TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > بين التخرج ..والتقاعد

بين التخرج ..والتقاعد

نشر في: 30 مارس, 2015: 09:01 م

حين تمر سياراتهم المزينة بالشرائط والبالونات والازهار وتعلوها قبعة التخرج في الشوارع يبتسم البعض لهذا الطقس الجميل ، وربما يرفع يده مهنئا الخريجين باتمامهم دراستهم الجامعية . أما البعض الآخرفيهز يده استهجاناً اواستهزاءً ، فلماذا يفرح الخريجون بتخرجهم وما الذي ينتظرهم غير بطالة وحسرة على أيام لن تتكرر في حياتهم الرتيبة المقبلة ..
احد سائقي سيارات الاجرة اعلن لجميع الركاب والمارة عن تخرجه عبر لافتة علقها على مركبته يقول فيها :" على طاري شهادة الهندسة ، تخرجت وعلقتها بالسايبا "!!!!
بهذه الطريقة يسخر الخريجون من شهاداتهم او يضعونها على الرفوف بانتظار فرصة عمل ، في الوقت الذي تمتلئ الوزارات والدوائر بموظفين جدد ربما لم يمض على تخرجهم الا عام واحد لأنهم وفدوا الى تلك الدوائر بوساطات و(دفعات ) و(صفقات ) وتوصيات من (جهات عليا ) وبعضهم جاء عن طريق احتكار حزب او طائفة ما لوزارة اودائرة وتعيين ابنائهم بالتالي حسب قانون ( الوراثة ) المستحدث فاذا غاب احد المتقاعدين عن تلك الوزارات او الدوائر يأتي من يخلفه من ابناء نفس الفئة او الحزب وكأنها ستظل ملكا لهم ..
من جهتهم ، يواجه الموظفون الذين فضلوا التقاعد على الدوام الرسمي المرهق دوامة كبرى وهم يتابعون معاملة التقاعد التي كانت تنجز وهم في منازلهم في السابق ويتم استدعاؤهم للاحتفال بتقاعدهم ومنحهم مكافأة نهاية الخدمة ..هذا ماكنا نراه في الافلام العربية القديمة وهكذا حصل آباؤنا على تقاعدهم ، بينما يغادر بعض المتقاعدين دوائرهم الى المستشفيات لاصابتهم بارتفاع في الضغط او متاعب قلبية او آلام في المفاصل بعد مسابقة الجري التي يمارسونها بين دوائرهم ووزاراتهم ودوائر اخرى لجلب وثائق قديمة وصحة صدور وطلبات أخرى ياتي بعضها بناء على اجتهادات خاصة من الاقسام الادارية في الدوائرالتي تضم في الغالب موظفين لاخبرة ادارية لهم لذا يجيدون اهمال وتضييع الكتب الرسمية او ارتكاب اخطاء فيها يتحمل وزرها المتقاعد نفسه فيظل يذهب ويعود ( باجر ) ويتنقل بين الدوائر رغم كبر سنه وصعوبة التنقل في الشوارع العراقية المزدحمة وانجاز المعاملات الرسمية بوقت قياسي بينما يجب معاقبة الموظف الذي يخطئ في كتاب رسمي او يضيعه ..
احدى المتقاعدات صار عليها ان تثبت بعد ربع قرن انها كانت طالبة في كلية الاداب ومازالت تتنقل بين كلية الاداب وكلية اللغات ودائرتها دون جدوى ومثلها العديد ممن فضلوا التقاعد على الوظيفة لحفظ كرامتهم فاكتشفوا ان المواطن العراقي قد يفقد كرامته بكل سهولة في الشارع او مقر العمل او أية دائرة رسمية مالم يكن من ( المبَشرين ) بالجنة أي الحاصلين على ظهور قوية او توصيات من المسؤولين ...
لهذا السبب يتقاسم الخريج والمتقاعد نفس الشعور ...انهما عبء على البلد ولاحاجة لجهودهما كما يفتقد الاثنان ايضا الحصول على تقدير ومعاملة جيدة وحياة كريمة !

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. ابو سجاد

    ياسيدة عدوية انا من ضحايادائرة التقاعد رغم انني لم اصل السن القانونية الابعد اكثر من اثنتي عشر سنة ولكني فضلت ان اتقاعد حتى لااكون جزاء من الفاسدين الذين افسدوا الجهاز الاداري لبلدنا وتصوري ان معاملة التقاعد قد رفعتها من الشهر الخامس للعام الماضي وليومن

  2. mohammed rasool

    الاستاذةعدوية المحترمة السلام عليكم ارجو النظر للمشكلة التي نعاني منها في التقاعد و هي كالتالي ؛ مؤخرا قامت دائرة التقاعد العامة بأيقاف تقاعد كل بنت او امراءة غير متزوجة  و اشترطت عليها ان يتم جلب كفلاء اثنيين ايا كانوا يشهدون بأن البنت غير متزوجة بر

  3. عادل السرحان

    هذا المقال ذكرني بكلام قاله لي سائق التكسي الذي اوصلني الى بيتي عائدا من كليني حاملا صورة التخرج منتشيا بها عام 1988 وكنت حينها انهيت دراستي في قسم الاعلام جامعة بغداد ولدي طموحات كبيرة لكنها ذهبت ادراج الريح ,وقال لي حينها سائق التكسي قبل اكثر من عشرة اع

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram