اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > بان كي مون والنجف

بان كي مون والنجف

نشر في: 30 مارس, 2015: 09:01 م

على مدى يومي الاحد والاثنين، بدأت الامم المتحدة برنامجا طموحا مع قادة الخط الاول في بغداد، بشأن التدقيق في اوضاع المدنيين في مناطق الحرب. فنهار الاحد كان جورجي بوستن الرجل الثاني في منظمة يونامي وهي البعثة الدولية العاملة في العراق منذ وقت ليس بالقليل، يقوم برعاية مؤتمر مهم في مبنى البرلمان، حضره رئيسا السلطتين التنفيذية والتشريعية، وكان المجتمع الدولي يصوغ رسالة واضحة لنا: ان حربكم ضد داعش تحظى بدعم دولي كبير، والعالم يرفع قبعته لتضحياتكم، والعالم جاهز لمساعدتكم لتكونوا الجهة المتحضرة في هذا الصراع، والمترفعة عن اساليب الانتقام الداعشية.
اما نهار الاثنين فقد وصل الى بغداد الامين العام للامم المتحدة نفسه، وتحدث بان كي مون بلياقته المعهودة، والتقى كل الزعامات، وكان ينقل للعراقيين اهتمام الدول الكبرى بمرحلة ما بعد داعش، لان المواجهة مع هذه المشكلة ليست مجرد نزاع مع متمردين قساة، وانما اختبار لقدرة العراق على ان يكرس نفسه شريكا مسؤولا وشرعيا في امن المنطقة والعالم، ودون ان ننجح في هذه المهمة فاننا لن نصبح بلدا يحظى بالتقدير، وستكون كل تضحياتنا معرضة للضياع بسبب اخطاء هذا المتطرف او ذاك، من كل الجهات والمكونات.
وطبعا فان الامم المتحدة تشرف منذ عقود على نزاعات طويلة عريضة في القارات السبع، وهي تدرك ان ظروف النزاع العراقي ليست الاولى في التاريخ ولن تكون الاخيرة، ولا داعي لان نتجادل كثيرا بشأنها لو انتبهنا الى ان ذاكرة البشرية احتفظت بتفاصيل متطابقة عن النزاعات، والمعالجات معروفة والخيارات محددة سلفا، وهناك فرصة كبيرة للاستفادة من درس التاريخ وفهم ان "الانتقام ليس حلا" كما قال جورجي بوستن، وان من متطلبات الانتصار في الحرب، ان نبدد قلق المجتمع الدولي، كما عبر بان كي مون.
ويمكننا القول طبقا لهذا بان كل الانفعالات والغضب والثأر الذي ساد في اجواء الحرب، لا يزال في مرحلة قابلة للعلاج، فالمجتمع الدولي يتفهم الظروف المعقدة، ويدرك وجود نوايا صادقة للاصلاح السياسي واصلاح الاخطاء، وهذه ارادة عراقية تستحق الدعم، ولذلك لم يتحدث معنا المسؤولون الدوليون بمنطق عقوبة او زجر، بل عرضوا المساعدة القانونية والسياسية لاحتواء ويلات الحرب، ومساعدة المقاتلين على الانضباط، وتخفيف الام المدنيين المتضررين من المعارك، كاجراء تسعى اليه كل الامم المتحضرة.
وكلام الامم المتحدة ليس بعيدا عن نصائح النجف المتواصلة الى الحشد الشعبي، رغم انه ليس خافيا ان بعض قادة فصائل المتطوعين غير مقتنع بما تقوله النجف ولا بما يقوله كل العقلاء في الحكومة والبرلمان، وهذا امر طبيعي ايضا، اذ لم نكن نصل الى ما وصلنا اليه لولا وجود اراء سياسية سفيهة وفاسدة داخل فريق الحكومة والتحالف الوطني، كانت تشبه الاراء الفاسدة والسفيهة لدى الاطراف العراقية الاخرى، لكن الفرصة لا تفوت لاعادة النظر والمراجعة، ومهما كانت هستيريا الحرب سببا في تجاهل نصائح المرجعية ونصائح العقلاء، فاننا سمعنا عصر الاثنين ان قادة اكثر من فصيل بدأوا يشعرون باهمية ان يراجعوا مواقفهم ويتفهموا سياسات الحكومة في صوغ علاقتنا مع العالم ومع المحيط الاقليمي، وهكذا اعلن بعضهم انه وافق على تنسيق افضل مع مجلس الوزراء طبقا لنصيحة مهمة اعلنتها المرجعية يوم الجمعة، وهذا يعني ان كثيرا من المقاتلين سيعودون الى اسناد الجيش، كما يعني ان معركة تكريت كانت مناسبة لمراجعة العلاقة المعقدة التي تجمع التشكيلات المسلحة الكثيرة، بحكومة بغداد، ومناسبة لاعادة تقييم نصائح اهل العقل والكف عن العناد والتسرع، وادراك ان المنطقة كلها تحترق ودائرة اللهب تتسع، والامر بحاجة الى مزيد من ضبط النفس والتدابير التي تحمي تضحيات كل المقاتلين من الشمال الى الجنوب، لكي نكون اكثر استعدادا لتلقي صدمات عميقة ستتوالى خلال الاسابيع المقبلة في الاقتصاد والسياسة وقوانين الحرب.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. ابو سجاد

    يااستاذ سرمد لااعتقد ان هناك صدمات عميقة ستصيبنا اكثر من هذه الصدمات اموال بمليارات الدولارات وليس الدنانير قد سرقت والسارق امامنا ولانستطيع ان نفول له اعد لنا اموالنا لاننا نخافه وارض منحت لاشرار ولانستطيع ايظا ان نقف بوجه من منحها لهم واعراض انتهكت امام

يحدث الآن

العراق الثاني عربياً باستيراد الشاي الهندي

ريال مدريد يجدد عقد مودريتش بعد تخفيض راتبه

العثور على جرة أثرية يعود تاريخها لعصور قديمة في السليمانية

"وسط إهمال حكومي".. الأنبار تفتقر إلى المسارح الفنية

تحذيرات من ممارسة شائعة تضر بالاطفال

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: العميل "كوديا"

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

 علي حسين ما زلت أتذكر المرة الأولى التي سمعت فيها اسم فولتير.. ففي المتوسطة كان أستاذ لنا يهوى الفلسفة، يخصص جزءاً من درس اللغة العربية للحديث عن هوايته هذه ، وأتذكر أن أستاذي...
علي حسين

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (1-2)عطلة نهاية العام نقضيها عادة في بيت خوالي في بغداد. عام ١٩٥٨ كنا نسكن ملحقاً في معمل خياطة قمصان (أيرمن) في منتصف شارع النواب في الكاظمية. أسرّتنا فرشت في الحديقة في حر...
زهير الجزائري

دائماً محنة البطل

ياسين طه حافظ هذه سطور ملأى بأكثر مما تظهره.قلت اعيدها لنقرأها جميعاً مرة ثانية وربما ثالثة او اكثر. السطور لنيتشه وفي عمله الفخم "هكذا تكلم زارادشت" او هكذا تكلم زارا.لسنا معنيين الان بصفة نيتشه...
ياسين طه حافظ

آفاق علاقات إيران مع دول الجوار في عهد الرئيس الجديد مسعود پزشكیان

د. فالح الحمراني يدور نقاش حيوي في إيران، حول أولويات السياسة الخارجية للرئيس المنتخب مسعود بيزشكيان، الذي ألحق في الجولة الثانية من الانتخابات هزيمة "غير متوقعة"، بحسب بوابة "الدبلوماسية الإيرانية" على الإنترنت. والواقع أنه...
د. فالح الحمراني
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram