اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > حي السفير يغرق بالمستنقعات ومياه النزيز وأمراض مواطنيه لاتحصى!

حي السفير يغرق بالمستنقعات ومياه النزيز وأمراض مواطنيه لاتحصى!

نشر في: 21 ديسمبر, 2009: 04:17 م

بغداد / شاكر المياح تصوير / سعد الله الخالدي كنا نجد صعوبة ونحن نمر عبر منزلقه الرئيس (شارعه) هكذا اسميته ، فهو غارق بالاوحال والاطيان، كان معبدا غير ان أسفلته تآكل تدريجيا فكثـرت فيه الحفر والتخسفات ، وهو في طريقه الى التلاشي والزوال ، لا ادري من اسماه (بحي السفير) ، فربما جاءت التسمية من باب التهكم والسخرية من واقعه البائس ،
ازقته تطفح بالمياه الاسنة التي تفوح منها شتى الروائح النتنة ، بيوت مواطنيه تنز بما يشبه الصديد ، هي اربعة الاف وحدة سكنية تحيط بها البرك المعشوشبة والمليئة بالاشنات والحشرات ، وتنتشر في ارجائها الكلاب السائبة. ونحن نتجول بين جنباته لم نبصر شجرة او نبتة واحدة تدلل على ان ارضه صالحة للانبات ، ففي الصيف وحينما تجف البرك بفعل عوامل التبخير تذيب اشعة الشمس أملاحها فتتحول الى ارض متغدقة وسبخة لا تنمو فيها النباتات. حي السفير هو واحد من احياء عديدة لم تعد موجودة في ذاكرة المسؤولين الكبار والصغار على حد سواء، هذه الاحياء يمكن تسميتها ب (احياء الفقراء والمعدمين) الذين يمثلون الكثرة الغالبة بين سكان بغداد ، وهم الوسط المستهدف في مواسم الانتخابات . مآس تتكرر كل عام ها هو الشاب ( نوفل ) يحدثني عن واحدة من مآسي مواطني هذا الحي المغلوبين على امرهم : عندما ينهمر المطر يتعذر علينا الوصول الى مرآب السيارات ، او الشارع الرئيس من دون استخدام ( الجزم ) التي يروج سوقها في موسم الشتاء . في حين يقول المواطن ( ابو وسام المياحي): نصرخ بصوت عال عسى ان يسمعه اولئك المسؤولون المقيمون في بروجهم العاجية اذ ابوا مغادرتها للاطلاع على واقع سكان الاحياء التي يستوطنها البؤس والمرض ، لا اعتقد ان احدا في هذا الكون الفسيح يحيا مثلما نحيا نحن من دون ماء ولا كهرباء ولا مجار ولا خدمات ، نحن محرومون من ابسط مستلزمات الحياة الانسانية ، فالماء الذي نشربه تشوبه كدرة دائمة (خابط) ومعظم أطفالنا تعرضوا للاصابة بمختلف الامراض المزمنة والمتوطنة. أينما توقفنا يتحلق حولنا اطفال حفاة ، اقدامهم مثقلة بالطين ، وهم شاحبو الوجوه ومن كل الفئات العمرية ، بعضهم كانوا يقضمون ارغفة الخبز ، تخيلتهم في تلك اللحظات بعضا من اطفال الصومال او بنغلاديش ، وليسوا في العراق اذ تطفو بيوت ذويهم فوق بحيرات هائلة لا تنضب من النفط وان ايراداتهم منه ولشهر تشرين الاول فقط من العام الجاري بلغت اربعة مليارات دولار . لا مدارس في حي السفير ويسترسل المياحي فيقول: في الشتاء يصعب مرور السيارات في الشارع الرئيس لذا فان واسطة النقل الوحيدة في المنطقة هي سيارات (الجيب) المصنعة في ستينيات القرن المنصرم ، وحي السفير أنشئ في بداية الثمانينيات من القرن ذاته على هيئة (ملك صرف زراعي) وعلى وفق هذه الصفة حرمنا من جميع الخدمات البلدية والانسانية وحتى من المدارس ، المدرسة الابتدائية الوحيدة تقع في حي العبيدي ، والمدرسة المتوسطة في منطقة الشهداء التي تبعد حوالي كيلو مترين . الشاب ( حيدر شاكر ) صاحب مكتب دلالية في الحي قال : نعمل على مساعدة الفقراء عن طريق تبرعات بعض المواطنين التي غالبا ما تكون بسيطة وبالكاد تسد الرمق ، وفي اليوم المطير تتوقف الحياة في هذا الحي المتهالك ، اذ لا احد يستطيع السير بين ازقته الطينية ، واضرب مثلا : اشقائي بلغوا الان مبلغ الرجال وهم اميون لا يعرفون القراءة والكتابة ، لان المدارس بعيدة والطرقات موحلة في جميع فصول السنة ، ناهيك عن الواقع الصحي المتردي لعدم وجود مستوصف صحي ، اما الكهرباء فحدث عنها ولا حرج ، خصصت للمنطقة اربعة خطوط نفذ منها ثلاثة فقط. يجهلون ممثلهم في المجلس المحلي ويواصل حيدر حديثه فيقول : تم تخصيص صهريجين لتجهيزنا بمياه الشرب غير اننا لا نبصرهما الا مرة في السنة ، وكذلك تخصيص عجلتي حمل لرفع الانقاض والنفايات لا تمران علينا الا مرة واحدة في الاسبوع كما اننا لا نعرف من هو ممثلنا في المجلس المحلي والمنطقة برمتها ( كلش تعبانه ) ، ويستذكر : حينما انتهت الحرب العالمية الثانية ، ارادت اميركا ان تعوض خسارة اليابان ، فطلبت القيادة اليابانية انذاك ان يكون التعويض بناء مدارس لابناء الشعب الياباني ، اما نحن فما زلنا ندفع التعويضات للآخرين الذين ينعم أبناؤهم بالتعليم وبمدارس عصرية تتوافر على كل المتطلبات التربوية والعلمية فمتى يلتفت قادتنا الى ابناء شعبهم المحرومين من كل شيء ومن ابسط متطلبات العيش الكريم . في العراق مواطنون بدون المواطن ( ابو احمد 57 عاما متقاعد ) رفض في بادئ الامر التحدث عن واقع هذا الحي وبعد اخذ وعطاء استطعنا اقناعه بالحديث فقال : رفضت التحدث لعلمي بان الدوائر المعنية لديها اجوبة جاهزة للكارثة الخدمية التي يعيشها المواطن في حي السفير ، سيقولون حتما بان المواطن في هذا الحي ليس له الحق في ان يشرب ماءً صافيا ، او ان تبلط شوارعه وازقته ، او ان ترفع منه النفايات لان اراضيه ( ملك زراعي ) ونسوا او تناسوا بان جميع احياء بغداد كانت أراضي زراعية يوما ما غير ان حكومة الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم اشترتها وملكتها للمواطنين كقطع اراض سكنية . في حي السفير ، المواطن جنب الحكومة مشقة الشراء لما اشترى الارض من ماله الخاص منذ زمن النظام السابق ، وها هو في نظر الجهات المعنية يعد (متجاوزا) ولا يس

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الشرطة المجتمعية: معدل الجريمة انخفض بالعراق بنسبة 40%

طبيب الرئيس الأمريكي يكشف الوضع الصحي لبايدن

القبض على اثنين من تجار المخدرات في ميسان

رسميًا.. مانشستر سيتي يعلن ضم سافينيو

(المدى) تنشر جدول الامتحانات المهنية العامة 

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram