TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > معرفتي بدولة فيكتوريا

معرفتي بدولة فيكتوريا

نشر في: 24 مارس, 2015: 09:01 م

4-4

هجرة فكتوريا بطلة رواية سامي ميخائيل التي حملت نفس الاسم مع عائلتها إلى إسرائيل، كانت بالنسبة لها، بداية الانطلاق لتأسيس عالمها الخاص، فمهما قيل عن هجرة اليهود إلى إسرائيل، إلا أن أمراً واحداً يظل ثابتاً، بقدر ما جاءت تلك الهجرة بسبب بواعث مصيرية جماعية، بقدر ما كانت بالنسبة لعدد كبير من المهاجرين أيضاً، قضية لها علاقة بالحرية، بالبحث عن ملاذ جديد لتأسيس عالم خاص. فكتوريا هي أحد هؤلاء، العالم مشغول بالأمور الكبيرة من أمامها، وهي مشغولة بالقضية الخاصة بها. حتى في إسرائيل، ظلت تكافح في سبيل قضيتها تلك - وهي على حق في ذلك، فهل هناك قضية أكبر من قضية القلب وشؤونه -، ألم تنتصر فكتوريا في النهاية؟
في حديث له في فلم "أنس بغداد"، للمخرج العراقي السويسري سمير وفي إحدى تلك اللقطات البارعة والجميلة، يقول سامي ميخائيل "منذ أن وصلت إلى إسرائيل، وبيني وبين دولة إسرائيل صراع مستمر، هي تريد جرّي إليها، وأنا أريد جرها لي، وفي النهاية؟ من انتصر؟"، يتساءل سامي، ثم يجيب بقناعة مدهشة، "انتصرت أنا عليها، منذ أن أسست الدولة الخاصة بي". كاتب مثل سامي، بهذه الذاكرة المتقدة، وبهذا الحماس، حماس الدولة الفتية التي تدافع عن استقلالها وحريتها، إنسان مثله، سلاحه الكلمات، لا يمكن له ألا يقف إلى صف دول مستقلة أخرى، يشعر بقرب لها، يشعر بتشابك مصيرها مع مصيره، أقصد دولة صديقة مثل دولة الصديقة: فكتوريا،
"قرأت كتابا وتغيرت حياتي"، كتب التركي أورهان باموك على لسان صديقه "دولة" عثمان بطل رواية "الحياة الجديدة"، ثم يتابع " منذ قراءة الصفحات الأولى من الكتاب شعرت داخلياً بقوة هذا الكتاب، لدرجة أنني اعتقدت، بأن جسمي انفصل عن الكرسي والطاولة التي جلست عندهما، ليرتفع عالياً. لكن رغم هذا الشعور شعرت بأنني أكثر ثباتاً من قبل بكل حضوري وبكل مسامات جسدي وأنا أجلس على الكرسي وعند الطاولة، ولم يظهر الكتاب كل تأثيره على عقلي إنما على كل ما يمكن أن يصنع نفسي"، ذلك ما أردت أن أقوله لك في النهاية عزيزي سامي، صحيح أن كتابك قلعني من مكاني، وأنا أجلس في غرفتي في هامبورغ، وحملني على سجادته إلى بغداد التي تعرفها أنت أكثر مني، صحيح أن كتابك قال لي، ما أن أوصلني هناك إلى فكتوريا، وقبل أن اقرأ تلك الجملة على عنوان الفلم الوثائقي الجميل الذي عمله دولة الصديق سمير، قال لي: إنس المدينة التي تراها عيناك الآن، "انس بغداد"، أنسى كل ما عرفته عن بغداد القديمة، بغداد الحكايات، إلا أن كتابك يا عزيزي دولة الصديق سامي ميخائيل، علمني الكثير، جعلني أعرف كل تلك التفاصيل الصغيرة التي ما كان من السهل معرفتها لواحد مثلي نما في بلاد حرصت على محو ذاكرتها، كل ما له علاقة بوقوع الكارثة التي حلت علينا جميعاً...
كم هي جميلة هذه السجادة التي صنعتها عقدة وراء عقدة، من يقول يا عزيزي سامي، اننا نجلس في الهواء على سجادة الأدب؟ من يجلس هناك، لابد له أن يشعر بالأمان، أكثر من ذلك الذي جلس في حضن إبراهيم. شكراً لك (يا) دولة الصديق سامي ميخائيل، الذي علمني الكثير، لكن قبل كل شيء، اسمح لي أن أقول أيضا: شكراً لدولة فكتوريا التي جعلتنا نتعرف على بعض.

*القيت الكلمة في حفل تكريمي للكاتب سامي ميخائيل في جامعة ستانفورد في كاليفورنيا بمناسبة صدور طبعة خاصة بالإنكليزية لروايته "فكتوريا"

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

أرنولد: فخور باللاعبين وكأس العرب بطولة رائعة

المنتخب العراقي يودع بطولة كأس العرب من الدور ربع النهائي

الأنواء الجوية تحذر من ضباب كثيف غداً السبت قد يسبب انعدام الرؤية

وزير خارجية لبنان: تحذيرات عربية ودولية من عملية إسرائيلية واسعة

(المدى) تنشر تشكيلة العراق أمام الأردن في كأس العرب

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: مطاردة "حرية التعبير"!!

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: عاد نجم الجبوري .. استبعد نجم الجبوري !!

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

 علي حسين دائما ما يطرح على جنابي الضعيف سؤال : هل هو مع النظام السياسي الجديد، أم جنابك تحن الى الماضي ؟ ودائما ما اجد نفسي اردد : أنا مع العراقيين بجميع اطيافهم...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان البحر الاحمر فسيفساء تتجاور فيها التجارب

 علاء المفرجي في دورته الخامسة، يتخذ مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي شعار «في حب السينما» منهجًا له، في سعيه لإبراز هذا الشغف الكبير والقيمة العليا التي تعكسها كل تفصيلة وكل خطوة من خطواته...
علاء المفرجي

لمناسبة يومها العالمي.. اللغة العربية.. جمال وبلاغة وبيان

د. قاسم حسين صالح مفارقة تنفرد بها الأمة العربية، هي ان الأدب العربي بدأ بالشعر أولا ثم النثر، وبه اختلفت عن الأمم التي عاصرتها: اليونانية، الفارسية، الرومانية، الهندية، والصينية.. ما يعني ان الشعر كان...
د.قاسم حسين صالح

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

جورج منصور في عالمٍ يتسارع فيه كلُّ شيء، ويكاد الإنسان أن ينسى نفسه تحت وطأة الضجيج الرقمي والركض اليومي، يظلُّ (معرض العراق الدولي للكتاب)، بنسخته السادسة، واحداً من آخر القلاع التي تذكّرنا بأن المعرفة...
جورج منصور
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram