كان باراك أوباما هجومياً حول السياسة الخارجية لأميركا في المناظرة الثالثة والأخيرة بينه وبين منافسه رومني، متهماً الأخير باختيار الحلول الخاطئة. وفي الوقت الذي خرج فيه أوباما منتصراً بفارق ضئيل، فان المجابهة حول المسائل الخارجية، لم تكن قوية، ولم توجه الضربة القاتلة لخصمه. وعند الوصول إلى مكان المناظرة، في جامعة لين/ فلوريدا، كان لدى أوباما فائدة امتلاك معلومات أوفر حول السياسة الخارجية والأمن الوطني، وبناء على كونه الرئيس - الذي يطلع على كافة التحليلات التي تقدمها الاستخبارات والدبلوماسيون وقادة الجيش - فانه كان المسيطر على المناقشة في النصف الأول من المناظرة. أما المرشح الجمهوري فبدا غير واثق في بعض الأحيان يتعثر في كلامه ومحاولاته لقراءة السطور التي كان أعدها. وبدا يعرق وأوباما يواصل الهجوم منذ بداية الجلسة ثم تحسن وضع رومني عند مناقشة موضوعات إيران والعراق وروسيا وايضاً النفقات الخاصة بالجيش الأميركي. وقد وجه أوباما الى خصمه مرتين عبارة (مخطئ ومتهور) وناقش الرئيس الأميركي قائمة من الموضوعات التي قال إن رومني قد أخطأ فيها بدءاً من تأييد غزو العراق عام 2003 والى معارضته موعد معين للانسحاب من أفغانستان. وقال أوباما:"الذي نحتاج أن نعمله في الشرق الأوسط هو قيادة قوية ومستقرة، وليس قيادة غير ملائمة أو متهورة. ومع الأسف فانك تقدم مثل هذه الأفكار في خلال الحملة الانتخابية، وما قدمته لا يمثل وصفة للقوة الأميركية أو يحفظ أميركا بسلام على المدى الطويل. ومع الإحساس المتنامي لدى المعسكر الجمهوري من أن البيت الأبيض أصبح في متناول اليد، فان رومني بدأ سعيداً بأدائه، حيث أن هدفه الأساسي كان التأكيد للأميركيين انه لم يكن من دعاة الحرب. ومن موضوع إلى آخر، من العقوبات الاقتصادية لإيران إلى الانسحاب من أفغانستان كان هناك خلاف ضئيل في المواقف بين المرشحين، ولكن رومني أكد انه يطمح الى قوة أميركية اكثر فاعلية لا مكان في العالم تبدو قوتنا فيه أكبر وأكثر فاعلية وتأثيراً، مما كان عليه قبل أربعة أعوام. وبينما كان من المتوقع أن يكون النقاش حول السياسة الخارجية فقط، فان القضايا المحلية لم تكن بعيدة جداً، حيث تطرق المرشحان للسياسة الاقتصادية والضرائب. ومن الدقائق المثيرة في المناظرة، مبادرة أوباما وبعجرفة التحدث مع رومني عن التطورات التي حصلت في الجيش، كما لو أن رومني كان طفلاً وجاء ذلك بعد طلب من رومني زيادة النفقات العسكرية والتذمر من قلّة عدد السفن التي تمتلكها القوة البحرية. وكان جواب أوباما يتركز على ان الجيش وطبيعة تسليحه قد تغيرا عن السابق، وان أميركا اليوم تمتلك حاملات الطائرات ولدينا سفن تسير تحت الماء وهي الغواصات النووية. ولكن رومني لم ينكمش واستعاد ثقته بالنفس في النصف الثاني من المناظرة، وخاصة عند التحدث عن الاقتصاد الداخلي. وعن الشرق الأوسط قال إن هجوماً على إيران سيكون الحل الأخير وانه ضد التدخل العسكري المباشر في سوريا، وحاول تحييد ما حققه أوباما بـ(مقتل أسامة بن لادن) والذي يتباهى به أوباما، معلناً أن سياسته هي أكثر (ملاحقة الأولاد السيئين وقتلهم). واتهم رومني أوباما بقيامه (بجولة للاعتذار) في الشرق الأوسط في بدء عهد رئاسته، وكانت تلك الجولة علامة على الضعف، قائلاً: (إن أميركا لم تكن ديكتاتورة شعوب أخرى، بل إننا حررنا شعوباً اخرى من الديكتاتوريين). وأجاب أوباما على ذلك بقوله: (زيارة الاعتذار هي الكذبة الكبرى في خلال الحملة الانتخابية". وأضاف "ان كنا نتحدث عن الرحلات، فان رحلة رومني في الصيف الى بريطانيا، بولندا وإسرائيل انتقدت بشدة). وأكمل أوباما حديثه: (عندما كنت مرشحاً للرئاسة فان رحلتي الاولى كانت زيارة قواتنا المسلحة، وعندما ذهبت الى إسرائيل كمرشح، فإنني لم أتقبل التبرعات – وذهبت ايضاً الى متحف (الهولوكوست) لتذكير نفسي بطبيعة الشر، ولماذا يكون ارتباطنا بإسرائيل دائماً).
نتيجة المناظرة الأخيرة لقد اتفقت استطلاعات الرأي العام، على تفوق أوباما. فالاستطلاع الذي أجري من قبل (السياسة العامة) أظهر تفوق أوباما 53% ورومني بـ42% في حين أن CNN أعلنت أن أوباما حصل على 48% مقابل 40% لرومني. وأظهرت المناظرة اختلافاً ضئيلاً في التعامل مع إيران، واتفق الاثنان على أن بشار الأسد لن يبقى في السلطة، كما أن رومني اقترح تزويد الثوار السوريين بأسلحة ثقيلة، وان تقوم أميركا بدور قيادي في إزاحة الأسد عن السلطة.أما سياستهما تجاه إسرائيل فكانت متقاربة، مع اتهام رومني لأوباما بعدم زيارته إسرائيل في خلال جولته في الشرق الأوسط.
الغارديان