اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > حظنا من نووي ايران

حظنا من نووي ايران

نشر في: 6 إبريل, 2015: 09:01 م

مر يونس بحري في رحلاته العجائبية بمحطات كثيرة أولها الموصل التي ولد فيها، ثم باريس التي عمل مؤذنا في احد جوامعها، وبرلين التي قرر ان يهتف عبر اذاعتها كل صباح "هنا برلين.. حي العرب"، ومرورا بصنعاء وسنغافورة ونجد والكويت وماليزيا وعشرات المدن التي اراد من خلالها ان يستعير شخصية السندباد محلقا في أنحاء العالم، ليستقر اخيرا في بغداد يروي حكاياته مع المئة امرأة التي تزوجها، وعشرات الابناء والاحفاد الذين يهيمون في عواصم الدنيا، لينتهي بعدها وحيدا لا يجد من يدفنه بعد موته، سوى بلدية الباب الشرقي، مع قرار بمنع نشر خبر وفاته في الصحف العراقية، لكن وكالة رويترز كان لها رأي آخر، فخبر عن شخصية بهذا التاريخ الغريب، لا يتكرر الا مرة واحدة في العمر.
يذكر كاتب سيرة الرحالة الموصلي، ان السندباد العراقي بعد ان هده التعب ظل يندب حظه وحظ ملايين العراقيين، فقد كان يؤمن ذات يوم وهو يقف الى جوار هتلر، ان في بلاده عقولا يمكنها لها منافسة الالمان في عقر دارهم، لكنه وهو يحث الخطى الى القبر عام 1979 نظر حوله ، فرأى ان اصحاب هذه العقول يبنون ويرفعون البناء، ثم في لحظة يهدمون كل شيء، لم يكن هذا التشبيه يعجب المقربين منه، كان العراق انذاك في ذروة تطوّره الصناعي والاقتصادي، يملك ثاني اضخم احتياط نفطي، فيما سهوله ووديانه تمتلئ خضرة ونضارة، والبلاد على خطوات من ان تصبح مثل كوريا الجنوبية وماليزيا او سنغافورة.. فهذه البلدان لا تملك النخيل والنفط، الا انها رزقت بمسؤولين عندما تسلموا بلدانهم كانت من بين افقر دول العالم، تنتظر المساعدات من الغرب، لكنها في العام 1979 الذي رحل فيه سائح الموصل، اصبحت تنافس الغرب بصناعة الطائرات والسيارات وتتفوق عليه في الالكترونيات.
كان امام هذه البلدان طريقان اما استلهام تجربة الالمان بعد الحرب العالمية الثانية، واما السير في ركاب الفورهر الذي استبدل شعار الرفاهية بقانون الموت للجميع ، ولاننا امضينا العمر نعيش على كلام السياسة، فقد صحونا عام 1980 على صوت يعلن اننا عدنا لعصر القادسية الاولى، التي كلفتنا اكثر من مليون بين قتيل واسير، واقتصاد ينوء بديون تجاوزت كل التوقعات، صرفنا كل نهضتنا الصناعية والزراعية والاقتصادية على حرب لم تؤد سوى الى رهن مصيرنا بامزجة الاشقاء في الخليج، وقبل ان تنفض الناس عن ظهورها غبار ثماني سنوات من الموت، دخلنا في ليلة مظلمة الى الكويت لنخرج من مسيرة النمو والتقدم، الى مسيرة النعوش، وشعب محاصر، وملايين مشردة في شوارع الغربة.
يقول مايلز كوبلاند صاحب الكتاب الشهير لعبة الامم "ليس بين القواعد السياسية الصحيحة الالتفات الى الماضي بل النظر دوما الى المستقبل لتفقد طريقك"، لكننا نعود الى الماضي، لان اصحاب الحاضر لا يريدون ان يستخلصوا منه الدروس والعبر.. اليوم طهران تجلس مبتسمة امام الشيطان الاكبر، تفاوضه لتنتزع منه مقعدا في نادي الدول النووية، والسلطان اردوغان يفتح ذراعيه لاحتضان روحاني، فيما بلاد ما بين النهرين يراد لها ان تختار اي صور يمكن ان تملأ بها ساحات المدن، الزعيم الايراني، ام السلطان التركي؟ هل تنضم الى عاصفة الحزم ام تقدم الدعم للرفيق علي عبد الله صالح.. نحن ياسادة منذ عقود نحلم بان نصبح مثل الالمان، لكننا في وسط الطريق لم نعرف الفرق بين دولة القانون ودولة العدالة، فاخترنا الاسهل، الهتاف لدول الجوار.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 5

  1. د عادل على

    الاستاد على حسين افلح لما قارن الفيرر ادوف هتر وصدام جسين---الفيرر ويعنى القائد قريب من قائد الضرورة-كلاهما من الجهلاء هتلر كان عريفا في الجيش الالمانى اثناء الحرب العالميه الأولى وكان يريد ان ينتقم من الغالبين-----وصدام لم ينهى الثانويه وأول خطوة سياسي

  2. نسيم

    استاذعلي حسين تحية طيبة بطيبة قلبك ومحبتك للعراق العمود الثامن اصبح منذ اكثر خمسة أشهر العمود المفضل ولأجله انتظره دائماً لقراءة اخر ما تكتب عن حال هذه البلاد التي لانعرف متى نعرف ان الدين لله والوطن للجميع والعراق والعراقيين وليس دين فلان ولا مدينة ف

  3. د. علي الخطيب

    منذ مدة هي ليست بالقصيره فقد هجرت التعليق على كتابات التي اقراها يوميا لبعض الكتاب ومنهم الاستاذ علي واخرون من المدى وبعض الصحف العربيه البارزة الاخرى لكن هذ المقال اطربني ولمسته يمس مشاعري ويدفعني لان ارد عليه وابدي اعجابي به وعلى هذا الاسلوب الراقي من ا

  4. ياسين عبد الحافظ

    شكرا للمقال ايها الكاتب العزيز،علقت على مقالك قبل ثلاثة ايام واجد اليوم رغبة في التصفيق لمقالك اللطيف هذا وابتسامة ارتسمت على وجهى هذا الصباح وانا اقرء مقالك عن المرحوم يونس بحرى . تغيرت المعطيات اليوم اليس كذالك. انه عصر النفط وما انتجته من ثقافة .

  5. ام رشا

    أستاذ علي ..على ذكر النووي الإيراني فقد تعرض المفاعل ألنووي العراقي في سنة 1981 إلى هجوم أدى إلى تدميره بحجة انه يهدد امن إسرائيل علما انه بني للأغراض الطبية العلاجية ومن جهة أخرى ايران تقوم بتخصيب اليورانيوم بكميات تكفي مستقبلا لصناعة قنبلة نووية ويبدو

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: الكهوف المظلمة

الأحوال الشخصية.. 100 عام إلى الوراء

وظيفة القرن: مدير أعمال الشهرة والانتشار

العمودالثامن: ماذا يريدون ؟

العمودالثامن: يا طرطرا.."!

العمودالثامن: 21 عاماً في محبة المدى

 علي حسين إسمحوا لصاحب هذا العمود أن يحتفل مع زملائه بدخول العام الحادي والعشرين لصحيفة (المدى)، وأن يعترف علنًا أنه لم يكن يعرف قواعد اللعبة الديمقراطية جيدًا، ولا يفهم أنظمتها الجديدة التي تشكلت...
علي حسين

في مواكبة الـ (المدى)..

لاهاي عبد الحسين يوافق الاحتفال بالذكرى الحادية والعشرين لانطلاق "المدى" كمشروع ثقافي واعلامي وطني مسؤول مع الضجة التي أحدثها تقديم مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية المرقم 188 لسنة 1959 في مجلس النواب العراقي. هذا...
لاهاي عبد الحسين

الـ (المدى).. رعاية استثنائية للثقافة العراقية

فاضل ثامر عندما بدأت جريدة المدى في الصدور، بعد الاحتلال وتحديدا في 5/8/2003، كنت ضمن كادر محرريها المحدود، حيث اتخذت لها مقراً متواضعاً في شارع فلسطين.. وبقيت أعمل في الجريدة تحت إشراف رئيس تحريرها...
فاضل ثامر

الـ (المدى).. أيقونة الصحافة العراقية

د.قاسم حسين صالح اوجع مفارقة بتاريخ العراقيين هي تلك التي حصلت في التاسع من نيسان 2003،ففيه كانوا قد حلموا بالافراح بنهاية الطغيان، فاذا به يتحول الى بوابة للفواجع والأحزان.فللمرة الأولى في تاريخهم يفرح العراقيون...
د.قاسم حسين صالح
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram