الانباء التي تقول ان طائرة اميركية قصفت قوات عراقية، فوجد ان الامر غير صحيح، وهو كلام يناقض ما تقوله حنان الفتلاوي ومحمد الصيهود وعالية نصيف ومعهم العشرات من الذين قال لهم رئيس الوزراء حيدر العبادي اثناء استضافته في البرلمان "اذا كنتم لاتريدون لقوات التحالف الدولي ان تساعدنا فاصدروا قرارا من البرلمان وسانفذه".. لكنهم حتى هذه اللحظة لم يصدروا هذا القرار.. واستبدلوه بخطابات وشعارات تشتم كل من يتجرأ ويقول اننا مستعدون لمساعدة الجيش العراقي.
"مونتغمري" ومعركة تكريت
[post-views]
نشر في: 23 مارس, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 4
ابو اجمد
استاذ حسين هؤلاء ينطبق عليهم القول بكل عزاء يلطمون , لان وضع البلد اصبح يرثى لها وهم من مكاتبهم يغردون , وهي حالات اثبات وجود ولكي يححلوا الملاين التي يأخذوها على حساب هذا الشعب المسحوق.
د عادل على
لو كانت الإدارة الامريكيه حقا تريد القضاء على داعش لانتهى هدا الجيش الغيبى الجاهلى الدموى في شهر واحد على الأكثر--------سر قوة الامريكان هي قوتهم الجويه العظيمه كما ونوعا-----لننظر الى تجربة الامريكان في ليبيا-----السياسه بالنسيه للامريكان لعبه----انظر ما
ابو اجمد
استاذ حسين هؤلاء ينطبق عليهم القول بكل عزاء يلطمون , لان وضع البلد اصبح يرثى لها وهم من مكاتبهم يغردون , وهي حالات اثبات وجود ولكي يححلوا الملاين التي يأخذوها على حساب هذا الشعب المسحوق.
د عادل على
لو كانت الإدارة الامريكيه حقا تريد القضاء على داعش لانتهى هدا الجيش الغيبى الجاهلى الدموى في شهر واحد على الأكثر--------سر قوة الامريكان هي قوتهم الجويه العظيمه كما ونوعا-----لننظر الى تجربة الامريكان في ليبيا-----السياسه بالنسيه للامريكان لعبه----انظر ما