المسرحي الراحل ابن محافظة الديوانية رحيم ماجد كغيره من اعداد كبيرة من المثقفين العراقيين كان يتعاطف مع الحزب الشيوعي ، وخلال وجوده في بغداد طالبا في اكاديمية الفنون الجميلة ، كان يجعل من القسم الداخلي مكانا للاحتفال بذكرى تاسيس الحزب مع زملائه البعثيين من الحزب الحليف في سنوات الجبهة الوطنية ، بعد الانتهاء من الاحتفال وتبادل التهاني ، يتوجه الجميع الى نادي عمال وموظفي مصلحة اسالة الماء لمواصلة السهرة وشرب نخب تلاحم القوى الوطنية ودعم حركات التحرر ، ورسم ملامح بناء نظام اشتراكي يضمن مستقبل الاجيال المقبلة .
نادي الاسالة بيت بغدادي قديم يقع في منطقة الوزيرية مكون من عدة غرف ، رحيم كان يفضل طاولة تقع في حمام قريب من سطح المبنى ، ادارة النادي لم تكلف نفسها بتحوير المكان ، واكتفت برفع الحنفيات ، لكنها حافظت على انابيب الدوش ، بدأت الفقرة الاولى من الاحتفال بالحديث عن دور الفن في تعميق العلاقات الجبهوية ، والاتفاق على انتاج عمل مسرحي مشترك يتناول اهمية وحدة الموقف الوطني ودور القوى السياسية في مواجهة الامبريالية ووقع الاختيار على نص مسرحي عالمي "التنين" للكاتب يفجيني شفارتس شريطة اعداده ليكون مضمونه منسجما مع الحالة العراقية، وحين حصل الاتفاق ، انتقل الحاضرون الى الغناء ، ومع ارتفاع صوت المخرج الراحل اثناء اداء اغنية" جذاب دولبني الوكت" فسر زملاؤه اختيار هذه الاغنية بالتحديد، للتشكيك بالمواقف ، وعلى طريقة العراقيين في رفع الصوت لاقناع الاخر بالرأي لم يتوصل الحاضرون الى حسم الجدل ، واثناء الشد والجذب امتدت يد رحيم ماجد الى مكان حنفية الدوش فسقط الماء مباشرة على الطاولة ، فانتهت الحفلة بحادث لم يتوقعه احد ، فخربت" الكعدة " بدوافع تحقيق مكاسب سياسية ضيقة ، لصالح طرف يدعي الايمان بالعمل الجبهوي.
اصر الراحل رحيم ماجد على تقديم عرضه المسرحي لان "التنين" تلخص توجهه الفكري ومغامرته الفنية ، وبمشاركة زملائه المسرحيين في محافظة الديوانية قدم العرض بالهواء الطلق في حدائق جمعية التشكيليين العراقيين بحي المنصور في بغداد ، وسط حضور واسع من الجمهور ، المخرج جعل بطل المسرحية يرتدي البذلة الزرقاء في اشارة واضحة ومباشرة الى الطبقة العاملة ، وانتصارها على التنين آجلا ام عاجلا ، بانتهاء العرض هناك من وجه الى المخرج سؤالا لماذا جعلت بطل المسرحية شيوعيا وتجاهلت حليفه البعثي ، واين الجبهة الوطنية في مسرحيتك ، فرد المخرج على صاحب السؤال "تريديني ارفع العلم العراقي وصورة البكر حتى ترضى على المسرحية".
هذا المقطع من سيرة المخرج الراحل رحيم ماجد ربما تكرر في تجارب الاخرين ، والرجل بعد "تفليش الجهة الوطنية" ظل يواصل عمله مشرفا فنيا في مديرية تربية المثنى ، بوصفه لم يكن منتميا لاي حزب سياسي ، ولكن سجله في مديرية الامن العامة كان يحتفظ بتقرير يتهمه باعداد مسرحية تتحدث عن شيوعي يقتل التنين ، في زمن الطناطلة .
شيوعي يحارب التنين
نشر في: 30 مارس, 2015: 09:01 م
يحدث الآن
الأكثر قراءة
الرأي

ماذا وراء الدعوة للشعوب الأوربية بالتأهب للحرب ؟!
د.كاظم المقدادي الحرب فعل عنفي بشري مُدان مهما كانت دوافعها، لأنها تجسد بالدرجة الأولى الخراب، والدمار،والقتل، والأعاقات البدنية، والترمل، والتيتم،والنزوح، وغيرها من الماَسي والفواجع. وتشمل الإدانة البادئ بالحرب والساعي لأدامة أمدها. وهذا ينطبق تماماً...









