اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > "المدى" تفتح ملف ظاهرة العقد خارج المحكمة.. زواج القاصرات.. وجيل من المواليد بلا أوراق ثبوتية

"المدى" تفتح ملف ظاهرة العقد خارج المحكمة.. زواج القاصرات.. وجيل من المواليد بلا أوراق ثبوتية

نشر في: 29 مارس, 2015: 09:01 م

2_2
 
 لم تكن (مينا) تتوقع ذات يوم أن تجلس في عيادة الطبيبة النسائية بانتظار دورها للفحص. مينا ،وهذا اسمها المستعار، دخلت المهنة بعد ترك دراستها في السادس الابتدائي بناء على طلب امها التي لم تعد مقبولة عند زبائن الملهى أو أصدقائها. مينا ت

2_2

 

 لم تكن (مينا) تتوقع ذات يوم أن تجلس في عيادة الطبيبة النسائية بانتظار دورها للفحص. مينا ،وهذا اسمها المستعار، دخلت المهنة بعد ترك دراستها في السادس الابتدائي بناء على طلب امها التي لم تعد مقبولة عند زبائن الملهى أو أصدقائها. مينا تقول :"اجبرتني امي على ترك الدراسة والعمل معها في الملهى ، في البدء كان دوري مقتصرا على الرقص والدلع للزبائن وتقديم بعض المشروبات، لكن أحدهم كان شرها جدا ،وهو زبون قديم لأمي، قام بتسليفها مبلغا ماليا لشراء سيارة واستغل ذلك. في النهاية لم يكن أمامي سوى الركوع لضغوط أمي التي هددها بدخول السجن. لم انسَ تلك الليلة حين جاء برجل(معمم) وشخصين وسلّم أمي وصل الأمانة وحدث ما حدث بعده. لكن بعد انتهاء مدة شهر أو أكثر لم أكن أقوى على فعل شيء أو الحركة بسهولة ، الأمر الذي حوله إلى وحش تعامل معي بقسوة لا مثيل لها. طلّقني بعد فترة وعدت إلى بيت أمي وأنا منهكة جدا، لكن بعد فترة جاء أحد أصدقائه واتفق مع أمي على الأمر ذاته، الذي تكرر مرة ثالثة ورابعة. حتى جزعت من نفسي وكرهت حياتي التي سممتها أمي بقصد ومن دونه." خرجت مينا من غرفة الطبيبة وعيناها تدمعان فقد اعلمتها الطبيبة انها حامل وان الجنين ميت وانها تعاني من التهابات حادة في جهازها التناسلي والرحم.
 
الزواج المبكر وزاوج القاصرات
واحدة من إشكالات هذه الظاهرة الخلط بين مفهوم الزواج المبكر الذي ينصح به الإسلام وبين زواج القاصرات الذي بات دراما مقرفة. وكما هو معلوم فإن الزواج المبكر في الإسلام مستحب وليس واجبا أو فرضا كما يريده البعض ويصوره ويدخل زواج القاصرات في هذه الخانة. الإشكال يبدأ في أن الشرع الإسلامي لم يحدد سناً معينة للزواج، سواء للفتاة أو للشاب.. بل تركه للعرف الاجتماعي والأدبي وفق مقتضى الحال والظروف التي يعايشها القوم أو المجتمع. الأمر الذي ولّد اشكالا بهذا الخصوص يحل في الغالب بالعودة إلى حالات قد تكون خاصة حصلت في وقت ماضٍ. 
الشيخ حيدر الكعبي بين أن: الدين الإسلامي والسُنة النبوية لم يفرضا مسألة الزواج المبكر للفتيات بشكل واجب، وإنما تركاه من ضمن الأعمال المستحبة. إن"الفائدة الأساس من الزواج المبكر جاءت للمحافظة على عفّة المجتمع وروابطه"، وتابع الكعبي "لكن في ظل الظروف الحالية والتطورات التقنية التي حصلت في عموم العالم أجد أنه من الضروري جدا إن نتجه إلى تبني فكرة الزواج المبكر لتلافي الكثير من الإشكالات التي قد تحصل جراء تأخير الزواج خاصة للبنات."
مشروع أممي
تبنت لجنة تابعة للجمعية العام للأمم المتحدة يوم الجمعة مشروع قرار يدين تزويج القاصرات ويضع لأول مرة خطوطاً عريضة لخطوات محددة لمعالجة هذه القضية التي تتضرر منها 15 مليون فتاة كل عام حول العالم. وجاء مشروع القرار بعد أن اعتبرت الأمم المتحدة العام الماضي لأول مرة أن تزويج القاصرات والزواج القسري يمثلان انتهاكا لحقوق الإنسان وقولها إن إنهاء هذه الممارسة لابد أن يكون واحدا من الأهداف المعلنة لأجندة التنمية لما بعد 2015، والتي ستوضع العام المقبل.
ومن المقرر طرح مشروع القرار على جلسة عامة للجمعية العامة للأمم المتحدة بكامل اعضائها لمناقشته، إلا أن تمريره عبر هذه اللجنة من شأنه أن يضمن إمكانية الموافقة عليه في الجلسة العامة. علما أن قرارات الجمعية العامة غير ملزمة قانونيا ولكنها يمكن أن تزيد الضغط السياسي على الدول.
وتشير إحصاءات الأمم المتحدة إلى وجود أكثر من 700 مليون امرأة تزوجن قبل سن 18 ومعظمهن في ظروف الفقر وعدم الأمان.
جيل بلا أوراق ثبوتية
رئيسة منظمة الأمل السيدة هناء إدورد ذكرت، أنه يفترض أن تكون هناك تحولات إيجابية لصالح المرأة، في ظل النظام السياسي الجديد لكن ما يحدث في الواقع هو العكس من ذلك، سابقاً رجل الدين لا يعقد الزواج إلا بعد أن يكون عقد الزواج قد صُدق في المحكمة، والطرفان برضاهما يذهبان للمحكمة، حتى يكتسب الزواج الصفة الرسمية، الآن يجري العكس بسبب دوافع المصلحة، والمال، والتحكم بمقدرات الناس. والطفلة، أو المرأة تدفع فاتورة الظلم، وهكذا تضيع حقوق الأطفال والمرأة. وتضيف ادورد: على هذا المنوال ترتكب الجرائم، فبعض رجال الدين يعقد على طفلة في السنة العاشرة من عمرها، أو الحادية عشرة، أو الثانية عشرة.. لدي عقد لطفلة مطلقة في سن العاشرة والنصف يا ترى ماذا تفهم هذه الطفلة وأي ضمير إنساني يرتضي هذه البشاعة.
وأوضحت السيدة هناء ادورد: تترتب عن ذلك مشكلات قانونية ليس بسبب ضياع حقوق هؤلاء القاصرات بل ان هناك الآلاف من الحالات لأطفال من دون هوية أحوال مدنية لأنهم غير مسجلين في دوائر الأحوال المدنية، فثمة من هجر زوجته من دون أن يترك أي أثر، ومثل آخر، زوجات أمراء القاعدة، فمنهم من قتل ومن هرب خارج العراق، ومنهم مجهول المكان، فضلاً عن أن اسماءهم غير معروفة، ففي ديالى لوحدها ثمة مئات من الأطفال ولدوا من غير جنسية مع ما يترتب جراء ذلك من مشكلات في شقها المعيشي، والصحي، والتعليمي، والاجتماعي..
وأطلقت جمعية نساء بغداد حملة تحت عنوان "معا.. لزواج قانوني" لمنع انتشار وتفشي الزواج خارج المحاكم في العراق، والذي أدى إلى ظهور جيل كامل من الأطفال دون أوراق ثبوتية، مع فقدان الزوجات حقوقهن الشرعية كزوجات.
القانون والدستور وتناقضهما
المادة السادسة من قانون الأحوال الشخصية تنص على إنه لا ينعقد عقد الزواج اذا فقد شرطا من شروط الانعقاد أو الصحة المبينة إلا على سماع كل من العاقدَين كلام الآخر واستيعابهما أنه المقصود منه عقد الزواج، الموافقة، شهادة شاهدين متمتعين بالأهلية القانونية على عقد الزواج.
لكن مسوّدة الدستور الدائم في المادة 39 التي تنص على ان العراقيين أحرار بأحوالهم الشخصية حسب دياناتهم أو مذاهبهم أو معتقداتهم أو اختياراتهم وينظم ذلك بقانون. الأمر الذي فتح بابا من الاجتهادات والتشريعات التي تتماشى مع كل مذهب وطائفة. وهذا ما حدث قبل عام تقريبا حين أطلق وزير العدل السابق حسن الشمري قانون الأحوال الجعفري والذي قوبل بالرفض من قبل العديد من الجهات ومنظمات المجتمع المدني.
كردستان تمنع
المذاهب الإسلامية هي الأخرى لم تتفق على سن معينة للزواج فمثلا المذهب الحنفي 18 للذكر 17 للأنثى وهو ما موجود في القانون العراقي ومعمول به في المحاكم. المذهب الجعفري حدده بتسع سنوات. وأكثر من هذا أن العديد من الفقهاء المعاصرين في كلتا الطائفتين ومن جميع المذاهب اجازوا الخطبة والعقد حتى في سن الطفولة, باستثناء الممارسة الزوجية المباشرة فقد حددت بتسع سنوات .
وزارة الاوقاف والشؤون الدينية في حكومة إقليم كردستان العراق وبالاتفاق مع اتحاد علماء الدين الإسلامي هيئة القضاء للشؤون الصحية رئاسة محكمة التمييز في الإقليم وعدد من أعضاء لجنة الفتوى في الإقليم ومستشاري الوزارة؛ حددت عمر الزواج بـ18 سنة حيث لا يجوز عقد القران دون هذا السن. والتعهد بمعاقبة كل من يخرق هذا القانون وحصر مسألة الطلاق بأعضاء لجنة الفتوى فقط؛ مقررين منع عقد القران من قبل رجل الدين إن لم يكن عنوانه الوظيفي في وزارة الأوقاف "إمام أو خطيب"، ويتم التأكيد على الاطمئنان أن المرأة التي يعقد لها القران ليست على ذمة شخص آخر من خلال الرجوع إلى المحاكم.
المحكمة الاتحادية والأوقاف البرلمانية
سبق وأن عدّ رئيس مجلس القضاء الأعلى مدحت المحمود، منح حق إبرام عقد الزواج لمأذون شرعي خطاً أحمر وتعدياً على السلطة القضائية، فيما أشار إلى أن السلطة القضائية تسعى لدعم النصوص القانونية التي تخص أمور التفريق بين الجنسين. مضيفا :أن السلطة القضائية الاتحادية تدعم أي مساعٍ لتعديل النصوص الواردة في قانون العقوبات التي تفرق بين الجنسين.
يذكر أن العديد من العائلات العراقية يلجأ ووفقاً للعادات والتقاليد التي تتمسك بها بأمور عقود الزواج إلى المأذون الشرعي(السيد) من دون اللجوء إلى المحاكم المختصة، وتجري العادة إلى تصديقها فيما بعد في المحاكم المختصة، فيما يواجه تصديق تلك العقود الكثير من المشكلات والعراقيل التي تنتقص من حقوق المرأة في الغالب.
عضو لجنة الأوقاف والشؤون الدينية في مجلس النواب علي العلاق ذكر في تصريح صحفي، ان المأذون الشرعي لعقد الزواج لا يتعارض مع ما جاء به الدستور العراقي، مشيرا إلى أنه يدعم الحقوق الشخصية والحرية الدينية للأفراد. مضيفا: ان النصوص الشرعية والفقهية أكدت على قضية المأذون الشرعي وضرورة ان يكون مأذونا شرعيا ينظم عقد الزواج وفق الشروط التي جاء بها الدين الإسلامي، لافتاَ إلى انه لا يوجد تعارض بين المأذون القضائي والمأذون الشرعي بحسب ما جاء به الدستور العراقي. وأضاف العلاق، ان قضية المأذون الشرعي من ضمن الحقوق الشخصية وحرية المعتقد التي نص عليها القانون العراقي وحقه في اعتناق الأفكار والمعتقدات الدينية، ولا توجد إشكالية في أن يقوم رجل الدين بعقد الزواج بين الرجل والمرأة تحت الأطر الشرعية.
 
 
 
 
فارزة

لو تم التمعن بظاهرة زواج القاصرات من جوانبها المختلفة ستكتمل صورة الجريمة المكتملة الاركان، من اغتيال براءة الصغيرات والمتاجرة باجسادهن والتستر بهن بغطاء الزواج المستند الى نص ديني. الكثير من الفتيات ممن كن ضحية هذه الزيجات فارقن الحياة او يعانين من مشاكل وتراكمات نفسية واجتماعية قاسية. في البدء علينا تغيير الثقافة التي تنص على زواج البنت القاصر وفق اي مسمى كان، وعلى منظمات حقوق الانسان والمرأة والطفولة وبقية منظمات المجمتع المدني اعلان الحرب على هذه الظاهرة ومطالبة المرجعيات الدينية باصدار فتوى تدعو لوقف زواج القاصرات الذي لم يعد يتماشى مع الظروف الاجتماعية وقوانين حقوق الانسان ورعاية الطفولة وحقوق المراة.
الامر الاخر ان على الجهات الاعلامية المقروءة والمسموعة والمرئية اخذ دورها بهذا الامر والعمل على بث برامج توعية لكافة شرائح المجمتع والعمل على تثقيفهم قانونيا بحجم الجريمة التي ترتكب وماتخلفه من سلبيات اجتماعية واقتصادية وصحية. ويقع على الدولة الجانب الاكبر في هذا الامر من خلال وضع ستراتيجية نهوض بالواقع الاقتصادي للبلد لينعكس على مستوى الفرد المعيشي بالتالي يكون بوابة لمكافحة الفقر والبطالة والجهل. مع اهمية تشريع قوانين تعنى بالطفولة والمراة. مع اهمية الانضمام لكل المنظمات العالمية التي تعنى بالامر، والتوقيع على كافة القوانين والقرارات الدولية التي تبثق عنها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram