ما من مدينة زرتها الا وتحضر بغداد بيني وبينها. وحضور بغداد إما حسرة أو دمعة أو أسى. هكذا هي حالي معها منذ فارقتها ولم تفارقني في العام 1983 الى اليوم. قبل أيام كنت في عمّان التي لها محبة خاصة في قلبي يصعب عليّ اخفاؤها. لا يشاركني هذا الحب ويزيد عليه غير علي السوداني. جميل ان تكون هناك حبيبة مشتركة بينك وبين صاحبك. انا أحبها نهارا وهو يعشقها ليلا. شمس عمّان في النهار حلوة يا علي. يرد عليّ: لكن ليلها أجمل. ومرغم اخاكم لا بطل يجرني الى لياليه بينما لم انجح في جره ولو لساعة واحدة لنهاراتي. وهكذا كل يوم تقريبا وكأنني:
أقضي نهاري بالحديث وبالمنى ويجمعني والليل للهمّ جامع
ومثل أولئك الذين كانوا في انتظار جودو كنت انتظر الليل ليأتيني بعلي. يأتي فنتشارك في المقسوم الذي فيه الحلو والزقّوم. نهذي قليلا ثم نصمت فيقطع علي الصمت ليغني:
النار اصيح النار يا علي
وصلت لهاماي .. والله يا علي
دخلت معه على الخط:
وين الكه طيب ذات يا علي؟
يطفيها الي بماي .. والله يا علي
عالعين يا علي .. علي
يفرح عندما يسمعني اغني باسمه. يطلعلك يا عمّ يا وسيم. بكى حين قلتها له. ليش يا علي؟ مال برأسه على كتفي وصار ينشغ. وبعد الدلول همست له:
الولد نام يمّه يمّه .. الولد نام .. يمّه يا يمّه
وبدلا من أن ينام أفاق علي. صارت الاقداح تسابق أصابعه نحو شفتيه. تحايلت كي أشغله عنها. همس بأذني صديقنا محمد العاني: لا يشغل علي عن الكأس غير الغناء. أيدته زوجته فهيمة. للأمانة لم انتبه الى ان فهيمة اردنية لولا انهم قالوا لي والا كل شيء فيها عراقي حتى رائحة بيتها الذي كنا فيه تلك الليلة.
التقط علي مؤامرتنا عليه "بحسجته" الثاقبة. وبدلا من ان نغني سبقنا هو للغناء:
اهنا يمن جنه وجنت .. جينه او كفنه ابابك
ثم وقف على حيله ليكمل:
تدري بنحولي شوصلت؟ عجزان من شيل الهدم
لك ، يالصوبت كلبي بسهم لزمن تشد صوابك
تورد وجه علي من جديد والعراقي يتورد وجهه عند الحزن.
في انتظار علي السوداني
[post-views]
نشر في: 28 مارس, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 2
علي السوداني
هذه عقوبة مسائية من شقيق الروح والوجع هاشم العقابي استعيد الآن تلك الليالي وما زال طعم البكاء يلبط بطرف اللسان .. لكن هاشما بعيد وبغداد مثل حسرة تكاد تخنق القلب .. كاسك هاشم حتى موعدنا يوما على عتبات أبي نؤاس
hazim
في هذا اليوم أدميت قلبي وهيجت مواجعي وابكيتني يا أستاذ هاشم وأنا أتذكر الإنسان علي السوداني هذا الوطني .الشريف نسبآ ووطنيآ، الذي إعرف عنة يتمزق شوقآ لبغداد أتذكر أمر إلقاء القبض الذي حاول من خلاله المالكي إستعادته الى بغداد مكبلآ بقيود الذل لأنه لم يبع نف