TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العراق بين المنامة وصنعاء

العراق بين المنامة وصنعاء

نشر في: 28 مارس, 2015: 09:01 م

خرجنا من جميع حروبنا مع دول الجوار خاسرين، ومع ذلك لم نتعلم الدرس، وقبلنا ان نصبح جزءا من مشاكل اليمن وسوريا والبحرين ، وارتضينا لأنفسنا ان تتدخل ايران وتركيا والسعودية وقطر بشؤوننا الخاصة، وان نصبح فرجة لدول الجوار ومضغة في افواه سياسيين لم يبلغوا سن الرشد، وواصلنا باصرار غريب اشعال الحرائق من حولنا.
في الاحداث التي تجري على ارض ليبيا، آثرنا الصمت وعللنا ذلك باننا لا نريد ان نتدخل بشؤون الدول الاخرى، لكننا حملنا السيوف وجهزنا القوافل للابحار صوب البحرين.
مشكلة السياسة العراقية طوال السنوات الماضية أنها تدار بنظام الصوت العالي بمعنى أنها غير محكومة بمواقف أو رؤى أو مبادئ راسخة، منذ سنوات وساستنا "الاكارم" تحولوا الى مجرد ناطقين يطلقون يوميا بيانات ثورية ويستبد بهم الغضب والعصبية فيدخلون في حرب شعواء داخل قبة البرلمان لان فلاناً شتم اردوغان، وعلاناً تحدث بسوء عن ايران.
يسمي الصديق الاعلامي خالد مطلك مايجري حولنا هذه الايام بانه نوع من النفاق والكذب، ومسرحية لاصحاب الولاءات المباعة ، ويكتب في صفحته على الفيسبوك:"نحن بطبعنا لا نكره شيئا مثلما نكره الدولة العراقية ، لكن السماء ، ورغم كل ذلك لم تتركنا بدون معركة مقدسة ، لقد اكتشفنا فجأة ان عدن وباب المندب اهم من تكريت، وان الحوثيين هم اولاد الملحة الان، اما أبناء جيشنا فهولاء أبناء الوصيفة".
تلك اذن ياصديقي هي العلة كما انبأنا شكسبير ذات يوم، أو علل الساسة، والأصحّ امراضهم الطائفية، منذ ايام والجميع يتمنى ان يستولي الحوثيون على عدن، والحواس متيقظة لمتابعة ما سيقوله عبد الله الحوثي من على قناة المسيرة، ولكن، مَن يهمّه أمر الموصل ومَن يعرف على وجه الضبط أين ترجم داعش نساء نينوى، ومَن يعرف إذا كانت اثار اقدم حضارة هربت ام تم تدميرها؟
لا يهم. سوف نعرف في المستقبل، فالآن نحن منشغلون بمصير علي عبد الله صالح. ينبغي عليك ايها المواطن العراقي ان تعرف جيدا بشار الاسد اقرب للمالكي من علاوي، وان الاغا احمد أوغلو ينتمي الى قائمة النجيفي الوطنية ، على هذه البقعة من الأرض التي لا يريد لها سياسيوها ان تتوحد، ولم تعد بغداد بعيدة عن المنامة ، والفضائيات العراقية تنقل تظاهرات البحرين وصنعاء، لكنها تصمت عن سبي الايزيديات العراقيات.
أليس غريبا أن ينسى ساستنا أن وزير خارجية سوريا وليد المعلم ظل لآخر لحظة يرفض زيارة العراق لان المالكي في الحكم، لماذا نسوا أن صاحبهم بشار قال ذات يوم: "إن الدول العربية قد فوضت وأعطت سوريا الملف العراقي".
من غير المعقول أن يطلب من العراقيين أن ينسوا أن المالكي قال ذات ليلة "لماذا الإصرار على إيواء المنظمات المسلحة والمطلوبين للقضاء العراقي والإنتربول على الأراضي السورية؟، وان الفريق "المناضل علي عبد الله صالح ظل لسنوات لايريد الاعتراف بالنظام السياسي الجديد في العراق"؟
موقف معظم الساسة يضعهم في منطقة رمادية ليس لها تضاريس واضحة، وأزعم أن التناقض في التصريحات احيانا يزيد من المسألة تعقيدا، والعجيب اننا حتى هذه اللحظة لم نسمع عن صوت رشيد يقول انه لا يجوز اخلاقيا ان يتم التعامل مع الملف اليمني او اي ملف يتعلق بأزمات الدول العربية بمثل هذه الطريقة، وان يسأل احد لماذا نضع كل إمكانياتنا السياسية لعقد مصالحة بين الاطراف السورية ، ونتراخى في تأمين مصالحة بين الفرقاء السياسيين في العراق.
أخيرا.. قد ينفع الغموض في مسائل تتعلق بالخدمات وفي الشأن الداخلي، لكنه بالتأكيد في لعبة بيع الوطن الى دول الجوار ستقودنا إلى الخراب.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. ابو اثير

    كنت أتمنى أن أشاهد مظاهر ألأستنكار والشجب المعلن من على أفواه بعض سياسيي الصدفة من الخارج والأبواق المدفوعة الثمن التي تستنكر التدخل الخليجي فيما يحصل في اليمن الشقيق أن تسترجع نفسها الى الوراء وأن تتعلم من التأريخ بعض العبر ... أليس العقيد عبد الله صالح

  2. كمال سلدو

    شكرا جزيلا لكتابتك، وتشخيصك السليم. وأنا بأنتظار ان تريني ولو قليلا الضوء (الملعون) في نهاية النفق. حتى ارتاح قليلا، وحتى يكون عندي أمل بأن يوما سيأتي ولا ارى هذه الوجوه الكسيحة في الفضائيات. دام قلمك

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram