تمرُّ الذكرى الأولى لرحيلك. أحاولُ أن أقول شيئا، أن أمسك برأس خيطٍ لأتسلق مدارج الذكريات وأستريح على دكةٍ.أسترجع زمنا كنا نشاغلهُ ويشاغلنا ، فـأنا معلقٌ بين تصديق رحيلك وبين توهج حضورك فيّ... أحملُ أكداساً من خواطر ومشتركات وتفاعلات وحكايا ورؤى وطموح
تمرُّ الذكرى الأولى لرحيلك. أحاولُ أن أقول شيئا، أن أمسك برأس خيطٍ لأتسلق مدارج الذكريات وأستريح على دكةٍ.أسترجع زمنا كنا نشاغلهُ ويشاغلنا ، فـأنا معلقٌ بين تصديق رحيلك وبين توهج حضورك فيّ... أحملُ أكداساً من خواطر ومشتركات وتفاعلات وحكايا ورؤى وطموح ومحطات سفر وغربة... ها أنا ذا تأخذني سورة من الحزن وتلقي بي على ضفتيك.. أكادُ أتلمس ملامحك وأتشرّبُ ضحكتك...وأرتعشُ مع رعشات أصابعك التي أبدعت مواسمَ للعطاء المتنوع ومنحت الحروف اللون والحركة والانعتاق...وهيكلت صرح الأبجدية للحروف ببراعة ودقة وإبداع... يا صكار... أُحسُّني أختزنُ معلقاتٍ من الحب لعلاقتنا تفيضُ بكل معاني الحياة وفصولها وتقلباتها وعنفوانها... أتداخلُ مع نبض القلب فأجدك فيهِ، وكالعادة تستقبلني بكلماتٍ هي أرقُ وأترف من ورق الريحان... وأصدقُ من رجز الفرسان... نديّة، مبتلةً بعطر الأرض ومحبة الآلهة وتواضع الأنبياء .
عن أيّة محطةٍ مررنا بها معاً سأتحدث؟
هو العمرُتراتيلُ محطات وقصائد وجدٍ وأسفار غربة وصخب مُدنٍ وأنين أرصفةٍ ودواربحرٍ وأمان مرافئ.
لقد سقيتني من نبع طيبتك ووفائك نسغاً وزلالاً لن أظمأ بعدها، وأهديتني أيقونات حُبٍّ وصفائح أخوةٍ مذهّبةٍ لن يأتي الزمن بمثيلٍ لها.
وأخذتني ويدانا متشابكتان نطوف الكون كي نزرع شتلات فرحٍ وفسائل طهرٍ ومحبةٍ للناس.
هذا أنت... وهكذا أنت.
نورانيُّ الأعماق... إنسانيُّ الرؤى... شاعرٌ تشكيلي اللوامس والنظرات شفافٌ كالماس.
يبهجك لحنُ أغنيةٍ جنوبية يمازجها تصفيق أكفٍّ لجماعة الخشابة البصرية حتى لتكاد تطيرُ من النشوة فترقصُ بطريقتك الخاصة، وتتربعُ على الأرض محاولا أن تجاريهم في غنائهم وتصفيقهم .
كانت البصرة مدينتك الأجمل والأدفأ والأحلى وفيها كتبت الشعر وتعلمت الخط ودخلت المعترك السياسي.
وفيها التقيتك وكتبنا أجمل معلقة للصداقة والمحبة والوفاء.
وقلتُ فيك شعراً منثوراً.
عندما جئتنا حاملاً بشائرك مثل هلال الفرحِ
أتّسعت حدقات الأعين
كي تستوعب أبعاد الفرحة
حينما جئتنا
كانت البصرة أرضأً أتعبها القيظُ
تتوقعُ وقت مجيئك
عندما جئتنا
خرج الجاحظُ من مكتبتهِ
وجاء الخليلُ بنُ أحمد يتوكأ على عصاً من شجر التوت
ويُوقّعُ في مشيته كلَّ بحور الشعر
فرحاً لمجيئك
يا أبا ريّا . . الذكريات تطوقني بخيوطها وتدخلني حيث الأبوابُ مشرعةٌ... كل الأبواب ستأخذني اليك وكل الممرات تواجهني وهي تزدانُ بلوحات ابداعك. والرفوف واجمة تحملُ أرشيف صداقتنا ونبض حكاياتنا ولهاثنا ولقاءاتنا ابتعاداً واقترابا... فرحاً وحزنا... عناقاً ووداعاً... تصاحبني رعشةٌ وارتجافٌ وخشيةٌ من مواجهة حقيقة لا أجرؤ على مواجهتها... رحيلك في داخلي تضادٌ وتصادم... وشكٌّ وتشابك... ورفضٌ ويقين... وانفلاقٌ وتشظٍ.
أتوكأ على حزني وعيناي تخترقُ المدى... المدى الأبعد... ألمحُ تلك الشجرة التي أنبتناها معاً وسقيناهابذوب دمنا ورفيف روحينا
شجرة الصداقة والمحبة
وأراك تلوّحُ لي من بعيد
سلامٌ عليك يوم ولدت
سلامٌ عليك في سنوات عطائك وابداعك
سلامٌ عليك عند رحيلك
وسلامٌ لك وعليك في هدأتك وغفوتك الأبديّة
طالب غالي