"عناقيد الغضب" واحدة من افضل الروايات الاميركية الممتازة، وهي تدرس احوال عائلة اميركية يمزقها الفقر واليأس في اعوام الكساد الاقتصادي في المجتمع الاميركي والذي هز الولايات المتحدة الاميركية، وفي تلك الاعوام غادرت هذه العائلة في بيتسبورغ في ولاية اوكلا
"عناقيد الغضب" واحدة من افضل الروايات الاميركية الممتازة، وهي تدرس احوال عائلة اميركية يمزقها الفقر واليأس في اعوام الكساد الاقتصادي في المجتمع الاميركي والذي هز الولايات المتحدة الاميركية، وفي تلك الاعوام غادرت هذه العائلة في بيتسبورغ في ولاية اوكلاهوما بسبب الجفاف.
وتعد هذه الرواية من افضل الاعمال الروائية، لان الاعمال الكلاسيكية الانكليزية والاميركية كانت روايات كتبت اما للتعبير عن المشاعر الجياشة لدى الكاتب، او رغبة ملحة لاقناع قارئ بعمل ينال اعجابه.
ومع مرور الزمن، مع نضوج فكرة كتابة الرواية وتضاعف اعداد قرائها، تحولت الرواية الى جهد معقد، ان تكون اكثر عمقاً واحساساً وليناً.
ان رواية "عناقيد الغضب" الرقم – 65 – من بين افضل الروايات العالمية، وهي عمل يثير المشاعر الانسانية، وهذا العمل الادبي هو ما كان شتاينبك يطمح لكتابته طوال الوقت، انها واقعية، وتتناول دوافع بدائية، وهي من العوامل التي سيطرت على الرواية الانغلو – اميركية، وصرخة الغضب ايضاً، تمزج مرارة ذوي الياقات الزرق، وسكان المروج بحكمتهم، وكذلك السياسيين من اليسار، أي بمعنى آخر انبثق من تلك البيئة كاتب حقق اعلى المبيعات في اعماله الروائية، وكتب رواية تتحدث عن الاجواء المفزعة لاولئك الناس من المجتمع الاميركي، وازدياد الهجرة من منطقة الى اخرى، من الجنوب الغربي الاميركي. ويكشف شتاينبك الاوضاع المفزعة الاجتماعية للفلاحين، ويكتب بصراحة عن الاحداث – كما جرت – دون اضافة رتوش عليها، وخاصة انه من مواليد تلك البيئة.
ولذلك السبب كشف الروائي، باسلوب واقعي، دون اضافة اي نوع من الرتوش، وهكذا كتب ، عن شخصية دروثيا لانغ، وكان هو مثلها، لم يكن خائفاً لتكريس نفسه للكتابة عن فضائح المهاجرين في اوكلاهوما، والذين وجدوا لهم سبيلاً الى حقول الفواكه في الولاية الذهبية (كاليفورنيا) للبحث عن حياة افضل، وعانوا الكثير من المتاعب في خلال البحث عن الارض الموعودة.
"ولكن الامطار جاءت اخيراً الى اوكلاهوما، بهدوء، دون افزاع الارض اليابسة..." وقدم شتاينبك القارئ لبقعة الارض البائسة والى عائلة جود الفقيرة، وكان جود قد اطلق مؤخراً من السجن، وتقليدياً خسرت عائلته مزرعتهم لصالح المصرف، وكانت الاسرة على وشك الهجرة الى الغرب بحثاً عن العمل، متخذين الطريق 66 الى كاليفورنيا – الارض الموعودة، ولكن الامور لاتسير كما ينبغي، وتم استغلال عائلة جود التي تمزقت، يموت الجدان في الطريق، وتم دفنهما عند جانب الطريق.
والمرأة في تلك العائلة هي الجانب الاقوى، مثل اولئك الاوائل في القرن التاسع عشر، وتتولى المتقدمة سناً، ماجود وهي تقول: "المرأة قادرة على التغيير، وافضل من الرجل في هذا العمل" اما توم فيتورط بعملية قتل اخرى، وتوجب عليه الهرب، دون امل او نقود او فرصة ما. وشقيقة توم ، تفقد ابنتها وتقوم برضاعة اخرى تعاني من الموت جوعاً.
* * * * *
ورواية "عناقيد الغضب" اعتمدت على عدد من المقالات الصحفية التي كتبت عن هجرة العمال الى كاليفورنيا.
وكتب شتاينبك روايته في عام 1936، في اشد مراحل اليأس، وقال: (لقد اردت ان اضع لطخة من العار على ابناء الزنا، المسؤولين عن "اعوام اليأس") وتتألف الرواية من 200,000 كلمة على 165 ورقة مرتبطة ببعضها وبخط اليد، وانتهى منها في خمسة اشهر: أي 2,000 كلمة في اليوم الواحد، وتحدث عن ذلك قائلاً: "لم اجهد نفسي قط في حياتي ولم اكتب هذا العدد من الصفحات، ويقول انه لم يكتب بذلك الجهد قط في حياته بعدئذ" وقد اضاف شيئا من الدراما الى الرواية واستعان باسلوب دوس باسوس (ثلاثية U.S.A) وهي تحتل المرتبة 58 في قائمة افضل 100 رواية.
واخبر شتاينبك وكيله الادبي انه قد احب العنوان، لانه من تقاليدنا الثورية، وفي 26 ايلول عام 1938، كان الكاتب مشغولاً جداً ومتعباً لايرى الصفحة الا بصعوبة، واخيراً كتب كلمة النهاية "باحرف كبيرة" ثم كتب في جريدته "انتهى هذا اليوم وآمل من الله ان يكون جيداً".
كان رد الفعل الاول لوكيل شتاينبك مثيراً، ودفعت "عناقيد الغضب" الى المطبعة وطبعت في 14 نيسان 1939، من قبل مطبعة فايكينك في نيويورك وغدت الرواية الاميركية الاكثر قراءة وشهرة والاكثر اثارة للجدل، في القرن العشرين تمت مناقشتها في الراديو، كما هاجمها القراء الغاضبون، بل انها منعت من قبل بعض المكتبات، ورابطة الفلاحين في كاليفورينا، كانت ضدها ايضاً وقالت انها "حزمة من الاكاذيب" و"الدعايات اليهودية" علماً ان شتاينبك لم يكن يهودياً.
ولكن الرواية لقيت الترحاب من قبل بيرل باك، مؤلفة "الارض الطيبة" والسيدة الاولى الاميركية الينور روزفيلت قالت ان الرواية لم تبالغ في الاحداث ووقفت في صف شتاينبك، كما ان مجلس الشيوخ الاميركي اعلن ان الرواية لم تبالغ في الاحداث ووقفوا خلف شتاينبك، وكذلك مجلس النواب، الذي اعلن ان الروائي قد قلل من العنف مخففاً من تجاوز بنود حقوق الانسان في الساحل الغربي من الولايات المتحدة الامريكية.
ولكل هذه الاسباب اصبحت "عناقيد الغضب" الاولى في قائمة المبيعات، وبيع منها نصف مليون نسخة (النسخة الواحدة بـ 2,15 دولار) في العام الاول، وفي العام 1940 نالت الرواية جائزة البوليتزر وتم تعميم قراءتها في المدارس والمعاهد والكليات في كافة ارجاء الولايات المتحدة الاميركية، وفي نفس العام قرر المخرج جون فورد تقديم فيلم بنفس العنوان، بطولة هنري فوندا، وعندما منح شتاينبك "جائزة نوبل" للأدب عام 1962، واعلنت اللجنة "انه عمل كبير" ولم يكن كل فرد الى جانب شتاينبك ومنهم سكوت فيتزجيرارد (الذي يحمل رقم 51 في قائمة افضل الروايات)، وبقيت الرواية في مقدمة الاعمال الادبية، في كافة الاستفتاءات ومنها مجلات (التايم) و(الادب الحديث) و(الليموند) و(BBC) في استفتاء "افضل رواية" في عام 2003، وقد بيعت من هذه الرواية 15 مليون نسخة في خلال 75 سنة.
جميع التعليقات 1
سارة الشايع
من اروع الروايات ومن اعمقها وأكثرها انسانيه رغم الالفاظ السوقيه