تحاول الدول التي لا شأن لها بالسياسة وصراع ديكة البرلمان، وتقاسم كعكة المناصب بالتوازن الطائفي، الحصول على اعتراف دولي بوجودها، من خلال وسيلة واحدة، هي بناء البلدان وتنمية قدرات الناس، وقد اخفقت كوريا الشمالية، ان تصبح مثل شقيقتها الجنوبية على خريطة الدول البارزة، لكن الرؤوس النووية تمنحها كل يوم فرصة لتصبح الخبر الاول في معظم صحف العالم، ونراها تنشغل في وضع المجلدات عن معجزات كيم إيل سونغ وابنه وحفيده، فيما سامسونغ في القرب منها تصر على ان تنافس ابل في عقر دارها واشنطن.
منذ عقود ونحن نشتم اميركا والغرب، ونرفع راية " الموت للامبريالية " لكن ساستنا الاشاوس لا يتحركون الا بسيارات مصفحة من صنع اميركي، وحين يعطس احدهم يذهب الى مشافي برلين ولندن، وجيب سترته دائما لايخلوا من جنسية مختومة بختم " الاعداء ".
في باب التعليقات ليوم امس كتب قارئ كريم لاحظت اشارتك في اكثر من مقال الى مؤسس سنغافورة، وهي بلد متقدم بلا شك ولكن هل تعرف ان لقب لي كوان هو المستبد؟
عندما انفصلت سنغافورة عن ماليزيا، كان من بين ابرز التوقعات أن يكون العسكر أول مَن يسيطر على هذه الجزيرة التي سميت انذاك جزيرة البعوض، لكن المفاجأة كانت في ان سياسيا صغيرا" لي كوان، أرسل في طلب عدد من السياسيين ليخبرهم ان هذا الورم الذي تخلصت منه ماليزيا، امامه طريقان، اما الاسئصال او الشفاء، وكانت وصفته السحرية للشفاء ان لامكان للصراع السياسي والطائفي، ومعهما طلب غريب هو منع المسؤول ان يخرج الى الشارع بموكب رسمي
أهم القواعد التي تقوم عليها الدولة المحترمة، هي قاعدة محاسبة المسؤول إذا أخطأ، وإذا تدهورت حالة الخدمات أتمنى أن تنتبهوا معي، أقصد الخدمات وليس ضياع مدن بأكملها، فإن الحكومة تقدم اعتذاراً موثقاً بالصوت والصورة، ثم يذهب أعضاؤها إلى بيوتهم،.
أما في دولة وزيرة الصحة العراقية الدكتورة عديلة حمود، فإن ضرب عدد من العمال المساكين، وارهابهم لا يعنيان شيئا فالامر مجرد حادث يراد به التشويش على انجازات وزارة الصحة على حد قول "البيان الثوري الذي صدر عن مكتب السيدة الوزيرة".
في كوريا الجنوبية قامت البلاد ولم تقعد بسبب سوء معاملة سيدة مسنة من قبل موظف حكومي كبير، لنقرأ في اليوم التالي خبر استقالة الوزير نفسه! حيث نقلت إلينا الأنباء أن الوزير اعتبر تصرف المسؤول جناية يستحق المحاسبة عليها لانه لم يحسن اختيار مساعديه.
أتمنى عليكم أيضا ألا تعتبروا الوزير الكوري ساذجاً، ولا تسخروا من"بطر" الصحافة الكورية، ولا تتهموا المسؤول الذي قدم اعتذارا بالجنون.
أجمل ما في اللوحة الكورية الجنوبية، موقف الناس التي أغرقت الحكومة بالاتصالات الهاتفية والمراجعات والرسائل والاستفسارات عن هذه المرأة وكيف يمكن مساعدتها، هذا ما يُسمَّى في الدول التي تحرم شعوبها، الرأي العام، وهو ما يسمونه ساستنا ومسؤولونا بالإعلام المغرض والمشبوه!
ولأننا في بلاد لا يسمح فيها بمحاسبة المسؤول، ولماذا يحاسب وقد تعددت وتنوعت طرق القتل والموت والسرقة والانتهازية والتزوير، فلا يمرّ يوم إلا ونسمع عن اهانة مواطن، وفي كل حادثة نسمع أن الحكومة تجري تحقيقات، ولم نسمع شيئا عن نتائج تلك التحقيقات، في كل يوم تنتهك حريات الناس، في كل يوم يتأكد لنا أننا نعيش في غابة لا يحكمها إلا قانون الأقوياء.
ياسيدي القارئ العزيز هناك مسؤولون لم يجلبوا الى إلى الناس إلا البؤس والخراب والاوبئة الطائفية، وهناك لي كوان ومانديلا وسليفا دي لولا والاسباني أدولفو سواريث والصيني دنغ شياو بينغ رجال الأبواب المفتوحة نحو المستقبل والطمأنينة.
رجاء.. لاتقارنوا
[post-views]
نشر في: 4 إبريل, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 3
قيران المزوري
والله العظيم سئمنا من المقارنة ، ولكن يا استاذنا الفاضل كلما قرأنا مقالة لكم ومقارناتكم التفصيلية وبابعادها الثلاثة. نشعر بأن أجزاء من اجسادنا يموت .
ياسين عبد الحافظ
شكرا للمقال. بعد الزى جرى ويجرى ارى ان الرؤية قد ثبتت بما لايقبل الشك، اننا لن نستطيع ان ندير شؤون بلدنا، عليه يجب طلب المساعدة من الغير، لاتضيعوا الوقت يا كتاب المدى المحتر مون .اطلبوا المساعدة من العالم وادخلوا التاريخ،،،،
ابو احمد
الاخ العزيز علي حسين شكرا على اهتمامك بتعليقي ولاكنني ذكرت تسمية لي كوان العالمية المعروفة المستبد العادل ولكن اجتزأت التسمية وقولتني بانني سميته بالمستبد وهذا يشبه اجتزاء جزء من الاية القرانية ولا تقربوا الصلاة ... ان اعترضي كان على صفة الاستبداد وي