امور تبدو بسيطة: تناول مشروب في مطعم، الذهاب الى الشاطئ، او عشاء عائلي، امور تعامل معها ايريك روهمر في افلامه وحقق نجاحاً عبرها، وهو اليوم يستعد لفيلم جديد.
قصة الفيلم عن سيدة جميلة دافئة، تلتقي في مساء الكريسمس برجل وتدعوه الى مشاطرتها تلك الليلة،
امور تبدو بسيطة: تناول مشروب في مطعم، الذهاب الى الشاطئ، او عشاء عائلي، امور تعامل معها ايريك روهمر في افلامه وحقق نجاحاً عبرها، وهو اليوم يستعد لفيلم جديد.
قصة الفيلم عن سيدة جميلة دافئة، تلتقي في مساء الكريسمس برجل وتدعوه الى مشاطرتها تلك الليلة، وفي خلال حديثهما في غرفة السيدة يهطل الثلج، وفي غرفة اخرى كانت ابنتها الشابة نائمة.
وقبل بضعة ايام كان ذلك الرجل قرر الزواج من امرأة شابة، رآها في الكنيسة وكانت غريبة عنه تماماً، وقرر عدم ابداء الضعف وهو لن يعقد المسائل.
ولكنهما معاً في ليلة الثلج هذه ، هو غير قادر على الذهاب الى منزله، لكنه يقول في نفسه "لا" ويقرر النوم على الاريكة، في الجانب الآخر لسرير المرأة، ومدركاً مدى سذاجته، ويقطع المسافة نحو السرير وينام بقربها. ومع دورة السنة، في عام 1960، حيث كانت تعرض في دور السينما افلام تجمع بين رجل وامرأة ومنها بوب وكارول وتيد واليس، وتدمدم المرأة مع نفسها: (انه غبي)، ويتذكر كاتب المقالة:
قبل 25 سنة، كان يشاهد ذلك المشهد في فيلم من اخراج ايريك روهمر، بعنوان (ليلتي مع مود – عام 1969) مخرج جيد، اضافة الى هيتشكوك وميشيل باول، ففي فيلم آرثر بين (افلام الليل) نجد سوزان كلارك تدعو هاكمان، الرجل الذي اختارته لمراقبة زوجها، الى مشاهدة فيلم من اخراج روهمر معها.
ويقول هاكمان، ان معظم الناس يدركون ان هاكمان فرنسي النزعة تماماً، فاتر المشاعر، سهل وعديم النكهة، وعلى أي حال، مايفكر فيه الاغلبية خاطئ تماماً، وهو يكتشف اوضاعا وحالات انسانية دافئة وممتعة مع شيء من التوتر الذي ينقله عن الفرد هتشكوك.
ايريك روهمر، كان اسمه في البداية موريس شبرير، وقد استعار من مخرج الافلام الصام تة سترو هايم اسمه. عمل مدرساً في الجامعة، ولكن حبه للافلام قاده في اوائل اعوام الخمسينات من القرن العشرين ليتحول الى ناقد سينمائي، في مجلة "اوراق السينما" الفرنسية، مع رفاقه كلود شابرول، جام ريفيت، جان لوك غودار وفرانسوا تروفو، وكانت غاية المجموعة صنع الافلام، وتمكنت المجموعة من تغيير المقالات النقدية عن افلام السينما الفرنسية، وفي عام 1959، تمكنت تلك الاسماء من تقديم (الموجة الجديدة الفرنسية) مع تأثير واضح عن السينما العالمية.
خلال الاعوام الخمسين التي تلتها، انتج روهمر نحو 26 فيلماً، الكثير منها ذو اجزاء متتالية: (القصص الست الاخلاقية)، في الثمانينات، وستة افلام كوميدية في التسعينات، ويعتبر فيلم (حكايات الفصول الاربعة) فيلمه الاخير، وعرض في عام 2007، وكان آنذاك في السابعة والثمانين من عمره.
كان النجاح الاول لايريك روهمر، تلك الحكايات الست الاخلاقية، وهي حتى اليوم تعتبر من افضل افلامه، ومشاهدة افلامه تعكس اسلوبه بوضوح: فاسلوبه واضح، والاضاءة صافية تماماً، وكذلك الصور.
ولكننا نبقى في حيرة من امرنا. وما يعني (اخلاقياً) في تلك الافلام الستة الرائعة، كونها تستكشف كيفية تعامل شخوصها مع الحياة، ورد فعلهم للتجارب التي يمرون عبرها، وعلاقاتهم مع الاخرين، وتلك الامور بمجموعها تفسر للمشاهد حالاتهم المتعددة: الحب والرغبة والايمان حسب برنامج معين.
وفي احد افلامه عام 1967 يقول بطله: عدت الى نظريتي، وفي تلك الكلمات يكمن مفتاح كافة الحكايات الاخلاقية، ففي تلك الافلام نجد كل فرد له نظريته الخاصة بالحب، وان كانوا يعتقدون بعدم وجود (نظرية الحب) فهم يؤمنون بما يعتقدون به، وحسب نظرياتهم المختلفة، نجد ان كافة ابطال الافلام والحكايات، قد حددوا صورة للمرأة التي تنال اعجابه.
ومن افلام روهمر (زوجة الطيار – 1981) وفيلم (الشعاع الاخضر – 1986). الفيلم الاول يحاكي افلام هيتشكوك (روهمر قلد هيتشكوك بظهوره المفاجئ في احد المشاهد) .وتعتمد فكرة روهمر في الفيلمين ان للناس غايات محددة، شيء ما في عقولهم ونهاية يرغبون الحصول عليها، وكما تقول احدى الشخصيات، "شخصياً احب الحياة عندما تكون اشبه برواية."
ان السخرية في فيلم (زوجة الطيار) لانجدها دائما في افلام روهمر، وافلام هذا المخرج تمتلئ بشخصيات يجدون انفسهم في ضياع، والعطلة بالنسبة اليهم هي ازمة وجود، ففي فيلم (الشعاع الاخضر) لاتجد البطلة شخصاً ما للذهاب معه في العطلة، وهذا الفيلم اشبه بـ (يوميات بريجيت جونز) وهو يتراوح ما بين كونه وثائقياً وكوميدياً. اما ما يثير الاهتمام في فيلم (الشعاع الاخضر) ان بعض الامور الهينة سرعان ما تتحول الى ظواهر جلية.
وفي بداية حياته الفنية، قال روهمر: "كل شيء معجزة"، مثل (حكاية شتاء – 1992) وتلاه فيلم (الشعاع الاخضر) وهما يتحدثان عن امكانية الناس في بسط قابلياتهم. وافلامه وخاصة الفيلمين الاخيرين، تؤكد على التوافق، وكما يقول روهمر: انه شخصياً يريد ترك مجال لحادثة سعيدة من خلال اخراج افلامه، ومع استثناء افلامه التاريخية، فان افلام روهمر تمتد عميقاً في الحياة التي نعيشها جميعاً. ومع ان معظم الافلام تتجاهل مشاهد في انتظار الحافلات، او القطار، الالتقاء بالاصدقاء في البارات او مشاهد تناول افراد العائلة وجبات طعام، او مشاهد الذهاب الى العمل. انه بلزاك السينما، يقدم كوميديا انسانية واسعة يعتمد على الحقيقة الاجتماعية من اجل كشف التجارب والصراعات القديمة، قدم الانسان نفسه. وقد كتب بلزاك الروايات في حين اتجه روهمر الى الحكايات:قصص قصيرة عن الحياة. وبعد ان قدم روهمر افلامه مستعرضاً فرنسا في حياته، اضافة الى افلام عن المانيا الرومانسية، وباريس الثورية، انهى روهمر حياته الفنية بعمل جرت احداثه في اركاديا، وكان بعنوان (حب استري وكيلادون – عام 2007) والذي يعتمد على قصة تعود الى القرن السابع عشر في الريف الفرنسي، وهو من الافلام غير الاعتيادية في سجل المخرج، فيلم يتجاوز المألوف ويحتل مكانة عالية في انجازات روهمر، وكان عملاً مناسباً لانهاء مسيرة حياة ايريك روهمر الفنية.
عن الغارديان