TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > وتعال يا عمّي فرويد شيّلني!

وتعال يا عمّي فرويد شيّلني!

نشر في: 29 مارس, 2015: 09:01 م

عندما حصلت على شهادتي الجامعية الأولى في علم النفس عام 1980، رشحني أحد اساتذتي للعمل في عيادة نفسانية تعود لصديق له في بغداد. يوم واحد في الأسبوع وبراتب مغر. شتكره منها يالمتخرج توّك؟ كان اليوم الاول لدوامي بالعيادة ممتعا. طالبة لا ينقصها الجمال سوى انها تقضم اظافرها بدون انقطاع مما يجعلك تشفق على تشويهها لأصابعها. أبكتني على حالها. كان علي ان اخفي رأفتي او تعاطفي معها. هكذا هي قواعد العلاج النفسي ظالمة. اسأل صاحب العيادة عن السبب. يرد علي بصرامة انها قواعد المهنة فلا تناقش. رجعنا النفّذ ثم ناقش. مشكلة تلك الجميلة شعورها ان لا أحد يحبها في الجامعة بينما زميلاتها كل واحدة لديها حبيب او أكثر. وجيب ليل وخذ عتابة. ولولا قواعد المهنة "الصارمة" لقرأت عليها قول عراقية عانت مثلها:
بطلت حتى النار ما تفعل توج
يالمالك محبين اخذ الخله وهج
وكأي فرحة عراقية لا تدوم، استدعاني صاحب العيادة ليعطيني مهمة جديدة: ان اقنع مراجعيه بأنهم مرضى نفسيون. بصراحة تصورتها سهلة جدا، لكني وجدت، في ما بعد، انه لو ارسلني لجبهة الحرب مع ايران لكانت اشوه مليون مرة. أبدأ بالعيني والاغاتي، وشويه شويه مع المراجع. لكن ما ان أصل للزبدة واوحي له بانه يعاني من خلل نفسي، وتعال يا عمي شيّلني. شتائم وعياط ومسبة واحيانا بوكسات. لا اطيل عليكم في واحدة من تلك العيطات مزق أحدهم قميصي من الغضب فلم اجد بدّا غير ان أدخل على المدير وأقول له: الرزق على الله دكتور. ومن يومها لليوم كرهت الشغلة رغم رزقها الوفير.
أي مريض نفسي لا يعترف بانه كذلك اغسل ايدك منه حتى لو جاء معك فرويد لعلاجه. كما الطائفي بالضبط، يتسودن وبفقد توازنه لو قلت له انك طائفي. الفارق ان المصاب بالمرض النفسي لو واجهته يهدّ عليك وحده، بينما المصاب بالطائفية يفزع "اخوانه" المرضى لينصب لنفسه خيمة عزاء كي تأتيه المعزيات كل وحده لسانها شطوله. ويبوي يبوي.
وتعود المصيبة مرة أخرى. قواعد المهنة تمنع عليك انكسار قلبك على هؤلاء ولا تبيح لك السكوت لأنك تراهم خطية. وان سكت، ولو الى حين، اكراما لجرح العراق الكبير واكتفيت بـ "التلميحات القريبة من التصريحات" بحسب قول الشاعر احمد عبد السادة، سيظنك المريض خائفا منه.
ولا يهمك يا عراق .. والله على مودك كل العذاب يهون.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram