بدا التغيير بعد 2003 في أول أيامه برّاقاً، العراق الجديد سيعيش في ظل تعددية سياسية، فيما قانون الخسارة والهزيمة سيتشارك به الجميع.الكل يحلم بنظام مدني يسع الجميع في كل المدن والقرى والنواحي.. لا مكان لقبعات العسكر، أحد السياسيين كتب في إحدى الصحف آنذاك انهم سوف يقلّدون أحزاب أوروبا، حيث سيصبح الاستبداد من الماضي والفساد مجرد خبر عن أيام مضت.. فيما خرج علينا سياسي كبير ليؤكد أن عصر السعادة دخل العراق ولن يخرج منه.
لم يطُل هذا الزمن. أطلّ السياسيون بالخطب والشعارات. وحوَّلوا البلاد الى دكاكين طائفية، ولم يمض زمن طويل حتى غابت السعادة لتحل محلها خطب إبراهيم الجعفري عن البُنية التحتيَّة للمواطن والبُنية الفوقيّة للمسؤول والسياسي، وحديث صالح المطلك عن فقدان بوصلة التوازن،فيما تناوب الجميع على افتتاح مهرجان السعادة العراقي بأن وضعونا على قائمة الشعوب التي تحتل المراكز الاولى بالهجرة، فيما أرقام الموتى والجرحى والمشردين ضربت الارقام القياسية، أما السعادة فلا تزال مجرد شعارات.
بالامس أثار تقرير للأمم المتحدة عن الدول الأكثر سعادة في العالم،، ردود فعل واسعة،ليس في العراق الذي غاب تماما عن القائمة وانما في معظم البلدان العربية التي احتلت مراكز متأخرة جدا، تابعت التعليقات على الفيسبوك وتويتر، ووجدت نفسي اضحك وأنا أقرأ تعليقاً يقول صاحبه
"طبعاً، من أين ستجد دولة عربية سعيدة بعد مؤامرات أميركا".. يارجل.. يا من تبحث عن السعادة التي سرقتها منك واشنطن، ألم تسأل نفسك منذ متى لم تسمع كلمة السعادة حتى في الاحلام؟ منذ متى، أنت ايها المواطن المحاصر بوجوه كئيبة، اعتقدتَ أن السعادة شيء ليست من حصة هذه البلاد؟ وبالتحديد ليس لأهل العراق، حيث يتوسل المواطن، ومعه الساسة، أن ترضى طهران عنهم، وان تكف الرياض عن التدخل، وان ترفع قطر " العظيمة " يدها عنا، وان يبتسم لنا السلطان أردوغان.
وأنا اقرء التعليقات تذكرت كتاباً طريفاً كنت قد قرأته منذ سنوات وضع له المؤلف عنوان " السعادة " لايذهب بكم الخيال بعيدا فتتوهمون ان مؤلفه هو الحاج خضير الخزاعي صاحب نظرية الحكم السعيد هو تكليف شرعي،لا وظيفة مدنية، فالمؤلف كاتب أمريكي اسمه نيكولاس وايت، يحاول ان يقول لنا ان السعادة نتاج لمجتمعات متطورة تحترم الإنسان وحقوقه، ويستشهد المؤلف بمحاورة لأفلاطون وأستاذه سقراط في كتاب الجمهورية، حيث يلقي المعلم الدرس المهم على تلميذه: أتعرف ما هي السعادة.. إنها خير آخر.. وحين يسأل أفلاطون عن الأرض التي تزدهر فيها السعادة يقول سقراط: تخضرّ السعادة وتزدهر في ارض تشيع العدالة الاجتماعية، وأنا أقرأ هذه الجملة تساءلت: هل نحن مجتمع سعيد، كيف..؟ وحولنا مظاهر الحزن التي يحاول سياسيونا إحياءها وتعميمها عبر ممارسات تعيد العراق إلى زمن العصور الوسطى، فالموسيقى حرام،لأنها تثير الغرائز، والغناء رجس من عمل الشيطان، والفرح مهنة أصحاب الدنيا، ونحن نريد أن نؤسس لثقافة الحياة الآخرة، زينة المرأة غواية، الضحك طريق إلى جهنم!
سياسيون لانعرف ماذا يريدون! ويكون الجواب: ليس لديهم شيء، ليست لديهم إلا شهوة احتلال مؤسسات الدولة، ليدمروها ويجلسوا على أطلالها، ثم نراهم من خلال الفضائيات مستمتعين بانتصاراتهم المزيفة، يعتقدون ان الدول تبنى بالخطب والشعارات والأمنيات، فيما التعساء والحزانى مطلوب منهم ألا يصدقوا تقارير دولية تقول إن العراقيين يتصدرون قائمة الشعوب الأكثر تعاسة.
يا عزيزي صاحب التعليق الطريف، نحن مواطنون بائسون، مغلوبون على أمرنا، مأساتنا التي تأتي من الداخل أكبر من التي تصدَّر لنا من
الخارج. عفواً يا صاحب التعليق.. أرجوك احترم عقولنا.
أرجوك احترم عقولنا
[post-views]
نشر في: 24 مارس, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 2
د عادل على
السعادة ليست بالمال او الثروة---اكثر الأغنياء غير سعيدون وترى كثيرا من الفقراء سعداء---هدا ينطبق على بلدان لم تشهد الحرب وحكم البعثيين على سبيل المثال --هناك كثيرا من العراقيين في جنات سويسرا وجزيرة كابرى والريفيرا الفرنسيه وتسالهم عن احوالهم يجيبوك حتى و
د عادل على
السعادة ليست بالمال او الثروة---اكثر الأغنياء غير سعيدون وترى كثيرا من الفقراء سعداء---هدا ينطبق على بلدان لم تشهد الحرب وحكم البعثيين على سبيل المثال --هناك كثيرا من العراقيين في جنات سويسرا وجزيرة كابرى والريفيرا الفرنسيه وتسالهم عن احوالهم يجيبوك حتى و