أغلبنا يعرف بنظرية جوبلز الإعلامية التي اختصرناها بشعار "اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس". لكن قلة منا اعترفوا بانها صعبة وتحتاج إلى محترفين وأساتذة لتطبيقها بنجاح. انها كما الشعر الذي قال عنه الحطيئة:
الشعــر صعب وطويـل سلّمــه إذا ارتقى فيه الذي لا يعلمه زلّت به إلى الحضيض قدمه يــــريـــــد أن يعــــربـــــه فيعـجمــــــه
ومثلما توهم البعض فحسب نفسه إعلاميا، تلفزيونيا كان أم كاتبا، توهم أيضا بانه سينجح في اعتماد نظرية الكذب الجوبلزية. المشكلة هي ان هذا الصنف سرعان ما يتحول الى "قرقوز". والفارق بين قرقوز و جوبلز، ان الأخير يضحك على الناس بينما الأول يضحك على نفسه حتى يصبح مسخرة بجد. والمصيبة انه في النهاية يتبلد فلا يصير مثل الذي لا يميز بين الناقة والبعير، فقط، بل ولا يميز هاتفيا بين المتصِل، بكسر الصاد، والمتصّل به، بفتحه.
مثل القرقوز بالضبط طلّ أحدهم قبل أيام على شاشة مستنكرا ومستهجنا ومستغربا من "اتصال" بعض الرؤساء والملوك العرب مؤخرا بالدكتور حيدر العبادي، وأقسم بالله العظيم ان ذلك جاء من أجل انقاذ رغد صدام حسين المحاصرة بتكريت! وانه لولا انتصارات الحشد الشعبي لما "اتصل" أي منهم برئيس الوزراء.بعده بيومين كتب آخر مؤكدا ذلك حتى انه حذر العبادي من "اتصال" هؤلاء لحد انه قال "نريد ان نهمس بأخوية بأذنه". لاحظوا انه قال "نهمس" وليس "أهمس" لأنها مهمة وسأقف عندها بعد قليل.
أسأل: ماذا لو ان رئيس الوزراء طخت برأسه ونزل لمستوى هؤلاء ورد عليهم بالقول: يا جماعة الخير أنهم لم يتصلوا بي بل انا الذي اتصل؟ ولكم على من تضحكون؟ وماذا أيضا لو صغّر أي من أولئك الرؤساء والملوك عقله ورد عليهم: يبه تره حنّا ما اتصلنا بأحد بل صاحبكم هو من اتصل بنا، فعن أي سرقة لانتصاركم تتحدثون؟
هذا هو "الكذب المتواتر" الذي شخصه العبادي. وانه لا يصدر عن فراغ بل هناك "جماعة" واضحة كوضوح الشمس تقف وراءه. نعرفها ونعرف من يدفع لها. لذا قال قائلهم "نهمس" لينوب عن الجماعة اياها. ويأتيك بطران يحتج عليك لأنك تتساءل اين ذهبت تلك المليارات العراقية الطويلة؟
ومرة أخرى أسأل: لماذا جن جنون هؤلاء من اتصال العبادي بمسؤولي دول الجوار وهي خطوة حصيفة وحكيمة جدا خاصة في هذا الظرف؟ لا أرى جوابا سوى لأن العبادي في مبادرته الطيبة هذه أحرج من كان سببا في عزل العراق عن محيطه في أيام حكمه. هم خوش. بس اذا هو كلفكم انتم يا أعضاء لجنة محاربة العبادي بأمل اسقاطه، غير تلعبونها عدل؟ أما تصوركم ان عدوى كذبكم ستنتقل الى العبادي لتجعله يكذب على نفسه، فيتخيل ان ملكي السعودية والأردن والرئيسين المصري والسوري هم من اتصلوا به وليس هو الذي اتصل، فتلك، لعمري، لم تخطر حتى في بال جدّة ولا جدّ جوبلز مشعول الصفحة.
العبادي والجيران .. مَن اتصل بمَن؟
[post-views]
نشر في: 25 مارس, 2015: 09:01 م