TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > لا تغشِّم نفسك

لا تغشِّم نفسك

نشر في: 3 إبريل, 2015: 09:01 م

يقول المتخصصون كلما يتقدم الإنسان في السن تضعف ذاكرته القريبة وتنشط القديمة، من هنا تجد الذين من جيلي لا يتذكرون أيام حياتهم الجامعية بتفاصيل أيام الابتدائية نفسها . ينشط لا شعور أيام الصبا بما فيه من حلو ومر حتى القراءات او "المطالعة الخارجية" كما كنا نسميها لنميزها عن كتب القراءة المدرسية، تنضج ثمارها عند الكبر.
اليوم هناك مصيبة، كارثة، طركاعة، اسمها داعش. من هي داعش؟ مَن وراءها؟ جرب اسأل او جرب جاوب وشوف البلاوي، اول ضربة ستتلقاها ان خالفت الآراء السائدة قولهم "لا تغشّم نفسك؟ أوكي لن أغشمها تتدللون وتعال اسمع:
أحدهم: داعش صناعة أميركية. آخر: كلا انها إسرائيلية. ثالث: انها إيرانية. الرابع: السكتة أحسن. والسكوت في مثل هذه الحالة أمر من الصبر. هكذا هي مصيبتي الكبرى. يا عمّي والله الذي خلقكم داعش نحن صنعناها بأيدينا، قلتها مرة وابتليت على عمري.
ولأن العمر أخذ من سنيني ما أخذ حضرت ذكريات الابتدائية لتصبرني. ها هو أستاذ حسن الدوّاح معلمنا الشيوعي الذي جاء من النعمانية، التي كانت تسمى سابقا "البغيلة"، ليدرسنا في الزبيدية التي كانت هي الأخرى تسمى سابقا "الحميدية". الأستاذ حسن يؤمن بان أفضل طريقة للتوعية المبكرة هي التدريس عن طريق التمثيل المسرحي. اختار لنا نصاً لجبران خليل جبران اسمه "الملك الحكيم" الذي أُتهم بالجنون من قبل رعيته لأنه لم يشرب من بئر جنونهم، لم يخلص الملك من التهمة إلا بعد ان تناول طاسة وغرف بها من ماء البئر وشرب امامهم. حمدوا الله فارتاحوا وارتاح هو أيضا.
تذكرت بئر جبران واستاذي وبكائي على حال الملك الذي كنت قد مثلت دور وزيره الأمين في المسرحية، وكيف أني بكيت على حاله يوم اتهموه بالجنون. ذهبت بي الذكريات في صفنة طويلة لم أُغادرها الا بعد ان جاءتني "ندسة" من الذي بجانبي وكان ساكتا: قلهم إي وارتاح.
ملأت كاسي بماء بئرهم وجريتها للآخر فحمدوا الله وصاحوا جميعا" بصحتك أبو أمجد. التفت نحو الجمع وقلت لهم: انكم على حق، فالقضية كما تقولون مرتبة ومخطط لها وانهم كلهم شياطين الا نحن. حمدوا الله وصاحوا جميعا" بصحتك أبو أمجد. وضعت رأسي على كتف الذي "ندسني" وقلت له: نعم ارتحت، لكن طعم الكأس صار مراً ومقرفاً فهل تدلني، يا صاحبي، على السبب؟ ردّ عليّ بهدوء: اشرب واسكت. ولما وجدت بأن القوم قد فرحوا، قلت لهم "زي الناس" فردوا عليّ "لا باس". ومن عندهم الى الباب ولأقرب تكسي لأنطرح بسريري. نومة عميقة جدا لم افق منها إلا قبل قليل لأكتب هذا الذي تقرأونه.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram